هل كان ثمة من يتصور أن تعقد ثمار «الجوافة» على ارتفاع 800 متر، وأن تثمر شجرة «الافوكادو» و»الاكي دنيا» وأنواع كثيرة من الليمون؟
فخلال السنوات العشر الماضية تخطى الأمر في المناطق الجبلية، ما يمكن توصيفه بالظاهرة العابرة بعد أن استقر المناخ على حالة شبه ثابتة. فعمد مزارعون إلى زرع أنواع مختلفة من الاشجار الساحلية، حتى الاستوائية، ليفاجأوا أن الأزهار لم تتساقط بفعل البرد، وأن الثمار الصغيرة المعقودة راحت تنضج ولم «يحرقها» الصقيع. وهكذا، أصبحت تنتج وتسوّق أصنافاً جبلية من «الكيوي» و»الأكي دنيا» و»الأفوكادو» والحمضيات.. وغيرها.
وكانت الصدمة في الشتاء الماضي حين أتى الصقيع على المواسم وتكبد المزارعون خسائر لا تُعوض، فيما موجة الصقيع المستمرة منذ أيام، مع تدني الحرارة ما بين 4 و7 درجات تحت الصفر، تنبئ بخسارة المواسم هذه السنة أيضاً.
وتقول الخبيرة في المحاصيل الزراعية ديانا مروش أبو سعيد: «لطالما حذرنا من ظاهرة اعتدال المناخ التي بدأت منذ سنوات. ولاحظنا في الجبل انواعاً من الفاكهة في غير بيئتها الطبيعية. لكن انخفاض درجات الحرارة أصاب أشجاراً غير متأقلمة مع تغيرات المناخ الحادة. وهكذا «تعرضت الأشجار خلال الأيام القليلة الماضية لـ»صدمات فيزيولوجة« بحيث تفقد القدرة على مواجهة ظروف المناخ والاحتفاظ بثمارها«.
وفي عاليه والمتن الاعلى، أتت الثلوج المترافقة مع الصقيع على المواسم من الزراعات البديلة. ويرى سامي زين الدين أن «تغيرات كثيرة شهدناها. فأشجار الاكي دنيا التي كنا نزرعها للاستفادة من اوراقها كنوع من الدواء الطبيعي لتخفيض نسبة السكر في الدم، أصبحت شجرة مثمرة«.
وشددت مروش على أن «المطلوب إعداد دراسات وافية لتعديل الروزنامة الزراعية تبعاً لعوامل المناخ»، لكنها «حذّرت من اعتماد زراعات بديلة تكون عرضة للتلف نتيجة عامل الطقس بمعنى أنه لا يمكننا من الآن استشراف المستقبل ما يؤكد أن ثمة ضرورة لملاقاة المزارع بالدعم والمساعدة والارشاد والتوجيه«.
