يشهد قطاع الطاقة العالمي تغيّراً ديناميكياً، والطاقة المتجددة قد أصبحت الاتجاه السائد في العديد من البلدان، لذلك تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى اعتماد هذا الابتكار في مجال الطاقة النظيفة ومواكبة بقية دول العالم من خلال التحوّل إلى مستقبل يعتمد على الطاقة النظيفة.
لقد أدّى التوسّع العالمي في مجال الطاقة المتجددة إلى انخفاض كبير في التكاليف، بحيث أصبحت الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح الآن تنافس الفحم الجديد من حيث التكلفة في معظم المناطق، وذلك بالرغم من نظام دعم عالمي مرجّح لصالح الوقود الأحفوري الذي يتلقّى إعانة مالية سنوية تبلغ 550 مليار دولار أمريكي، أي أكثر من ضعف الدعم لمصادر الطاقة المتجددة وفقاً لوكالة الطاقة الدولية. وحتى مع انخفاض أسعار النفط بنسبة 45% عام 2014، لا تزال الطاقة الشمسية تنافسية في المنطقة.
ولكن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يزال الوقود الأحفوري مصدر الإمداد بالطاقة السائد لتوليد الكهرباء، وتؤدّي إعانات الوقود الأحفوري أيضاً دوراً هاماً في المنطقة في وقف أي جهد حقيقي للاستثمار في بدائل الطاقة النظيفة.
وقالت صفاء الجيوسي، مسؤولة حملة المناخ والطاقة في منظمة إندي-أكت ومنسّقة شبكة العمل المناخي في العالم العربي: “يوفّر مؤتمر باريس الحالي الفرصة لقادتنا من أجل اتخاذ إجراءات حاسمة مثل الاستثمار في الطاقة النظيفة وإزالة العقبات القانونية والهيكلية من خلال وضع خطط وطنية مفصّلة للطاقة من شأنها تسهيل الانتقال السريع إلى نظام الطاقة المتجددة بنسبة 100%. وهذا أمر ضروري إذا أردنا الإبقاء على متوسط ارتفاع درجات الحرارة بما لا يزيد عن 1.5 أو 2 درجة مئوية.
ويبدو أن هناك بوادر مشجّعة، ففي عام 2014، تم منح عدد قياسي من مشاريع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط بطاقة استيعابية مجتمعة تبلغ 294 ميغاواط، أي بزيادة قدرها أربعة أضعاف خلال السنوات السبع السابقة مجتمعة، بيد أن هذا الأمر لا يزال غير كاف للتصدّي لتغيّر المناخ.
وفقاً لسيناريو الطاقة المتجددة الذي أطلقته منظمة غرينبيس في شهر أيلول/سبتمبر، بالإمكان التوصّل إلى تحوّل في استخدام الطاقة. في سيناريو ثورة الطاقة “الأساسي”، يمكن إنتاج 93% من الكهرباء في الشرق الأوسط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050. ومن شأن مصادر الطاقة المتجددة الجديدة – بشكل رئيسي الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركّزة والطاقة الحرارية الأرضية – أن تسهم بنسبة 86% من توليد الكهرباء الكلي. وبحلول عام 2020، ستبلغ حصة إنتاج الكهرباء المتجددة 14% و 52% بحلول عام 2030. وفي إطار سيناريو أكثر تقدّماً، سيكون 100% من الإمداد بالكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة أو حوالي 1510 غيغاواط من قدرة توليد الطاقة الكهربائية ممكناً بحلول عام 2050[1].
في حين أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الشرق الأوسط ستتضاعف بين عامي 2012 و 2050 في حال بقيت الأوضاع على ما هي عليه، من شأن هذه الانبعاثات أن تنخفض من 1670 مليون طن عام 2012 لتصل إلى 294 مليون طن عام 2050 في إطار سيناريو ثورة الطاقة. وبحلول عام 2050، من المفترض أن تكون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المنطقة أقل من مستويات عام 1990 بنسبة 47%، في حين أن استهلاك الطاقة سيكون خالياً من الكربون بشكل كامل في السيناريو المتقدّم[2].
وأضافت الجيوسي: “مع وجود كل هذه الإمكانيات في متناول أيدينا، فإننا نحثّ الحكومات في المنطقة على البدء باتخاذ إجراءات تصحيحية فورية من خلال مشاريع تغطّي ذروة الطلب على الطاقة وتساعد في الحصول على الطاقة للسكّان من دون الاستثمار في مشاريع توليد موزَّع للطاقة خارج نطاق الشبكة، وبدورها تدعم فرص العمل المتزايدة في مجال الطاقة المتجددة”.