تعتبر أزمة النفايات الصلبة أحد مشاكل لبنان المستعصية، التي بحاجة الى دعم وتخطيط لتنفيذ الاجراءات المطلوبة، في هذا الاطار تم تقديم منحة جديدة له بقيمة 8.86 مليون دولار أميركي ، تهدف الى الحد من الانبعاثات الضارة الناتجة عن الحرق العشوائي للنفايات الصلبة، وتحسين إدارة هذه النفايات على مستوى البلديات بما في ذلك إعادة تدويرها واستخدامها كسماد، والحد من تعرض السكان في شمال وجنوب البلاد للمواد الخطرة.
بناءً عليه، تم توقيع اتفاقية مشروع الحد من الإنبعاثات العضوية الثابتة عبر إدارة النفايات، في إطار اقتصاد دائري من جانب معالي وزير البيئة اللبناني الدكتور ناصر ياسين ومدير دائرة المشرق في البنك الدولي جان كريستوف كاريه.
ويُموّل هذا المشروع صندوق البيئة العالمي، وهو أكبر مُموّل في العالم لمشاريع حماية التنوع البيولوجي، وتأهيل الموارد الطبيعية، والحد من التلوث، والتصدي لتغير المناخ في البلدان النامية.
يُواجه لبنان تحديات بيئية حادة منذ ما قبل الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية. وقد بلغت التكلفة السنوية للتدهور البيئي عام 2018 حوالي 4.4% من إجمالي الناتج المحلي – أي ما يعادل نحو 2.39 مليار دولار أميركي.
ومنذ ذلك الحين، تفاقمت الأوضاع حيث شهدت البلاد تدهوراً شديداً في مستوى الخدمات العامة الأساسية، فضلاً عن زيادة في مستويات التلوث، ومزيداً من الاستنزاف في الموارد الطبيعية. ويتمثل تراجع أداء قطاع النفايات الصلبة بصورة واضحة في التراجع الهائل في مستويات الخدمات، حيث يتم حالياً معالجة أقل من 8% من النفايات المنزلية، ويتم رمي أكثر من 40% من هذه النفايات في مكبات عشوائية، وهناك التزام محدود بالتسلسل الهرمي في التعامل مع النفايات الصلبة، التي تولي الأولوية لخفض النفايات وإعادة استخدامها وإعادة تدويرها وتحويلها بدلاً من التخلص منها.
في هذا السياق، قال جان كريستوف كاريه، مدير دائرة المشرق في البنك الدولي: “على الرغم من التحديات المتزايدة، حقق لبنان تقدماً في وضع أساس قانوني متين للإدارة المتكاملة للنفايات الصلبة ووضع مسودة إستراتيجية وطنية تستند إلى مبادئ الاقتصاد الدائري. وفي المرحلة القادمة، على لبنان وضع أسس متينة للحوكمة البيئية من خلال تنفيذ إصلاحات قطاعية للمحافظة على الموارد الطبيعية وضمان الاستدامة المالية للاستثمارات في مشاريع البنية التحتية، لا سيما تلك التي تساهم في خلق فرص عمل خضراء.”
وعلى مدى السنوات الماضية، شهد لبنان زيادة في معدلات رمي النفايات الصلبة وحرقها في المكبات العشوائية، وذلك بصورة مستمرة. وينتج عن ذلك انبعاثات شديدة الخطورة (إنبعاثات عضوية ثابتة غير مقصودة- UPOPs)، بالإضافة إلى المخلفات التي تتسرب إلى المياه والأراضي. ويهدف المشروع إلى معالجة العوائق، التي تحول دون الحد من الانبعاثات الناتجة عن سوء إدارة النفايات الصلبة، والحرق العشوائي والحد من آثارها على الصحة العامة والبيئة بشكل عام.
كما يهدف المشروع إلى تعزيز السياسات البيئية، وبناء القدرات، وتعزيز التخطيط طويل الأجل لتطبيق نهج الاقتصاد الدائري في إدارة النفايات الصلبة. كما سيعمل على مكافحة رمي النفايات الصلبة المنزلية في المكبات العشوائية التي يتم حرقها بشكل دائم في مناطق محددة في شمال لبنان وجنوبه. وسيحقق هذا المشروع منافع مباشرة لسكان المناطق المحيطة بالمكبات العشوائية الذين يتعرضون لمخاطر تلوث الهواء والمياه والمواد الغذائية.
ومن جانبه، قال معالي وزير البيئة اللبناني الدكتور ناصر ياسين، “في إطار المشروع، سيتم مكافحة المكبات العشوائية في مناطق محددة في شمال لبنان وجنوبه عبر تطوير منظومات النفايات الصلبة في هذه المناطق الخدماتية. كما سيتم إجراء دراسات مفصلة لمختلف المناطق ومواقع التخلص من النفايات الصلبة القابلة للتحسين، وذلك لتأكيد الجدوى الفنية والمالية والمؤسسية للأنشطة المزمع تنفيذها ضمن استراتيجية وزارة البيئة للوصول الى ادارة متكاملة للقطاع. ونحن نتطلع إلى المضي قدماً في تنفيذ هذا المشروع الذي يأتي مكملاً لتعاوننا القائم مع البنك الدولي في مجال إدارة النفايات الصلبة في مناطق خدماتية أخرى، ومنها بيروت والمتن والحوض الأعلى لنهر الليطاني.”