كان أمس يوم المياه من أيام مؤتمر تغير المناخ في مراكش، وبعد المياه يوم الزراعة والمزارعين… إجتماع هام للوزراء المعنيين بالمياه في أفريقيا عقد أمس في يوم المياه، ليشددوا على وضع قضايا المياه على رأس أولويات أعمال المؤتمر COP22، في ظل تزايد التوقعات والوقائع التي تؤكد التأثيرات الجذرية لتغير المناخ على الموارد المائية في العالم عموما وفي أفريقيا وبلدان الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
تسبب تغير المناخ في السنوات الأخيرة بخسائر كبيرة على مستوى المياه، أثرت على الإتزان الطبيعي للمنظومات البيئية والمجتمعات، وأعاقت تحقيق أهداف التنمية المستدامة في كثير من بلدان العالم، وفي مقدمتها الدول الأفريقية. وهذا ما يدعو إلى ضرورة التحرك على المستوى العالمي لاتخاذ إجراءات فعالة وسريعة لمواجهة الآثار المدمرة لتغير المناخ على قطاع المياه.
كان قد شهد مؤتمر باريس العام الفائت زخما قويا لمسألة المياه، وتم تعزيز التأكيد عليها أيضا في المؤتمر الخاص بشأن المياه والمناخ، الذي عقد في الرباط، حيث أعلن نداء الرباط “الماء من أجل أفريقيا”. وكما يبدو من سير المناقشات في أروقة مؤتمر مراكش، هناك توافق على اعتبار المياه التحدي المناخي الرئيس في المؤتمر الثاني والعشرين. للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات التغير المناخي يتم في مراكش اليوم وضع قضية المياه على رأس أولويات جدول أعمال المؤتمر.
يتطلب تكيف قطاع المياه مع تأثيرات التغير المناخي إدماج مقاربة ثلاثية الأبعاد بذكاء وفعالية في السياسات الوطنية، البُعد المالي، وهو بالنسبة للبلدان الفقيرة من أهم الأبعاد كي تتمكن من وضع وتطبيق سياسات التكيف، وبُعْد الإدارة الرشيدة، أو حسن الحوكمة، وهذا البعد أيضا له أهمية حاسمة في البلدان التي تعاني من انتشار الفساد، والضعف على مستوى الإدارة والمؤسسات التنفيذية، وبُعد المعرفة والعلم، وهذا بالطبع حاجة ضرورية، لا يمكن إحداث أي تقدم دون الإستخدام الفعال والذكي للعلوم ومنتجات المعرفة.
مسألة التكيف مع تأثيرات تغير المناخ على الموارد المائية واستخداماتها في كل قطاعات الإقتصاد على المستويين العالمي والوطني، تشكل أولوية مطلقة لمواجهة الجفاف والعطش والفيضانات ودمار المحاصيل، الذي يترافق بخسائر اقتصادية فادحة، ويهدد إستقرار حياة ملايين البشر.
تبدو قضايا المياه أكثر قساوة في المناطق الجافة وشبه الجافة حيث النقص الحاد بكميات المياه، واستنفاذ المصادر غير المتجددة للمياه الجوفية، وحيث تكون تأثيرات تغير المياه على درجة كبيرة من الخطورة، وتشكل تهديدا مدمرا لحياة الناس في هذه المناطق.
تطرح هذه التحديات ضرورة تطوير مناهج مبدعة في إدارة وتنظيم قطاع المياه، لكي يستمر في تلبية الحاجات المتزايدة للقطاعات الإقتصادية وحاجات الناس.