إزدهرت في الآونة الأخيرة، فكرة إنشاء برك جبلية، في العديد من المناطق اللبنانية، نظراً إلى أهمية هذه البرك في عملية الري، سواء الأراضي الزراعية أو الماشية.
وفي هذا السياق، قدّم “المشروع الأخضر” العديد من هذه البرك، من ضمن إستراتجية عمله. فهو يعتبر أن البرك الجبلية التي أنشأها منذ نهاية الستينات، قد أصبحت ظاهرة يمكن الإعتداد بها، وإن تعميم فكرة هذه البرك في المناطق الزراعية، أدت إلى زيادة الإنتاج الزراعي، كما ساعدت المزارعين في جمع مياه الأمطار، التي كانت تذهب هدراً وتخزينها من أجل إستعمالها عند الحاجة.
إن الهدف الرئيسي من البرك الجبلية هو تأمين مورد مائي مستدام، من مياه الأمطار دون الحاجة إلى إستنزاف المياه الجوفية، وذلك من خلال جمع مياه الأمطار، أو بكلمة أصدق وأدق حصادها.
بركة جنعم
إنتشرت البرك التي تم إنشاؤها عبر “المشروع الأخضر”، في مختلف المناطق اللبنانية، ومنها منطقة حاصبيا. تحديداً في شبعا حيث تقع بركة جنعم، وفي كفرشوبا حيث أن البركة لا تزال قيد التنفيذ.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس بلدية شبعا محمد صعب لـ greenarea.info ، “هذا المشروع تم بالتعاون بين المشروع الأخضر وبلدية شبعا “.
ولهذه البرك العديد من الفوائد، هي كما يوضح صعب “تكمن أهمية هكذا نوع من البرك، في أنّها تروي الأراضي البعيدة عن مصدر المياه الأساسي، كذلك تروي الأراضي المحيطة بها، فضلاً عن ري الماشية”.
يتابع “يستفيد من هذه البركة كافة الأراضي القريبة لها والتابعة لبلدة شبعا”.
في السياق عينه، يوضح رئيس المصلحة الفنيّة في المشروع الأخضر، المهندس وليد رشماني لـ greenarea.info “أنّ بركة جنعم تحتوي على 30 ألف متر مكعب من المياه. وهذه البركة تم حفرها ضمن برنامج حصاد، وبتمويل من الإتحاد الأوروبي، الذي أبرم إتفاقية مع المشروع الأخضر، لحفر عشرون بركة في مختلف المناطق اللبنانية، ومن ضمنهم بركة جنعم.”
أهداف البرك
هذه البرك مخصصة لتنفيذ أهداف تتعلق بالري، كما يؤكد رشماني “هذا المشروع مخصص للري فقط لا غير، من ضمنها ري المواشي نظراً إلى طبيعة المنطقة الجبلية، حيث يتواجد فيها الكثير من الرعاة.
وقد تم حفر بركة أخرى في المنطقة في كفرشوبا، ولكن بحجم أكبر يبلغ 45 ألف متر مكعب من المياه”.
وتمتاز هذه البرك، بفائدتها الكبيرة، فكما يوضح رشماني ” يستفيد من هذه البرك وفق حجمها بين الـ 30 والـ 50 مزارعاً، ويتم تحديد المستفيدين من الأراضي والعقارات المالكين قبل عملية التنفيذ، وذلك من خلال اللجان في المنطقة، ومنها لجنة المياه التي تحدد الكمية المسموح بإستخدامها، وفق عدد الدونمات ونوع المزروعات المتواجدة فيها.”
ونظراً إلى ضرورة الحفاظ على أهداف هذه البرك، هناك بعض الشروط التي يجب إتباعها. وفي هذا المجال، يوضح رشماني “يوجد هناك ناطور مسؤول عن البركة، كذلك هناك عداد يتم على أساسه تحديد كمية المياه المستخدمة لكل مستفيد. فعلى سبيل المثال، إذا كان يحق لشخص ما في موسم معين، 400 متر مكعب من المياه، لا يحق له بالمزيد لذا عليه إيجاد مصدر آخر للري إذا كان بحاجة إلى المزيد. أي أن العملية مدروسة وتخضع لشروط محددة”.
آلية العمل
كي تستطيع هكذا أنواع من البرك تحقيق الأهداف المنشودة، هناك العديد من الخطوات التي يتم إعتمادها قبل تنفيذها. وفق ما يوضح رشماني “لدينا فريق إجتماعي إقتصادي مؤلف من ثلاثة أفراد، يواكب تنفيذ البركة بإشراف لجنة مؤلفة من البلدية والمزارعين- حوالي 7 أشخاص- حيث تم تدريبهم على إنشاء إستمارات عن المزارعين المستفدين، تتضمن معلومات عن زراعاتهم وأوضاعهم الإجتماعية”. كذلك “تم الحصول على خرائط بالمساحات المستفيدة، ونوع الزراعات الموجودة، إضافة إلى إنشاء صندوق لوضع رسوم لإستخدام المياه”.
والهدف من هذه الخطوة “أن يعتاد الناس على عدم إستخدام المياه مجاناً، ولو كان الرسم زهيداً، مثلما فعلت عيترون . أما عن أموال هذا الصندوق، فهي تستخدم للصيانة في حال طرأ أي عطل تقني، خاصة وأن هذه البرك مصنوعة من مادة النيلون ، مما يعني إمكانية تعرضها لأي عطل ، قد يؤدي إلى تسريب المياه تحت النيلون، الأمر الذي يستوجب إشراف اللجان بشكل دوري” .
يضبف ” إذ أنّه لا يمكن الإتكال على البلدية لأن المزارع لا يستطيع الإنتظار، وقد لا يتوفر المال الللازم في البلدية، أو الخبرة الأمر الذي يؤخر عملية الإصلاح”.
لجان مسؤولة
نظراً إلى دقة هذه البرك، والخطر الناتج عن أي عطل طارىء، فإن متابعتها أمر حتمي، إذ يقول رشماني “تم توكيل لجنة من مسؤليتها توزيع المياه، والقيام بأعمال الصيانة، إذ أنّ أي عطل في البركة يكون خطيراً، وقد يؤدي إلى إنفجار السد، لذلك يجب إصلاحها بشكل فوري”.
يتابع “بناءً عليه، تم وضع الصندوق، ولكن يترك للّجنة حرية تحديد الرسم المطلوب. فمثلاً في إهمج يتم دفع 1500 ليرة لبنانية للمتر الواحد، إذ منذ ثلاث سنوات يستفيد المزارعون من البركة، وقد أصبح المبلغ في الصندوق حوالي 22 مليون ليرة”.
سيتم تنفيذ عشرون بركة من هذا النوع في مختلف المناطق اللبنانية، ويبدو أنّ للجنوب حصة منها، حيث يوضح رشماني ” الحصة الكبيرة من المشاريع تتركز في المناطق الجنوبية، وهي : شبعا، كفرشوبا، بنت جبيل، عيتا الشعب، عيترون، مجدل سلم، فضلاً عن مناطق أخرى في عكار وبعض المناطق الجبلية”.
ويختم رشماني بالقول ” أنّ المشروع الأخضر يلّزم ويشرف على عمل هذه البرك، وتتم المناقصات بالإشتراك مع إستشاري من شركة بكل شفافية. كذلك يتم تقديم الدراسات التي تقوم بها شرك كبيرة، مثل خطيب بو علمي مصطفى فواز .. وغيرها . أما الأموال فيتم الحصول عليها من قبل مجلس الإنماء والإعمار، فهو الوسيط بين المشروع الأخضر والجهة الممولة”.