أنور عقل ضو

إن مجتمعاً لا يتقبل أفراده النقد مآله الخراب، إذ ليس ما هو أصعب ساعة يضيق هامش التعبير حتى حدود طموحات فرد أو مجموعات قليلة، جلَّ طموحهم الاتكاء على أوجاعنا ليستأثروا بالمنابر ويحتلوا شاشات التلفزة، ومن حقنا أن نسأل: هل ثمة ما دمَّر الحراك الشعبي غير التنازع على المواقع تحت شعارات جاذبة، عنوانها معاناة الناس واتخاذها منصة لـ “عرض العضلات”، ما ساهم في تفريخ تجمعات وهيئات ساهمت بتفريغ الحراك من محتواه، وحرفت مساره في اتجاه الشخصانية والتفرد والانعزال؟
مع اشتداد أزمة النفايات، يوم استشعرنا مواطنَ الضعف في بنية الحراك التنظيمية والمطلبية، كتبنا من على هذا المنبر “نستودعكم أحلامنا”، لأننا في تلك اللحظة استشرفنا ما سيؤول إليه الحراك من تشرذم، فهل كنتم على مستوى ثقة ناسكم وأهلكم؟ ومن ثم ألم تسدوا للسلطة خدمة ما كانت لتحلم بها حين سقطتم في صراعات ضيقة، فأدارت لكم الظهر وأمعنت في مشاريعها وصفقاتها وصولا إلى ترحيل النفايات؟
إن ما نواجه الآن من تحديات يفترض إجراء دراسة نقدية لمسار الحراك، دون أوهام أن القيمين عليه هم من حمل الناس إلى ساحة الحرية في آب (أغسطس) الماضي، والحقيقة أنهم تحركوا بدافع من ألم ومن رفضهم لسياسة الدولة، ورأوا في اندفاعة الشباب – قبل أن تلجمها المصالح والأهواء – بعضا من أحلامهم الذاوية قبل أن يتفرقوا زرافات ووُحدانا.
وفي السياق عينه، أين الجمعيات البيئية؟ ولماذا لم تتمكن من مراكمة رأي عام لصالح قضايا البيئة والصحة من خاصرة أزمة النفايات الماثلة منذ سبعة أشهر ونيف؟ وإذا ما أخذنا عدد هذه الجمعيات فيجب على الأقل أن تكون قادرة على حشد المئات من أعضائها كي لا نقول المؤيدين والمريدين!
لا نعمِّم، فثمة بيئيون قادوا وما زالوا من مواقعهم معركة فضح السلطة وممارساتها، وجمعيات حلقت وتمكنت من الاحاطة بمكمن الوجع، لكن ذلك وحده لا يكفي، فالمطلوب بلورة مشروع تأسيسي لقيام “لوبي بيئي”، بعيدا من الارتجال العفوي، حتى وإن كان صادقا، فالأمنيات الكبيرة تتطلب بناء جسر من الثقة والأهداف الواضحة، يمكننا من العبور إلى دولة المواطنة، وعلى أنقاض دولة الطوائف.
إن لوثة الفساد طاولت معظم مكونات المجتمع الأهلي، حتى بات صورة مصغرة عن السلطة السياسية في حضورها الطائفي والمناطقي والمذهبي، وهو حضور مقيت وملتبس، ولكن أملا يبقى في أن نقدمَ العام على الخاص، والشروع في صياغة مشروع أهلي إنقاذي يلحظ العثرات والنواقص، ليكون على حجم تطلعات الناس وحقهم في حياة كريمة!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This