تتجه أنظار العالم بدءا من اليوم الاثنين إلى “لو بورجيه” في ضواحي باريس، لمتابعة نقاشات الوزراء المكلفين إبرام اتفاق عالمي حول المناخ، وما سيرشح عنهم من معلومات ومعطيات، لا سيما وأن الأيام المتبقية تعتبر اللحظات الأصعب على مستوى المؤتمر الأممي للمناخ COP21، ذلك أن كل الآمال معقودة على ما سيصدر عن المجتمعين من مقررات تهدف إلى احتواء ارتفاع درجة حرارة الأرض عند مستوى يقل عن درجتين مئويتين مقارنة بما كان عليه قبل الصورة الصناعية، وتكريس ذلك في اتفاق عالمي غير مسبوق يساهم في الحد من ظاهرة الاحترار.
ويلتقي الوزراء من 195 دولة مشاركة في المفاوضات صباح اليوم في “لوبو رجيه” للبحث في نص من 48 صفحة سعى المفاوضون منذ الثلاثاء الماضي إلى بلورته، وعلى الوزراء اتخاذ قرار حول المضمون من بين خيارات كثيرة ما زال النص يطرحها إلى جانب مسائل الدرجتين مئويتين وتوزيع الجهود على الدول، ووسائل التكيف مع تغير المناخ والملف المحوري المتعلق بالتمويل. وتبدأ مرحلة النقاشات الثانية هذه بعد أسبوع أول طبعه حضور أكثر من 150 رئيس دولة وحكومة في افتتاحه، ويكمن التحدي في الحفاظ على منسوب التفاؤل الذي ساد المؤتمر مع انطلاق التحضير للمرحلة الصعبة.
بان كي مون
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن المؤتمر الأممي للمناخ الذي يتوقع أن يثمر الجمعة عن احتواء تزايد درجة حرارة الأرض “ما زال على الطريق السليم”، وأكد أنه “بشكل عام نشهد إرادة وروحية إيجابيتين إزاء العملية”.
البابا فرنسيس
وطالب البابا فرنسيس أمس الوزراء بإبداء “الشجاعة” وتبني “قرارات مهمة”، فيما أكد رئيس المؤتمر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن مسودة النص المطروحة تشكل “تقدماً” لكن “يجب تعميق النص وإضفاء ترجمة ملموسة عليه بحلول الجمعة”، وأكد السعي إلى إنهاء الاتفاق الخميس ليجري تبنيه الجمعة عملاً بالجدول الزمني المقرر، ما سيشكل إنجازاً كبيراً لمفاوضات غالباً ما طبعها تمديد المهل.
موضوع التمويل
وقال مندوبون يشاركون في المحادثات إن الدول المتقدمة خصصت ما بين نحو 80 و90 بليون دولار سنوياً لمساعدة الدول الفقيرة في مواجهة ارتفاع درجات حرارة الأرض، لكن الاقتصادات الناشئة تشكك في هذا الرقم، معتبرة أن هدف الوصول إلى تمويل بقيمة 100 بليون دولار بحلول 2020 هو أمر بعيد المنال.
ويُعتبر موضوع التمويل من القضايا الأساسية في المحادثات، وفي تشرين الأول (أكتوبر) قدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تمثل الدول الغنية قيمة التعهدات المالية من العالم المتقدم بمبلغ 62 بليون دولار في 2014 سعياً إلى الوصول إلى الهدف الذي حددته الأمم المتحدة لجمع 100 بليون بحلول 2020.
التفريق بين الدول النامية والمتقدمة
وتنتظر الوزراء المكلفين مهام شاقة، لجهة إقرار اتفاق عالمي لتقليل انبعاثات الكربون، كما يتعين على الوزراء اتخاذ العديد من القرارات السياسية الضرورية لتكون مسودة الاتفاق مقدمة لاتفاق طويل الأمد.
وإذ أعربت العديد من الوفود عن الارتياح ببلوغ هذه النقطة على الأقل، إلا أنها تعتبر الساعات المقبلة حاسمة بعد سنوات من التفاوض.
وكما بات معلوما، تحدد الوثيقة عددا من الاختيارات أمام الوزراء بشأن ماهية الهدف طويل الأمد للاتفاق، وكذلك حجمه وأساليب جمع تمويل لصالح الدول الأشد فقرا، وبين الأمور الشائكة، سوف يتعين على الوزراء التعامل مع التفريق بين الدول النامية والمتقدمة، فيما تتحفظ العديد من الدول على تغيير أسلوب تقسيم الدول بين الفئتين اعتمادا على مواقعها في عام 1992 عندما جرى التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة.