إنتهى الأسبوع الأول من مفاوضات باريس على حصيلة تقارب الصفر في كل محاور التفاوض. ويعود ذلك إلى البطء الشديد في سير التفاوض على النصوص المثقلة بالخيارات المتعددة لفقراتها، والتي تحتاج إلى روح توافقية مرنة من أجل الوصول بها إلى صيغ نهائية.
انتهى الاسبوع الأول على مواقف معرقلة للسعودية، وهي تجر معها كل الدول العربية الأخرى، في إعاقة واضحة وموصوفة لتقدم المفاوضات، مانعة إياها من الوصول إلى توافقات مطلوبة من أجل السير قدما نحو اتفاقية قوية وقانونية ملزمة لتغير المناخ تضع حدا للتدهور الكبير الذي يشهده العالم في السنوات الأخيرة.
ومن المثير للغرابة، أن بعض الدول العربية، مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تستضيف المنظمة العالمية للطاقة المتجددة، وتوظف أموالا طائلة في هذا المجال، لم تنطق بكلمة واحدة تتمايز بها عن المواقف السعودية المعيقة للمفاوضات والمعرقلة لها بقوة، وعلى كل المحاور والعناوين وفي كل مجموعات الاتصال، بما فيها معارضة فجة لمسائل لها علاقة بحقوق الإنسان. وكذلك، يمكن القول عن المغرب، الدولة التي ستستضيف انعقاد المؤتمر COP22 (تشرين الثاني – نوفمبر 2016)، ويقام على أراضيها أضخم مشروع للطاقة المتجددة في العالم، مشروع DESERTEC للطاقة الشمسية، وعلى الرغم من ذلك لم تعلن أي موقف متمايز عن مواقف السعودية المعيقة لتحقيق التقدم المطلوب بإلحاح في المفاوضات. وهذا بالطبع ينسحب على كل الدول العربية الأخرى مثل الأردن ولبنان، حيث كان من المتوقع أن يكون لها مواقف ميسِّرة للوصول إلى توافقات خلال المفاوضات تسهيلا لتحقيق آمال البشرية جمعاء باتفاقية مناخية تستحق كل هذا الجهد الدولي منذ سنوات تفاوض طويلة.
ولهذا استحقت السعودية مساء أمس (4 كانون الأول)، ومعها كل الدول العربية “جائزة الوقود الاحفوري” لأسوأ مواقف في المفاوضات، التي تقيمها “الشبكة العالمية للمناخ” في حصيلة كل يوم من أيام المؤتمر. واستحقت أيضا تجمع احتجاجي لنشطاء من المجتمع المدني العربي والعالمي، دعت إليها “إندي آكت” IndyACT وغيرها من منظمات المجتمع المدني العربي، احتجاجا على المواقف السعودية ومعها كل الدول العربية الأخرى، التي صمتت حينا، أو فوضت السعودية النطق باسمها أحيانا أخرى، وللتعبير عن خيبة أملها ومطالبة بأن تعكس الدول العربية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة مواقفها بقوة في المفاوضات. وحمل الناشطون يافطة كتب عليها: “المجتمع المدني العربي يدعو الدول العربية إلى الانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100 بالمئة. إن هذا بالطبع أمرا ضروريا إذا أردنا الإبقاء على متوسط ارتفاع درجة الحرارة بما لا يزيد عن 1.50 درجة مئوية، وإنقاذ الكرة الأرضية من تأثيرات ومخاطر التغير المناخي التي تتهددها.
ومن جهة أخرى، لم تحقق أعمال مجموعات الاتصال أي تقدم، حيث تتابع عرض المواقف المعروفة دون أي تغيير يدفع بالمفاوضات قدما. وظهر بشكل جلي أن مهمة المحافظة على الهدف بعيد المدى، المعلن من قبل الدول الصناعة الكبرى، أصبحت حاجة ملحة أمام ما يتهدده أيضا من محاولات للتراجع عنه.
فبعد 3 سنوات من التفاوض الشاق، ليس هناك أية نتائج، حيث تقوم السعودية بالتعطيل، ومعها البلدان العربية، وفي بعض الحالات تصب مواقف الصين والهند في الاتجاه نفسه.
ونحن نشهد بأن كل محاولات الوصول إلى حلول وسط وصيغ توافقية قد باءت بالفشل، باستثناء ما تحقق من اختزال محدود في عدد خيارات النصوص، ولكن دائما دون الوصول إلى التوافق على نص نهائي واحد.
أما موضوع التمويل، الذي يعتبر العمود الفقري لنجاح أي اتفاق، لم يحقق أي تقدم خلال الأسبوع الأول من المفاوضات، ولم تتم أية إعلانات تتعلق بالتمويل من قبل أي دولة.
في ما يتعلق بمحوري “التخفيف” و”التكيف” لا تزال النصوص كما هي دون أي تغيير، وتم تأجيل البحث بها و بالهدف بعيد المدى إلى مطلع الأسبوع القادم مع وصول الوزراء، حيث الجميع يأمل أن ينطلق الأسبوع القادم بعزيمة أكبر وبفعالية أعلى وإنتاجية تلبي طموحات شعوب العالم.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This