قدم لبنان مساهماته في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ UNFCCC، وذلك ضمن سلسلة تقارير في إطار البلاغ الوطني الثالث إلى مؤتمر الأطراف (COP)، ومن بينها تقرير حول غازات الدفيئة الوطنية في القطاع الصناعي في لبنان، خلال الفترة من 2006 إلى 2011.
أصدر التقرير فريق إدارة التغير المناخيThe climate change project management team في وزارة البيئة اللبنانية، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وبتمويل من مرفق البيئة العالمية GEF.
لحظ التقرير عدم ضم بعض فئات مصادر الإنبعاثات من غاز الأمونيا والمعادن في قوائم جرد غازات الدفيئة، وذلك بسبب غياب هذه الأنشطة الصناعية في لبنان، ولم يتم احتساب مساهمة إنتاج الأسمدة الفوسفاتية، القهوة والهالوكربونات نظرا لعدم وجود بيانات لهذه الأنشطة.
وتم تقدير انبعاثات غاز الاحتباس الحراري (غازات الدفيئة) باعتماد عملية حسابية، وذلك باستخدام الخطوط التوجيهية المنقحة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لعام 1996بشأن عمليات الجرد الوطنية لغازات الإحتباس الحراري، ودليل الممارسات السليمة في عمليات الجرد الوطنية لغازات الإحتباس الحراري، فضلا عن درجة عدم اليقين في تقديراتها. وتم اعتماد المبادئ التوجيهية الأولى لمنهجية المستوى للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC) في احتساب الغازات الدفيئة لكافة فئات التقارير باستثناء إنتاج الإسمنت، حيث تم احتساب الغازات الدفيئة باعتماد منهجية المستوى الثانية.
الإسمنت السبب الرئيسي للانبعاثات
أما الغازات الدفيئة الأساسية المنبعثة فكانت ثاني أوكسيد الكربون إضافة إلى السلائف الأساسية وهي ثاني أوكسيد الكبريت SO2 والمركبات العضوية المتطايرة غير الميثانية (NMVOCs).
وصل إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة الناجمة عن القطاع الصناعي في لبنان في العام 2011 إلى 584,2 جيغاغرام من مكافئ equivalent ثاني أوكسيد الكربون.
أما المصادر الأساسية لانبعاثات الغازات الناجمة عن القطاع الصناعي في العام 2011 فكانت ثاني أوكسيد الكربون الناجم عن صناعة الإسمنت وبحجم 578.2 جيغاغرام، أما ثاني أوكسيد الكبريت فبلغ 2 جيغاغرام، أما إنتاج الجير فساهم بـ 3 جيغاغرام من ثاني أوكسيد الكربون، و4 جيغاغرام من ثاني أوكسيد الكربون الناجم عن استخدام رماد الصودا، وشكلت المركبات العضوية المتطايرة غير الميثانية الناجمة عن التسقيف وتعبيد الطرق بمادة الإسفلت ومجالات إنتاج المأكولات والمشروبات مجتمعة 41 جيغاغرام.
وفي العام 2011، شكل ثاني أوكسيد الكربون الناجم عن صناعة الإسمنت نسبة 99,76 بالمئة من ثاني أوكسيد الكربون المنبعث من القطاع الصناعي. وأما مساهمة إنتاج الجير في الانبعاثات الصناعية لثاني أوكسيد الكربون فكانت بنسبة 0,12 بالمئة فقط.
وبشكل عام، ارتفعت الانبعاثات الناجمة عن القطاع الصناعي في العام 2011 مقارنة بالعام 2000. وارتفع إجمالي انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناجمة عن القطاع الصناعي بنسبة 31,7 بالمئة من العام 2000 وحتى 2011. وأما صناعة الإسمنت فكانت المساهم الأساسي في زيادة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، وحتى العام 2011، شكلت نسبة 36,5 بالمئة عن العام 2000، وذلك نتيجة ازدهار أنشطة البناء في لبنان. وارتفعت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناجمة عن إنتاج الجير بنسبة 33,33 بالمئة خلال الفترة ذاتها.
نظرة عامة
أجرت وزارة الصناعة (MoI) بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “اليونيدو” UNIDO في العام 2007، المسح الصناعي الوطني، وقد بين المسح وجود 4033 منشأة يعمل لديها ما لا يقل عن 5 عمال، وتمدها مؤسسة كهرباء لبنان (EDL) بما لا يقل عن 50 أمبير أو ما يعادلها، وتستفيد من شهادات صناعية صادرة عن وزارة الصناعة، 61،7 بالمئة منها أنشئت بين عامي 1990 و2007، مما يصنف القطاع الصناعي اللبناني كقطاع حديث نسبيا.
وينقسم القطاع الصناعي اللبناني نسبيا إلى 15 فئة فرعية مختلفة منها 10 فئات تمثل 86.1 بالمئة من إجمالي القطاع. وأهم هذه القطاعات الصناعية الرئيسية هي صناعة المأكولات والمشروبات، المنتجات المعدنية اللافلزية (بما في ذلك الاسمنت ومنتجات الاسمنت والحجارة)، وقطاعات منتجات المعادن المشكلة. وتشمل القطاعات الناشطة الأخرى الصناعات الكيميائية، صناعة الأثاث وصناعة الآلات الكهربائية.
وفي العام 2007، شكلت 10 من هذه القطاعات الرئيسية 90،7 بالمئة من إجمالي عائدات القطاع الصناعي، ويعمل فيها 87,3 بالمئة من القوى العاملة، وحققت 94,6 بالمئة من الاستثمارات الصناعية السنوية.
وكان إجمالي مساهمة القطاع الصناعي (4033 مؤسسة صناعية) 6،8 مليار دولار في العام 2007، وتصدرت صناعة المأكولات والمشروبات القطاع الصناعي بنسبة 18،2 بالمئة، يعمل فيها 24،9 بالمئة من القوى العاملة، وتساهم بـ 26،9 بالمئة من العائدات، تلتها المنتجات المعدنية اللافلزية بنسبة 15،1 بالمئة من القطاع، ويعمل بها 13،3 من القوى العاملة وساهمت بنسبة 11،7 بالمئة من القيمة المضافة.
وأشار التقرير إلى احصاء تم إجراؤه في العام 1998، شمل 5802 مؤسسة صناعية توظف أكثر من 4 عمال، بإنتاج صناعي إجمالي يناهز 3،1 مليار دولار أميركي، وارتفع هذا العائد ما بين الأعوام 1998 و 2007 بمعدل 115 بالمئة، مع أن مساهمة قطاع المأكولات والمشروبات وقطاع الصناعات المعدنية اللافلزية إنخفضت من نسبة 28 بالمئة و14 بالمئة على التوالي (إلى 26،9 بالمئة و 11،7 بالمئة في العام 2007).
وعلى الرغم من الزيادة الملحوظة في الناتج الصناعي الإجمالي، ومعدل النمو الصناعي، فإن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) انخفضت خلال السنوات من 1995 إلى 2010، نظرا لعدم الاستقرار السياسي في المنطقة، وانخفض معدل النمو الصناعي بنسبة 3 بالمئة مقارنة بنسبة 13 بالمئة في العام 2007. وبالمثل، فإن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي انخفض من 12،5 بالمئة في العام 1997 إلى 7،2 بالمئة في العام 2010.
وتوزع القطاع الصناعي جغرافيا بنسبة 50 بالمئة في محافظة جبل لبنان، 18 بالمئة في محافظة البقاع، 13 بالمئة في محافظة الشمال، 10 بالمئة في محافظة جنوب لبنان 6 بالمئة في محافظة جنوب لبنان ونسبة 3 بالمئة في محافظة بيروت.
التصنيف الصناعي
صنفت القطاعات الصناعية وحتى العام 2000 طبقا للمرسوم 4917 بتاريخ 24-04-1994، واستند التصنيف على معايير مثل حجم الإنشاءات، وعدد العمال، وتوافر الأجهزة والقدرة بعدد الأحصنة، وبتركيز قليل على البيئة وصحة الإنسان.
أما بالنسبة للمرسوم 5243 بتاريخ 05-04-2001، فقد جرى تعديل على المرسوم الأول عن طريق تصنيف المؤسسات الصناعية إلى 5 فئات مختلفة استنادا إلى معايير بيئية صارمة مثل المخاطر البيئية، وإنتاج الرائحة والضجيج والتأثيرات على الماء والهواء والتربة.
وتم تعريف الفئة الأولى كمرافق عالية المخاطر، وتشمل هذه الفئة المدابغ، الاسمنت، الورق، الأسمدة، إنتاج الذخائر ومنتجات الغاز.
وحددت الفئتين الثانية والثالية بمرافق خطرة إلى متوسطة الخطورة، وهي مؤسسات متعددة، ومنتشرة في الأراضي اللبنانية، وغالبا ما تقع في المناطق المأهولة بالسكان، وبالتالي تتسبب في خطر كبير على صحة الإنسان والبيئة، كما تفتقر الصناعات في هذه الفئات ما يلزم من الوعي والموارد للسيطرة على انبعاثاتها.
مبادئ توجيهية بيئية
وضعت وزارة البيئة في الفترة ما بين العامين 2000 و 2002 عدة مبادئ توجيهية بيئية لتعزيز “مشروع الترخيص والمراجعة لمشروع الصناعات” the Strengthening the Permitting and Auditing System for Industries project (SPASI) بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
وساهمت هذه المبادئ التوجيهية في صياغة مذكرة السياسات التي تعالج “نظام إدارة التلوث الصناعي” Industrial Pollution Management System (IPMS)، الذي أعدته وزارة البيئة بالتعاون مع “صندوق البيئة في لبنان” the Environmental Fund for Lebanon (EFL)، ولاحقا للمساعدة في تحديد الثغرات والتحديات في هذا القطاع.
وقدم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في لبنان مشروع “الحد من التلوث في لبنان” Lebanon Pollution Abatement Project (LEPAP)، وتقدم الحكومة حاليا المساعدة التقنية والحوافز المالية لتحضير الصناعات إلى فترة الامتثال البيئي الإلزامي وبناء أداء بيئي سليم.
لهذا، تقدم LEPAP للشركات المهتمة المراجعات البيئية المجانية (بما في ذلك خطط الإدارة البيئية)، وتساعدها في تحديد إمكاناتها للتحسين، بالإضافة إلى قروض بفائدة قريبة إلى صفر بالمئة (بتمويل من البنك الدولي ومصرف لبنان) للصناعات المستعدة لتنفيذ خطة الإدارة البيئية بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية لمرسوم الالتزام البيئي، وهذا سيؤهل الصناعات لإصدار الشهادات البيئية التي يمكنها استخدامها لتسويق منتجاتها.
خلاصة
بلغت الانبعاثات الناجمة عن القطاع الصناعي للعام 2000 مقدار 1765 جيغاغرام، وازدادت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من القطاع الصناعي بنسبة 31،7 بالمئة من العام 2000 إلى العام 2011. واعتبرت صناعة الاسمنت المساهم الرئيسي في زيادة انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، ممثلة بنسبة 99.76 بالمئة من كمية ثاني أوكسيد الكربون المنبعثة من كامل القطاع الصناعي في العام 2011. وسجلت هذه الصناعات زيادة بنسبة 36،5 بالمئة عن العام 2000، ويرجع ذلك إلى الإزدهار في أنشطة البناء في لبنان.
وفي الواقع، ووفقا للبيانات الصادرة عن نقابة المهندسين في لبنان، فإن المساحة السطحية لتراخيص البناء الجديدة بلغت 16،5 مليون مترا مربعا في العام 2011، بزيادة قدرها 144،8 بالمئة من 6،7 مليون مترا مربعا في العام 2000.
وتعمل الحكومة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP على تقديم التسهيلات التقنية والمالية لمساعدة الصناعات إلى الوصول إلى أداء بيئي يتبع قوانين بيئية حازمة، فضلا عن المساهمة في تسويق المنتجات الصناعية للوصول إلى تنمية مستدامة.
للاطلاع على التقرير انقر هنا