أُعلن أمس عن قيام ائتلاف واسع من الدول ومن منظمات ما حول أحواض الأنهر، ومؤسسات تابعة لأعمال تجارية واعضاء من المجتمع المدني لإطلاق اتفاق باريس الدولي حول المياه والتكيف مع تغير المناخ، لجعل أنظمة المياه الركيزة الأساسية للتنمية البشرية المستدامة، لتكون أكثر مرونة للتكيف مع آثار تغير المناخ.
وكان تسليط الضوء على تكيف المياه في جدول أعمال LPAA (ليما – باريس) حول تغير المناخ، محور الإهتمام أيضا للشراكات والتحالفات الرئيسية الأخرى، لجعل أحواض الأنهر والبحيرات والمياه الجوفية وأحواض الدلتا أكثر تكيفا مع تغير المناخ، والحد من التدخل البشري في المحيطات، حيث ينضوي تحت هذا الإتفاق حوالي 290 منظمة لما حول أحواض الأنهر.
وتجدر الإشارة هنا إلى مساهمة الوفد اللبناني في هذا الملف تمثلت في مشاركة كل من وزير الطاقة والمياه أرتيور نظريان والمدير العام للموارد المائية والكهربائية الدكتور فادي قمير، حول الديبلوماسية المائية والتغير المناخي ضمن فعاليات مؤتمر باريس.
وعلى هامش المؤتمر المخصص لدراسة وضع المياه والأحواض المائية في ظل التغير المناخي من أجل السلام في الشرق الأوسط، أطلق قمير الكتاب الذي شارك في إعداده في مجلس الشيوخ الفرنسي تحت عنوان: “دبلوماسية العلوم وإدارة المياه العابرة للحدود – حالة نهر العاصي” وقد تبنته “اليونيسكو” واعتمدته كدراسة للعالم أجمع في أوضاع مشابهة، ويعتبر من أهم الإصدارات المائية، في اعتبار أن منطقة حوض نهر العاصي كونه عابرا للحدود، ليشكل حالة تجريبية يحتمل أن تكون قابلة للتكرار في مناطق أخرى من لبنان وغيرها من البلدان، حيث أن الموارد المائية أصبحت أكثر أهمية من الناحية الأمنية الجيوسياسية، خصوصا في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من ندرة في الموارد المائية المشتركة.
واستند الكتاب على الأبحاث السابقة والمنشورات في هذا الموضوع، وشمل العناصر الفنية والمفاوضات والنواحي الديبلوماسية المائية، وكذلك الأدوات العملية التي يمكن أن تكون مفيدة لتحسين إدارة حوض هذا النهر، في مواجهة تحديات الإستدامة في قطاع المياه.
كما يهدف الكتاب الى تسليط الضوء على أهمية اتباع المنهجية التي تحتوي كافة الإختصاصات اللازمة لتأمين الإدارة المستدامة للموارد المائية، ويشير الى أن الناحية التاريخية والجغرافية السياسية القانونية هما مفتاحان لفهم الديناميكيات المعقدة المرتبطة بإدارة المياه في حين الأدوات العلمية تستطيع أن تعزز وتدعم مختلف المبادرات الرامية الى الإدارة المسؤولة للموارد المائية المشتركة.
وكانت وزيرة المياه الفرنسية Ségolène Royale قد نوهت بموقف لبنان، والنموذج الحضاري الذي قدمه في مجال إدارة أحواض المياه، من أجل التنمية المستدامة ومواجهة الإحتباس الحراري في المستقبل.
من ناحية ثانية، فإن التغيرات المناخية، فضلا عن الاستخدام غير المستدام للمياه، تتسبب بتأثيرات واسعة النطاق على المجتمعات والاقتصادات، وتؤدي الى موجات من الجفاف ومن الفيضانات، وارتفاع درجات الحرارة التي تؤثر على شبكات المياه، ما قد أن يؤدي الى آثار سلبية، وغالبا ما تكون مميتة.
فبدون تحسين إدارة الموارد المائية، وبدون إحراز تقدم بالحد من الفقر، فإن تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة (SDGs)، والتنمية المستدامة في مختلف الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية سوف تتأثر بشكل خطير.
المياه والتكيف مع تغير المناخ
يشمل الائتلاف جغرافيا منظمات محلية وعابرة للحدود حول أحواض الأنهر، حكومات، ومنظمات ممولة، حكومات محلية وشركات والمجتمع المدني، ويشمل أيضا التزامات فردية لجهة تطبيق خطط التكيف الموضوعة، وتقوية نظم القياس والمراقبة لأحواض الأنهر، والتوعية في مجال التنمية المالية والإستثمارات الجديدة في مجال إدارة شبكات المياه.
وتمثل هذه المشاريع التعاونية الكبرى مجتمعة ما قيمته 20 مليون دولار على شكل مساعدات تقنية، ويحتمل أن يصل التمويل إلى حوالي مليار دولار، وتتضمن:
-إلتزام الهند بالمساهمة في تكيف المناخ عبر تحسين إدارة المياه الجوفية.
-في حوض نهر النيجر (ويشمل البلدان الافريقية التسعة المعنية)، من خلال إطلاق خطة استثمارية لمدة 10 سنوات لتعزيز القدرة على التكيف مع تغير المناخ، بدعم مالي من البنك الدولي – المؤسسة الدولية للتنمية WAEMU، بنك التنمية الألماني، مرفق البيئة العالمية والبلدان نفسها.
-تشمل المشاريع الأردن، لبنان، موناكو، المغرب، إسبانيا وتونس عبر الالتزام ولمدة سبع سنوات ضمن برنامج مياه البحر الأبيض المتوسط، لتقييم حالة واتجاهات الموارد المائية، بدعم من المفوضية الأوروبية.
-في المغرب حيث ثمة مشروع لزيادة قدرة القطاع الزراعي من خلال تحسين ممارسات الري، بتمويل من البنك الدولي والمملكة المغربية.
-في المكسيك: التعاون لمدة 4 سنوات لتحسين إدارة الموارد المائية وخدمات المياه في “وادي المكسيك”.
-في البيرو والإكوادور والبرازيل وكولومبيا، برنامج Ecocuencas، وهو عبارة عن التزام لمدة ثلاث سنوات بآلية مالية للتكيف مع تغير المناخ في أحواض الأنهر، وبدعم من المفوضية الأوروبية.
-في الصين، وهو التزام لمدة ثلاث سنوات لتحسين إدارة حوض نهر “هاي”، بدعم من فرنسا.
-في وسط أفريقيا في حوض الكونغو، عبر إطلاق برنامج الرصد الهيدرولوجي والأرصاد الجوية بحيث يستفيد أكثر من 160 مليون مواطن، بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية AFD.
أنظمة المياه المرنة
يشمل الائتلاف 10 مدن كبرى، و85 مليون نسمة، مع إنشاء منبر لتبادل المعرفة وإطلاق المشاريع الداعمة، ومن البنود الرئيسية:
-الالتزام المالي مع مجموعة البنك الدولي بقيمة 200 مليون دولار لتعزيز الأمن المائي والمرونة إزاء تغير المناخ في المنطقة الساحلية في كينيا.
-برامج التمويل، من بينها 50 مليون يورو من الوكالة الفرنسية للتنمية و15 مليون يورو من السنغال، لحماية 300،000 شخص من الفيضانات بضاحية “بيكينيه”، وهي ضاحية من ضواحي العاصمة داكار.
المراقبة والمحافظة على المياه
يعمل القطاع الخاص من أجل حشد ائتلاف من الشركات، بما فيها 27 شركة التزمت بالفعل، في ظل تحالف الأعمال لتحسين مياه الشرب ومواجهة تغير المناخ، بهدف الحد من المخاطر المتعلقة بنوعية وتوافر المياه، وتشمل إجراءات قياس تأثير المياه والتخفيض من استهلاك المياه، إعداد التقارير والشفافية، العمل الجماعي داخل أحواض الأنهر والإشراف على استخدام المياه.
سيستفيد الائتلاف من حشد الشبكات العالمية والمبادرات الفردية للمياه للمراقبة عبر إجراءات NAZCA من ناحية الرصد، ورفع المستوى وبدء مبادرات تعاونية أخرى بعد مؤتمر تغير المناخ COP21.
تعزيز الصمود حول الدلتا
ويشمل ائتلاف الدلتا 12 بلدا (كولومبيا، مصر، اندونيسيا، اليابان، جنوب كوريا، موزامبيق، ميانمار، هولندا، الفليبين، فيتنام، فرنسا وبنغلاديش) بحيث تحتل أحواض الدلتا صدارة مناقشات السياسات العالمية، من حيث بناء الشراكات والتركيز على العمل، وتهدف لزيادة التكيف لما يقرب من 250 مليون شخص في مناطق الدلتا في هذه البلدان الإثني عشر.
دور المجتمع المدني
يلعب المجتمع المدني دورا رئيسيا في جدول أعمال المياه وتغير المناخ، ويشمل جميع الجهات الفاعلة، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية، مثل “معهد ستوكهولم الدولي” أو “مجلس المياه العالمي”، والشراكة الفرنسية للمياه CLOCSAS في أميركا اللاتينية والكاريبي، فضلا عن غيرها من منظمات قدمت التزاماتها لتعزيز المحافظة على المياه. وعلاوة على ذلك، فكان هناك التزام من أجل المياه والتكيف مع تغير المناخ من قبل الشباب، من خلال أكثر من 20 شبكة للشباب في العالم.
تكيف المحيطات مع تغير المناخ
يؤثر تغير المناخ بشكل عميق على البيئة البحرية، فضلا عن مئات الملايين من الناس الذين يعتمدون عليها. وتعمل الحكومات الوطنية والمحلية والمنظمات الدولية والقطاع الخاص على بناء مبادرات تتمحور حول ثلاثة مواضيع رئيسية هي: النقل البحري التجاري، المناطق المحمية البحرية وإدارة الشواطئ.
-النقل البحري التجاري: اتخاذ إجراءات للحد من انبعاثات غازات الدفيئة بالأطنان لكل كلم بنسبة عشرين بالمئة بحلول عام 2020، وخمسين بالمئة عام 2050.
-التكيف والمحافظة على النظام الإيكولوجي البحري: التعرف على التراث العالمي، تعليم الأطفال، ودعم التمويل المبتكرة مثل مبادلة الديون مقابل الطبيعة.
-الإدارة الساحلية المخاطر والتكيف مع تغير المناخ: إيجاد حلول لارتفاع مستوى سطح البحر وتآكل السواحل والفيضانات والمناخ المتطرف، فضلا عن طموحات للحد من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون CO2، أو أن تصبح خالية من الكربون خلال فترة زمنية محددة، والشراكات للحد من معدل تآكل السواحل في غرب أفريقيا، والتقليل من خطر الفيضانات في عام 2023 (التكيف مع تغير المناخ في المناطق الساحلية في غرب أفريقيا) والتوصيات والالتزامات بشأن الإدارة الساحلية المستدامة (بما في ذلك حماية واستعادة النظم الإيكولوجية الطبيعية مثل أشجار المنغروف).
-المجتمع العلمي كجزء من هذا الجهد العالمي، ويشمل “البعثات تارا” the Tara Expeditions التي توفر المعلومات والبيانات المتوفرة لتوجيه صانعي السياسات في اتخاذ القرارات المناسبة بما يخص المحيطات والمناخ، والتعاون الدولي لتطوير نظم رصد تأثر المحيطات بتغير المناخ.