حددت معظم دول العالم، بداية العام الدراسي الجديد خلال الاسابيع المقبلة، تحديداً في نهاية أيلول/ سبتمبر. ولكن إلى أي مدى يمكن إعتبار هذا القرار صحيحاً، في ظل إستمرار تفشي كوفيد -19، في معظم دول العالم وبشكلٍ كبيرٍ. ناهيك عن أن هناك الكثير من الدول التي لا تملك الإمكانات المادية لتحقيق كافة الإجراءات الوقائية المطلوبة، فضلاً عن غياب الوعي الكافي لدى شعوبها؟؟
ووفقا لبيانات إغلاق المدارس الصادرة عن البنك الدولي ، فإن المدارس في 76 بلدا، نصفها تقريبا في أوروبا وآسيا الوسطى، قد أعيد فتحها أو من المتوقع إعادة فتحها بحلول شهر أيلول/سبتمبر. ووفقاً للبلدان أيضاً التي اشتركت في المسح، الذي أجراه البنك الدولي واليونسكو واليونيسيف، بشأن الاستجابات الوطنية للتعليم التي أُنجزت في يونيو/ حزيران. فتشير النتائج إلى أن أكثر من 95% من المشاركين كانوا يخططون لإعادة فتح المدارس، وعلى هذا النحو، يكثفون أيضاً من السياسات والتدخلات لتجنب زيادة العدوى.
مما لا شك فيه، إن إيجاد التوازن بين التعلم والسلامة أمر صعب. لذا فإنّ بعض البلدان تبدأ السنة الدراسية معتمدة فقط على التعلم عن بعد؛ أو استخدامه كمكمل للتعلم المباشر.
وكمقياس للتخفيف من أثر إغلاق المدارس على التعلم، ولدعم أعداد الطلاب فيها، انتقل أكثر من 160 بلداً إلى نوع من أنواع التعلم عن بعد بحلول نهاية مارس آذار 2020. فيما يقدر معهد الأمم المتحدة للإحصاء والاتحاد الدولي للاتصالات ITU ، أن 40% من الطلاب الذين أغلقت مدارسهم اليوم ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت.
لذلك ولمعالجة هذه الثغرات، اختارت معظم البلدان نُهجاً متعددة الوسائط تشمل التكنولوجيا العالية، والتكنولوجيات المنخفضة و/أو التقليدية القائمة على النشر الورقي. في حين أنّه، و لزيادة إمكانية الوصول، تقوم بعض الحكومات بتوزيع أجهزة رقمية وتحسين خيارات الاتصال.
كذلك ومن بين التدابير التي يمكن أن تنظر فيها البلدان تعزيز التهوية السليمة، وتوفير مرافق لغسل اليدين وغير ذلك من تدابير التعقيم داخل المباني المدرسية وتثقيف الناس على استخدامها، فضلا عن وضع توجيهات واضحة بشأن ما إذا كان يلزم استخدام معدات الحماية الشخصية والظروف التي ستنشأ فيها. بينما يتساءل الكثيرون عما إذا كان من الممكن للمعلمين ارتداء الأقنعة في جميع الأوقات، وبلدان مثل فرنسا تطلب منهم استخدام الأقنعة عندما يكونون على مسافة تقل عن متر واحد من الطلاب، في حين أن إنجلترا تفكر في عدم طلب استخدام الأقنعة على الإطلاق.
وتجدر الإشارة في هذا السياق، إلى أنّ أكثر من مليار طالب (حوالي ثلثي المتعلمين في العالم)، في أكثر من 110 بلدان لا تزال تتأثر بإغلاق المدارس، وقد لا يرون فصولهم الدراسية لبعض الوقت. وسيكون لذلك أثر ضار على تحصيل الطلاب في المدارس وتعلمهم، وعلى تراكم رأس المال البشري في جميع البلدان.
وحسب تقديرات البنك الدولي، يمكن أن يؤدي إغلاق المدارس حتى الآن إلى فقدان 0.6 سنة من التعليم بعد تعديله حسب الجودة، مما يؤدي إلى خفض السنوات الفعلية من التعليم الأساسي التي يحققها الأطفال خلال حياتهم المدرسية من 7.9 إلى 7.3 سنوات، مما يؤدي إلى فقدان مليارات الدولارات من الأجور المستقبلية.
أما على صعيد لبنان فهو من الدول التي قررت اعادة فتح المدارس، نهاية شهر أيلول/ سبتمبر على أن يكون جزء من العام الدراسي وفق تقنية “التعلّم عن بعد”، الأمر الذي يطرح سؤالاً جدياً في هذا المجال. فوفق أي أسس أو إعتبارات إتخذت الحكومة هكذا قرار، ومعظم اللبنانيون فاقدون لبيوتهم وأملاكهم، بل هم مشردون هنا وهناك نتيجة “إنفجار الإهمال”؟ ناهيك عن الوضع الاقتصادي الصعب الذي كان سائداً وتفاقم أكثر فأكثر. ولا ننسى الأرقام المخيفة لإصابات كورونا – بغض النظر عن الأسباب – وأخيراً أين هي حكومة لبنان من الإجراءات الوقائية الواجب إتباعها عند عودة المدارس ؟