بعد امراض القلب على انواعها، يتربع السرطان في المرتبة الثانية لاكثر الامراض فتكاً بالبشر. لا يوجد عائلة لبنانية إلا ومات احد افرادها باحدى انواع السرطانيات المتفشية في جميع انحاء الجسد، مع تركيز واضح في الرئة والثدي والمعدة والكلى والبروستات. لا يحتاج المواطن إلى النظر في الأرقام التي يتضمّنها السجل الوطني الرسمي الذي يفترض ان تصدره وزارة الصحة سنوياً للتأكد من هذه المعلومة. لكن ماذا لو قرر النظر الى هذه الارقام، في العام ٢٠١٠ نشرت الوزارة على موقعها على الإنترنت إحصاءات الأعوام ٢٠٠٥ــ٢٠٠٧، وفي العام ٢٠١٣ نشرت إحصاءات العام ٢٠٠٨، وفيما تنشغل الوزارة في حملة سلامة الغذاء ليس معلوماً الاسباب التي تمنع وزارة الصحة من نشر ارقام الاعوام السبعة الماضية، والتي تؤشر دون شك الى تفاقم هذا المرض وفتكه بالمزيد من اللبنانين والمقيمين في لبنان.
تؤكد دراسة صدرت في الدورية العلمية International Innovation مطلع شباط/فبراير ٢٠١٦ ان معدلات الاصابة بامراض السرطان ارتفعت منذ العام ١٩٩٠ في غالبية دول العالم. الارقام المعلنة من قبل الوكالة الدولية لابحاث السرطان تشير الى انه في العام ٢٠١٢ اصيب ١٤ مليون شخص بالمرض، وحصد ارواح قرابة ٨.٢ مليون شخص. كما تتوقع الوكالة ان يرتفع عدد المصابين الى ٢٢ مليون بحلول العام ٢٠٣٠. في حين يسجل اعلى معدل وفيات بسبب الامراض المرتبطة بالسرطان في البلدان الاكثر فقراً ، حيث يتوقع بحلول العام ٢٠٥٠ ان يتركز ٨٠ بالمائة من اجمالي الوفيات بالسرطان في الدول والمناطق الفقيرة والاقل نمواً.
وبحسب الدراسة فان منطقة الشرق الاوسط بشكل عام ولبنان بشكل خاص يشهد موجة عارمة من السرطانيات، الامر الذي سيحدث عواقب وخيمة على دول المنطقة. ومن المتوقع ان يزداد اعداد المصابين بالمرض في منطقة الشرق الاوسط بنسب اعلى من بقية دول العالم حيث سيرتفع عدد المصابين الى الضعف بحلول العام ٢٠٢٠.
يفترض ان تعتبر هذه التوقعات بمثابة انذار صارخ الى صناع القرار في دول المنطقة وفي لبنان تحديداً، خصوصاً اذا اجرينا مقارنة لمعدلات الصابة بمرض السرطان في مطلع الالفية الثالثة، فما الذي حدث خلال العقد الاخير لكي ترتفع موجة الاصابة بالسرطان الى هذا المعدل المرعب والمقلق؟ رغم التحسن الملحوظ في نوعية الخدمات الصحية العامة والخاصة.
يؤكد الدكتور علي مقداد استاذ الصحة العامة في جامعة واشنطن انه لا يمكن فهم اسباب الاجتايح السرطاني لمنطقة الشرق الاوسط دون العودة اربعين عاماً الى الوراء للتاكد ان معدلات الاصابة بالسرطان في المنطقة كانت متدنية جداً خلال تلك الفترة، وان امور خطيرة حدث خلال العقود الاربعة عززت انتشار هذا المرض بشكل وبائي لا يمكن حصره.
خلال السبعينيات كانت النظم الغذائية في المنطقة صحية، ومعدل الحركة الجسدية للفرد مرتفع، وعادة التدخين شبه منعدمة. تراجعت النظم الغذائية بشكل كبير وباتت الاغذية المصنعة اكثر حضوراً وازداد معدل التنقل بالسيارات وضعفت عادة ممارسة الرياضة اليومية، ويعتبر هذين العاملين الاكثر بروزاً لفهم ارتفاع معدلات الاصابة بالسرطان ، كون نسبة كبير من الامراض المرتبطة بالسرطان مثل السمنة الزائدة متاتية من ارتفاع معدل النظم الغذائية غير الصحية وانخفاض معدل الحركة الجسدية وممارسة الرياضة. كما ساعد لنظام القبلي المسيطر اجتماعاً على فرض نظام ثقافي واجتماعي صارم، استهلاك الكحول كان يسجل معدلات منخفضة، ولذلك كان من الصعب العثور على مرضى مصابين بانواع السرطانيات المتربطة بعادة الافراط في شرب الكحول، وكذلك الامر بالنسبة لمعدلات الاصابة بسرطان الرئة المرتبطة عضوياً بالتدخين. في المقابل اجتاحت منطقة الشرق الاوسط نظم اجتماعية واقتصادية جديدة، فزادت نسبة الاغذية غير الصحية، وارتفعت بشكل غير مسبوق نسب التدخين وشرب الكحول اضافة الى ارتفاع معدل انتشار عدوى التهاب الكبد الوبائي، وتفاقمت معدلات التلوث الناتجة عن الانشطة الصناعية والزراعية، وتعد هذه العوامل مجتمعة سبباً رئيساً لصعود موجة السرطانيات التي ضربت المنطقة خلال العقود الاربعة الماضية، وهي تهدد بحصد ملايين الارواح في المستقبل.
التدخين آفة لبنان القاتلة
يعتبر لبنان من اكثر بلدان المنطقة التي شهدت ارتفاعاً غير مسبوق بمعدلات تدخين السيجارة والنرجيلة. فخلال الاعوام ١٩٩٠- ٢٠١٢ ارتفع معدل التدخين في لبنان بمعدل خمسمائة في المائة (٥٠٠٪)، وذلك بالاستناد الى دراسة علمية نشرت في مجلة Economist في حزيران العام ٢٠١٣ . وبحسب هذه الدراسة فان العام ٢٠١٢ كان مرعباً بالنسبة الى لبنان، حيث سجل معدل استهلاك ٢٣٧٩ سيجارة سنوياً لكل مواطن لبناني، بالاستناد الى العدد الاجمالي للسكان، وبذلك يكون لبنان ثاني اسوء بلد بعد مينامار الذي يسجل ارتفاعاً بمعدل استهلاك الفرد للسيجارة. حيث يسجل المعدل العالمي ٨٨٢ سيجارة سنوياً للفرد. في حين تسجل صربيا المعدل الاعلى عالمياً ( ٣٣٢٣ سيجارة سنوياً للفرد).
وفي حين تخطط العديد من الدول الى فرض حظر كامل على التدخين مثل استراليا وايرلندا، لا يزال لبنان قاصر عن انفاذ قانون الحد من التدخين الذي صادق عليه المجلس النيابي عام 2011، وصدرت غالبية مراسيمه التنظيمية وابرزها مرسوم تنظيم لافتات إعلان بيع منتجات التبغ، حيث لا تزال الإعلانات الترويجية للدخان موجودة داخل التعاونيات والسوبرماركت، وإن بطريقة غير مباشرة، عبر عرض علب دخان غير مخصصة للبيع ضمن قالب زجاجي يعلوه ملصق ترويجي لشركات التبغ لا يظهر اسمها، لكنه يوحي بوضوح أن المقصود منه الترويج لبضائعها. ولا تزال شركات التبغ رغم القوانين التي صدرت في الدول والاتفاقية الدولية التي ترعاها منظمة الصحة العالمية تنتج ٥.٩ مليار سيجارة سنوياً وهي مسؤولة عن موت ملايين البشر سنوياً حول العالم، بينهم ما لا يقل عن ٣٥٠٠ لبناني.
العطب الاكبر الذي يعطل اي انفاذ لقانون الحد من التدخين في لبنان، ان الحكومة اللبنانية لا تزال تملك وتدير ادارة حصر التبغ والتنباك بطريقة حصرية، ما يعني ان الجهة التي تكافح التدخين هي نفسها التي تروج لبيعه، الامر الذي يحد من امكانية تطبيق الحد الادنى من المواد التي نص عليها القانون الذي يعاقب بغرامة تراوح بين 10 ملايين إلى 30 مليون ليرة لبنانية، كل من ينشر إعلاناً أو مادة دعائية مجاناً أو لقاء أجر عن المنتجات التبغية، بما في ذلك المنتجات غير التبغية المشابهة (السيجارة الإلكترونية، والسيجارة بدون نيكوتين، واللبان وغيرها)، إضافة إلى حظر الترويج للمنتجات التبغية من طريق الإعانة أو خفض الأسعار أو الحق بالمشاركة في سحب اليانصيب لقاء شراء أي منتج تبغيّ أو مشتقاته. وتتقاعس وزارتي الصحة والمالية وادارة حصر التبغ والتنباك عن اقتراح مشروع مرسوم لتنظيم وضع التحذيرات الصحية التصويرية على جميع مغلفات منتجات التبغ على الوجهتين الرئيسيتين من علب وعبوات منتجات التبغ، ليغطي ما لا يقل عن 40% من مساحة كل جهة. ورغم مرور عامين واربعة شهر على ظهور عبارة «التدخين يقتل» على علب الدخان، لا تزال العديد من علب الدخان التي تباع في الاسواق لا سيما المنتجات المهربة خالية من عبارات التحذير.
ويُظهر المسح العالمي لاستهلاك التبغ بين الشباب، الذي أجرته منظمة الصحة العالمية في بلدان إقليم شرق المتوسط، أن مستويات التعرُّض للإعلان عن التبغ عبر اللوحات الإعلانية وفي الصحف والمجلات في منطقتنا هي مستوياتٌ مرتفعة؛ أي إن الإعلان والترويج عن هذا المنتج نشطٌ ومستمر، على الرغم من أنه محظورٌ تماماً طبقاً لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ التي وقَّعها لبنان.
وتركِّز المادة الرقم 13 من الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، على الحظر الشامل على كافة أنشطة الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته.
ويزداد تعاطي التبغ بسرعة في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، ويعود ذلك إلى استهداف تلك البلدان من قِبَل شركات صناعة التبغ. وبحلول عام 2030 سيقع 80% من مجمل الوفيات التي يتسبب بها التبغ في هذه البلدان التي ينتمي إليها إقليم شرق المتوسط.
يعترف وزير الصحة وائل ابو فاعور في حديث لـ “الاعمار والاقتصاد” ان وزارة الصحة العامة مقصرة في انفاذ قانون الحد من التدخين، عازياً ذلك الى ضعف الجهاز الرقابي في الوزارة وغياب الارداة السياسية لدى بقية الوزارات لانفاذ القانون. ولفت ابو فاعور الى انه تقدم بمشروع مرسوم لتثبيت ٨٥ مراقباً صحياً جديداً لاستكمال وتوسيع الحملات التي تقوم بها وزارة الصحة والتي بدات بسلامة الغذاء وطالت دور الحضانة والصيدليات ومراكز التجميل والاندية الرياضية وغيرها من المؤسسات المخالفة والتي تشكل خطراً على الصحة العامة للمواطنين.
السجل الوطني للسرطان
توقفت وزارة الصحة عن إقامة احتفال رسمي لإطلاق التقرير السنوي للسجل الوطني للسرطان، لكن هذا لا يعني أن طاقم الوزارة توقف عن تسجيل الحالات الجديدة للمرض الذي يفتك باللبنانيين بصمت. آخر التقارير الرسمية الصادرة كان في عام ٢٠٠٤، فيما تنشر الوزارة على موقعها على الإنترنت إحصاءات سنوية آخرها يعود الى العام ٢٠٠٨ وتم تحديثه في تشرين الثاني ٢٠١٣. وتعمل وحدة الترصد الوبائي في وزارة الصحة العامة حالياً على إدخال بيانات بقية الاعوام وفق ما أكد الوزير ابو فاعور، لافتاً الى ان المحصلة الاولية للارقام تشهد ارتفاعاً ملحوظاً يستدعي اعلان حالة طوارئ صحية وطنية خصوصاً بعد ان فاقمت ظاهرة حرق النفايات في الهواء الطلق من خطر الاصابة بالسرطانيات نتيجة تلوث الهواء.
مؤشرات عديدة يمكن رصدها من خلال مقارنة الأرقام الجديدة التي يتم إدخالها وفق معايير منظمة الصحة العالمية. المؤشر الأول الثابت هو تسجيل ارتفاع كبير في نسب حدوث السرطان في لبنان بين عامي ٢٠٠٢ و٢٠٠٨، إذ سجّلت ٩٤٩٩ إصابة جديدة في عام ٢٠٠٨ في زيادة
بلغت ٦٣١ إصابة جديدة عن عام ٢٠٠٧ الذي بلغ فيه إجمالي عدد الإصابات ٨٨٦٨ إصابة، والذي بدوره سجل زيادة بلغت ٤٨٤ إصابة جديدة عن عام ٢٠٠٦ الذي بلغ فيه إجمالي عدد الإصابات ٨٣٨٤ إصابة، الذي بدوره يزيد بـ٣٥٠ إصابة على عام ٢٠٠٥ حيث بلغ فيه إجمالي الإصابات ٨٠٣٤ إصابة. ما يبرهن ان معدل الارتفاع السنوي بعدد الاصابة يبلغ قرابة ٤٩٠ اصابة جديدة كل عام، بمعدل وسطي للزيادة في الإصابات يبلغ نحو ٥٪ سنوياً.
تعتبر وزارة الصحة الى ان أن مردّ هذه الزيادة لا يمكن نسبها حصراً إلى الارتفاع في عدد المصابين، بل إلى تحسن أداء الرصد والتسجيل للحالات، بالمقارنة مع الأعوام الماضية، كما أن الوزارة أضافت إلى الحالات المسجلة إصابة السرطانات الجلدية غير الميلانومية التي لا تسجّل في بعض البلدان على أنها من أنواع السرطان لكون غالبيتها تستجيب للعلاج.
ويعتبر السجل الوطني للسرطان الذي بدأ العمل به عام ٢٠٠٢، وثيقة لوصف لواقع حدوث السرطان في لبنان سنوياً، حيث تجمع المعطيات الإحصائية من مراكز توزيع دواء السرطان التابعة لوزارة الصحة ومختبرات الأنسجة في سائر المناطق، ولقد لقيت هذه العملية تشجيعاً ومساندة من الأطباء وأصحاب المختبرات، إضافة الى أطباء الضمان الاجتماعي، ما سهّل عمل لجنة السجل.
تتوزع الحالات المسجلة للمرة الأولى في عام ٢٠٠٨ بين ٥١% على النساء و٤٩% على الرجال. أما حالات السرطان الحاصلة لدى الأطفال ما دون 15 سنة فقد بلغت نسبة ٢,١٧% من إجمالي الحالات، أي ما يقارب ٢٠٧ حالة جديدة من السرطان، وهي في غالبيتها حالات سرطان الدم (لوكيميا). وكما بات معلوماً، يحتل سرطان الثدي عند النساء المرتبة الأولى في لبنان، حيث يتبين أن عام ٢٠٠٨ سجل ١٧٧٨ إصابة جديدة، أي ما نسبته ٣٦.٦ ٪ من إجمالي عدد الإناث المصابات والبالغ عددهن ٤٨٤٧ إصابة. أما عند الرجال، فيحتل سرطان البروستات (٧٦١ حالة) والمثانة (٦٣٦ حالات) والرئة (٥٨٢ حالة)، المكانة الأولية من إجمالي عد المصابين البالغ عددهم ٤٦٤٣ إصابة. أما أنواع السرطان الأخرى الشائعة لدى الذكور المرتفعة بحسب سجل عام ٢٠٠٨ فهي: سرطان المعدة (١٥٠ حالة)، والأمعاء الغليظة (٢٩٣ حالة). أما السرطانات الأخرى الشائعة لدى النساء فهي: الأمعاء الغليظة (٢٧٧ حالات)، والمبيض (١٧١ حالة).
الارقام تبدو متقاربة مع تلك المسجلة في العام ٢٠٠٧ وحيث الحالات المسجلة للمرة الأولى في بين ٥١% على النساء و٤٩% على الرجال. أما حالات السرطان الحاصلة لدى الأطفال ما دون 15 سنة فقد بلغت نسبة ٢,١٣% من إجمالي الحالات، أي ما يقارب ١٨٧ حالة جديدة من السرطان، وهي في غالبيتها حالات سرطان الدم (لوكيميا). وكما بات معلوماً، يحتل سرطان الثدي عند النساء المرتبة الأولى في لبنان، حيث يتبين أن عام ٢٠٠٧ سجل ١٧٢٩ إصابة جديدة، أي ما نسبته ٣٩٪ من إجمالي عدد الإناث المصابات والبالغ عددهن ٤٤٤٥ إصابة. أما عند الرجال، فيحتل سرطان البروستات (٧٦١ حالة) والمثانة (٦٠٣ حالات) والرئة (٥٧١ حالة)، المكانة الأولية من إجمالي عد المصابين البالغ عددهم ٤٤٠١ إصابة. أما أنواع السرطان الأخرى الشائعة لدى الذكور المرتفعة بحسب سجل عام ٢٠٠٧ فهي: سرطان المعدة (١٢٦ حالة)، والأمعاء الغليظة (٢٩٢ حالة). أما السرطانات الأخرى الشائعة لدى النساء فهي: الأمعاء الغليظة (٢٠٥ حالات)، والمبيض (١٧١ حالة).
يبدو واضحاً من ارقام السجل الوطني أن النسبة المرتفعة عند الرجل عائدة إلى التدخين كمسبب رئيسي للسرطان. فهذه الأنواع ثبت علمياً أن لها علاقة سببية معروفة بتدخين السجائر والنرجيلة. وهنا يبرز التقصير في دور وزارة الصحة وهدفها من السجل الوطني للسرطان، فهدف هذا السجل لا تنحصر بتقديم نسب حدوث السرطان في لبنان كل عام، ولكن المهم أخذ العبر مما يحدث ورسم سياسة تنظيم حملات لمنع حدوث السرطان، مثل حملات لمنع التدخين في المؤسسات العامة، وتوعية النشء في المدارس والجامعات عن مضار التدخين والنتائج المدمرة التي تحدث للشخص المدخن، والتشجيع على الكشف المبكر ليس فقط على سرطان الثدي، بل على العديد من الأنواع، وخصوصاً تلك التي ثبت أن للعامل الوراثي دوراً بالغاً بحدوثها.
والملفت أيضاً أن نسبة سرطان الرئة عند النساء ليست قليلة، ما يعني أن الفتيات يقبلن على التدخين في سنّ مبكرة بسبب غياب انفاذ قانون الحدّ من التدخين. كما أن استمرار ارتفاع حالات سرطان الثدي تدفع الى التشديد أكثر من أي وقت مضى على أهمية إجراء فحص الثدي الشعاعي كل عام، وذلك للكشف المبكر الذي يسمح بالتدخل الذي يمكن من الشفاء بأسرع وقت ممكن، وبأقل ضرر ممكن على المصابة، وضرورة الانتباه الى خطورة عدم قيام بعض النساء اللواتي يشتبهن بإصابتهن من خلال الفحص الشعاعي بفحوص إضافية تؤكد أو تنفي وجود أورام خبيثة، وذلك بسبب كلفتها المرتفعة. وضرورة أن تعيد وزارة الصحة النظر في عملية دعم هذا النوع من الفحوص المتقدمة، لأن المهم هو متابعة المريض حتى النهاية، وأن لا نكتفي بدعم الفحص الشعاعي الذي يعدّ خطوة أولى يجب استكمالها في حالة الاشتباه بسرطان الثدي.
يشدد الرئيس السابق للبرنامج الوطني للحد من التدخين الدكتور جورج سعادة على ضرورة أن تشمل حملات التوعية رسائل تتعلق بتغير أنماط الحياة، وخاصة في ما يتعلق بالتدخين والعادات الغذائية عند اللبنانيين، مثل تجنب البدانة وتناول المعلبات والأطعمة الملونة واللحوم المدخنة والحذر من الأمراض المتنقلة جنسياً واستعمال اللقاحات المضادة للفيروسات التي قد تسبب السرطان، مثل البلهارسيا وغيرها. ويلفت سعادة الى تزايد ارتفاع حالات سرطان الجلد، وهذا يحتّم على المعنيين كافة القيام بحملات تتعلق بتجنب أشعة الشمس خلال فصل الصيف وتقديم بيانات للجمهور بشأن مستوى الأشعة ما فوق البنفسجية في مختلف الشواطئ، وخصوصاً بين الساعة ١١ والساعة ٤ مساءً. ويلفت سعادة الى أن وجود غالبية سكان لبنان في بيروت والضواحي والأقضية المتاخمة، يحتم وجود أكبر نسبة للإصابات فيها. لكنه يؤكد أن المعطيات الديموغرافية في لبنان ليست دقيقة.
ومن سلبيات السجل الوطني للسرطان، أنه لا يوفر معلومات دقيقة يمكن أن تساعد في تحديد أماكن جغرافية أكثر خطورة من غيرها على امتداد الأراضي اللبنانية. لكن ابو فاعور يؤكد أن هذه العقبة سيجري تجاوزها لأن الاستمارة التي يعبّئها العاملون على السجل تشدد على تحديد مكان الإقامة، ما يسمح برسم خرائط لانتشار السرطان بحسب المناطق، وسوف تنشر على موقع الوزارة حالما تصبح جاهزة على غرار ما تقوم به غالبية الدول التي تصدر سجلاتها الوطنية عن السرطان.
ينشر بالتزامن مع مطبوعة الاعمار والاقتصاد