تتأثر المرأة أكثر بتغير المناخ، رغم انها تضطلع بدور ريادي في مواجهة تبعاته، وحتى في التكيف معه، ومعظم مساهمات المرأة في مؤتمر المناخ المنعقد في باريس، تتجه نحو دعم هذا الدور وتنميته، وإمكانية نقله إلى مستوى أعلى بحيث يمكن أن يكون أكثر فاعلية وكفاءة في الحد من تغير المناخ والآثار السلبية الناتجة عنه.
إلا أنه في البداية، على المشاركين في هذا المؤتمر الإعتراف بمختلف التحديات التي تواجه المرأة، وهي تختلف من مكان إلى آخر على وجه البسيطة، خصوصا في مجال تغير المناخ من جهة، وفي التقاليد المتبعة التي تستهدف المرأة وقدراتها على التطور والعطاء والتنمية من جهة ثانية، ودراسة السبل الآيلة إلى إيجاد ثغرات إيجابية يمكنها التعامل مع هذه المعوقات، وحلها بشكل متكامل.
في هذا السياق، تضطلع بعض النساء بدور ريادي في مجال تفعيل دور المرأة التنموي، بالاستناد إلى الخبرة والنشاط الفردي المتميز في سبيل تحقيق المساواة الجندرية، ولعل الخبيرة المكسيكية لويزا إيميليا رايس زونييغا Luisa Emilia Reyes Zúñiga، أفضل من يترجم هذا الدور.
تشغل زونيينغا منصب مدير برنامج المساواة وسياسات التنمية المستدامة والميزانيات في المنظمة المكسيكية غير الحكومية “المساواة بين الجنسين” Equidad de Género، وهي المتخصصة في السياسات العامة المستجيبة للجندرية الاجتماعية والميزانيات والتنمية، بما يشملها من إدارة مخاطر الكوارث الشاملة، فضلا عن تغير المناخ، وتشمل مهامها تدريب المسؤولين في الامم المتحدة بالإضافة إلى المسؤولين الحكوميين، إضافة إلى دورها الفاعل في الدعوة للمساواة بين الجنسين خلال عدد من المؤتمرات الدولية السابقة، بما في ذلك “ريو + 20″، ولجنة وضع المرأة CSW، بالإضافة إلى ما سيتمحور عليه دورها في أروقة “لو بورجيه” ضمن جدول أعمال التنمية المستدامة لما بعد 2015 وفعاليات COP21.
وتحدثت زونيينغا من على منبر المرأة في الأمم المتحدة UN Women عن التحديات التي واجهتها في بلدها، من مناصرة قضايا المرأة وآمالها في مؤتمر المناخ الحالي، بحيث تُقولَب المناقشات في هذا المؤتمر على شكل اتفاق ملزم للأطراف وستكون زونيينغا حاضرة بصفة مستشارة للوفد المكسيكي.
أما عن سبب مقاربة تغير المناخ من منظور جندري، فقالت: “هناك تأثيرات مختلفة لتغير المناخ على المرأة بالمقارنة مع الرجل، بسبب أوجه اللامساواة البنيوية، والتمييز طبقا للجنس في العمل، أما تغير المناخ فهو نافذة إضافية لترسيخ وتضخيم أوجه عدم المساواة القائمة، مما يعزز الإرتباطات المتداخلة بين أنواع التمييز المتعددة الناتجة عن تقاطع التمييز الجنسي مع الطبقة، العرق، السن، والوضع الجغرافي وبشكل يساهم في تعزيز تأثير تغير المناخ على المرأة. ففي هذا العالم الذي يؤدي فيه تمركز الثروة إلى تأثيرات اجتماعية وبيئية، فلا بد من حلول بنيوية: فتغير المناخ ناشئ عن فشل نماذج التنمية الحالية في بلادنا، حيث لا يشمل استنزاف موارد الأرض “extractivism”، وعلاقة الإفتراس بين الإنسان ومحيطه فحسب، بل ويتعلق بشكل جوهري بعدم المساواة بين الجنسين والإنتقائية والتمييز في مجتمعاتنا. وهذا مرجعه إلى أن العمل المنزلي والرعاية غير مدفوعي الأجر، وبهذا فالمرأة تدعم الإقتصاد رغم أنها الأقل مساهمة في النشاطات والقطاعات التي هي أكبر بواعث الكربون، والتي تساهم في تفاقم تغير المناخ، مثل الطاقة والنقل والصناعات المبنية على استخراج الموارد”.
أما عن التحديات التي واجهتها زونيينغا في إدراج هذا النوع من النقاش المتمحور حول تحديد موقع الجندرية في مفاوضات المناخ، كون هذا الموضوع هو نوع من حملة تأييد تنتهجها وتميز مسيرتها في الدفاع عن دور المرأة، وفي هذا المجال، قالت زونيينغا: “هذه الحملة التي اتبعها بتأييد المساواة بين الجنسين تواجه العديد من التحديات، فمن النظرة الأولى نجد أن العلاقة بين تغير المناخ والجندرية غير واضح للكثير من الناس، وبالمقابل فهو يثير المقاومة من المجتمع كونه يدعو إلى تغييرات هيكلية وبنيوية، فعندما تدعو إلى المساواة بين الجنسين، فأنت لا تشير إلى الأسباب البنيوية لهذه المشاكل فحسب، بل تشير إلى دعم الإقتصاد الذي توفره المرأة عبر العمل المنزلي والرعاية غير مدفوعي الأجر والإستغلال الذي تتعرض له، رغم تحملها تبعات تغير المناخ بالدرجة الأكبر، فهناك نوع من المقاومة للاعتراف بالمسؤولية لدى مجتمعاتنا حول مبدأ عدم المساواة، لأن ذلك يعني وضع حد للنموذج الإقتصادي المبني والذي يفضل تبادل السلع ورؤوس الأموال في ديناميكية الوضع الاستعماري الجديد بدلا من تعزيز رفاه الناس”.
أما بالنسبة لآمالها في الإتفاقيات الدولية التي سيتمخض عنها مؤتمر باريس، وخصوصا ما سيقدمه في مجال المساواة بين الجنسين، فأشارت إلى أنه “من الأهمية بمكان أن يكون مجمل الإتفاق ضمن إطار حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين والاستدامة كمبادئ فعالة لكل عمل مستقبلي، وعلاوة على ذلك، فإن قرار ونتائج مسارات العمل 2 (الذي يتعامل مع العجز مع الحد في الانبعاثات قبل 2020) يحتاج كذلك إلى الالتزام بهذه المبادئ”.
وتضيف زونيينغا “لنتوصل إلى نتيجة في ما يتعلق بالجنس، فعلينا أن ندرك أيضا أن النموذج الاقتصادي القائم والمرتكز على وسائط غير مستدامة للإنتاج والاستهلاك، يجب أن يتوقف”، ورأت أن “على الإقتصاد المبني على تفضيل السوق على حساب حقوق الإنسان التوقف كذلك، فضلا عن التوقف عن التركيز على الثروات على حساب العدالة، واقتصاد الوقود الأحفوري كنموذج على حساب كوكب صحي وسليم”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This