أسئلة كثيرة تطرح نفسها ويفترض ملاقاتها بأجوبة، أو على الأقل بما يمهد لأجوبة، فكم مرة يتم تدوير قطعة من البلاستيك والزجاج والكاوتشوك والكرتون؟ وهل تحترم شركات التدوير في لبنان معايير الحوكمة البيئية من استهلاك رشيد للمياه والطاقة مثلاً؟ وهل ثمة حماية لحقوق العامل والموظف داخل هذه الشركات؟ وهل هناك حماية للموقع والمجتمع القريب منها؟ ثم ما هي الضوابط والروابط مع السلطات اللامركزية والمركزية؟ وأخيرا هل هناك حوافز وضرائب خضراء؟
وسط هذه الأسئلة، ثمة مخاوف بدأت تفرض نفسها مع بداية نشوء “المافيا الخضراء للرسكلة”، وسط ما نشهد ونسمع من صراخ بدأ يعلو من قبل أشخاص تحمّسوا للفرز، فيما بعض البلديات قد بدأت الفرز فعلا، لكن للأسف، دون دراسة السلسلة الكاملة التي تسمح بتكوّن ما يسمّى بالإقتصاد الدائري!
ما هو صادم في هذا المجال، أن البعض بات همّهم الوحيد الرسكلة والرأسمال الأخضر وتغيير نظام كل شيء، في غياب أية معايير بيئية، هم “يطمحون” لتوظيف الأزمة في لبنان عبر رفع شعار الفرز والتسبيخ لأغراض سياسية، حتى أن موضوع الفرز بات لازمة لدى اللاهثين وراء موقع ودور من بيئيين ومتطفلين على البيئة!
أما في موضوع التسبيخ، بما هو محسّن للتربة من خلال تحويل المواد العضوية وفضلات الأكل إلى سماد عضوي، فحبذا لو نتعرف على جذور المسألة الزراعية بلبنان، وهي كارثة الكوارث، بَدَلا من أن نلتهي في “الداون تاون”، وبالرسكلة والتسبيخ والرأسمال الأخضر!
وفي هذا المجال، نطلب من الجميع الأخذ – وكما أشرنا منذ بدايات الأزمة الكارثة، وقبل قبول أي طرح أو رفضه – بمبدأ التثليت triangulation، أي الولوج للمعلومة بالطريقة العلمية من ثلاثة مصادر موثوقة علميا.
أما عن المصادر التي أعتمدها كمراجع، فهي ثلاثة مراجع في لبنان: الجامعة الأميركية في بيروت AUB، مجموعة الإتحاد الأوروبي وتمويلها لمشاريع OMSAR والمجلس الوطني للبحوث العلميّة، واثنتان في أوروبا، وهي الوكالة المسؤولة عن إدارة النفايات بكتالونيا – اسبانيا، ونفذت مشاريع ناجحة ومستدامة على أرض الواقع، وجامعة الـ AUB Autonomous University of Barcelona.
لسنا في هذا المجال مبتدئين، ولا نحاول أن نلقن الأمور لأي كان، بل نحاول وضع المعلومات بين أيدي العامة والمختصين بهدف تصويب المسار والوصول إلى حلول مستدامة وثابتة، تقف بمواجهة من يحاول تسييس ملف النفايات أو السعي لتحويله إلى وسيلة للكسب السريع عبر المحاصصة والمتاجرة ببيئتنا وصحة مواطنينا.
* استشاري في مجموعة معرفة للتنمية المستدامة
أن الاراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
