“انا طردت من بلدي رغما عني .. انا لا احب ان اهاجر و عائلتي في مكان اخر كل ذلك بسبب الظروف القاسية التي يعيشها البلد من ازمات اقتصادية حادة لقد خيرونا من الموت جوعا في البقاء في لبنان او نموت قهرا خارجه في ظل غياب اي حوافز اجتماعية تبعث فينا الشعور بالامان و الاستقرار و لكن كيف في ظل ارتفاع الازمات النفسية التي تسيطر على حياتنا سواء تزايد الشعور بالقلق الى حد الاكتئاب و الانهيار العصبي ..تلك التعابير كثيرا ما يتم تدوالها بين اللبنانيين وسط خيبة الامل المصابين بها حيث كل الانظار الى الهجرة وسط ظروف معيشية صعبة بدل الصراع للبقاء فما هو الحل ؟
الخطوة المدروسة
هل تعلم ان نوبات القلق، أوجاع الرأس، الكوابيس… عوارض غالبا ما تكون رفيقة درب المهاجرين خلال رحلاتهم الشاقة، وهي أعراض قد تشكل أمراضا نفسية تؤدي إلى الانهيار النفسي أو العصبي، ولا يخفف من وقعها الوصول إلى بلدان الهجرة. كما ان العذابات النفسية التي يعاني منها المهاجرون على طرقات الهجرة، موضوع لا يشكل الحديث عنه حدثا جديدا، لكن الملاحظ أن القليل من الناس يتكلمون عنه. ولا يخفف من وقع تلك العذابات وصول المهاجرين إلى بلدان الهجرة.مما يطرح السؤال نفسه : ما هي أهمية المتابعة النفسية للمهاجر ؟
امام هذا الواقع الاليم من استنزاف مستمر لهجرة باعداد هائلة وما تركت من اثار نفسية جمة يرافقها القلق على المصير مما لا بد من حلول مساعدة حاول شرحها بالتفاصيل الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور وائل سلامة ل greenarea.info: “ان الهجرة منقسمة منها داخلية و خارجية حيث ان هذه الاخيرة تأتي نتيجة تراكمات عدة فضلا عن المشاكل الاقتصادية بدءا من احداث ثورة 17 تشرين 2019 الى وباء الكورونا و ما نتج عنها من اقفال المحلات و شركات وصولا الى انفجار 4 اب ما نتج عنه من هجرة داخلية حيث اضطر300 الف لبناني الى النزوح داخليا في لبنان خصوصا من مناطق كل من الرميل ومارميخايل و مرفا بيروت مما اضطر قسما منهم الى السكن في بيوت خارج المنطقة و القسم الاكبر من الناس اضطروا الى السكن عند الاخرين سواء عند الاقارب ام الاصدقاء حيث قدموا لهم بيوتهم و مساعدات من دون ان ننسى المشاكل النفسية التي فرزتها الهجرة كون اللبناني وصل الى مرحلة اليأس و فقدان الامل على سبيل المثال كم من اطباء في لبنان اضطروا اليوم الى الهجرة ليس فقط اقتصاديا بل نتيجة التعب النفسي افرزته الحالة الصعبة التي نعيشها و الامر نفسه لدى شريحة مهمة من اللبنانيين المنهمكة اجتماعيا و نفسيا يلجأون في البحث على فرص عمل في الخارج لان بات اللبناني يفكر اكثر من قبل عن المستقبل له و للاولاده .”
و تابع الدكتور سلامة :” هناك فرق بين انسان الذي يهاجر بارادته و الذي يهاجر رغما عنه و الاسباب متعددة تختلف في الظروف بين انسان و اخر او اما للاسباب الاجتماعية نظرا لميولهم الجنسي كون المجتمع اللبناني لا يتقبلهم مما يقرروا الهجرة او لاسباب دينية ليس لها علاقة بالاقتصاد او بالطبقة الاجتماعية بمعنى قد يكونوا اشخاصا مرتاحين ماديا انما للاسباب خاصة دفعتهم الى الهجرة و الاسوء في ذلك ان اللبناني اليوم يضطر ان يهاجر لاسباب عدة يترك بلده ليس لانه مرتاحا فيه او لا يحبه انما لشعوره بالقرف اجبره على ذلك لانه لم يعد يمثله بلده لان هنك طبقة سياسية تفرضه عليه لذلك باتت اليوم الاسباب التي ترغمه الى الهجرة مختلفة عما هي قبل عندما يكون هو يريد ان يترك لبنان بحد ذاته مما لا شك ان لها تداعيات نفسية ستسبب بمكان معين الصدمة كون هناك فرق بين الانسان الذي يهاجر بارادته و الذي يهاجر رغما عنه لذلك عندما يكون في بلاد الاغتراب سيفكر مليا للدوافع التي جعلته ان يهاجر مما يشعر الكثير من الاحيان بالصدمة الاجتماعية فبدل ان يكون مندفعا نجده يتراجع خطوة او خطوتين الى الوراء و هنا و دورنا اساسي كمعالجين نفسيين ان نشجع الناس ان تفكر باي خطوة الى الهجرة قبل ان يتخذونها .”
اصعب مرحلة فقدان الامل
الا ان الاختصاصية في اللايف كوتشينع التدريب على القدرات الذاتية الدكتورة رولا صوان اكدت عبر ل greenarea.info بانها اصعب مرحلة يمر بها اللبناني اليوم وسط ازمات اقتصادية خانقة في ظل خيبة الامل التي باتت هي المسيطرة في البقاء في بلدلم يعد يستطيع ان يقدم لشعبه اي من حوافز البقاء مما قالت :” ان دورنا مهم في رفع المعنويات لدى اي شخص يعاني من ازمات نفسية الا ان الاهم ان يكون هو بنفسه يرغب في التغيير بمعنى تغيير في تفكيره لاننا في مرحلة فقدان الامل و هذا صعب جدا للغاية حيث ان هناك حالات نفسية نستطيع ان نقدم لها المساعدة و في حالات اخرى تتطلب الى معالج نفسي اكثر منه من المدرب على القدرات الذاتية خصوصا في ظل مايحصل على ارض الواقع من ازمات اقتصادية و اجتماعية صعبة في ظل غياب اي بادرة امل حيث ان الناس باتوا يحتاجون اكثر الى الاستقرار في ظل غياب الامل و التعب النفسي فضلا عن المراحل الصعبة التي مربها الناس الذين عاشوا الازمات من فقدان ما ملكته او خسارة قريب وسط جوّ من الحزن العميق مما علينا ان نشدد على ان هذه مرحلة تمر و علينا ان نعرف كيف نتعاطى معها بوعي كاف لتخطيها بسلام .”
الهجرة القاسية و المجتمع العجوز
في المقلب الاخر يبقى السؤال ما هو البعد الاجتماعي للهجرة في حال استمرت بهذه الوتيرة التي هي الى تصاعد مما كان للاختصاصي في علم الاجتماع الدكتور عبدو قاعي رايأ في هذا الخصوص عبر ل greenarea.info مما قال:” يشهد لبنان دائما موجات من الهجرة عندما تحصل الازمات انما اليوم بفعل الازمة الاقتصادية الكبيرة التي يمر بها لبنان فهو معرض اكثر للهجرة بشكل كتير وبطريقة قاسية لان الذي نعيشه وسط قلق كبير على المصير حتى وصلنا بنا الى هجرة شريجة من الشباب بشكل مخيف و صار المجتمع عجوزا” بفعل الواقع المؤلم .اما في ما يتعلق بالهجرة الداخلية فهي تتعالج مستقبلا .”