تشكل باريس التي تستضيف مؤتمر المناخ الدولي، عاصمة البيئة العالمية حتى منتصف كانون الاول/ديسمبر، لكن هل هي فعلا مراعية للبيئة؟ والجواب: كلا على ما يعتبر خبراء عدة.

ترى كريستيانا فيغويرس مسؤولة المناخ في الامم المحدة ان باريس “هي بارقة امل تنير الطريق المؤدي الى بشرية افضل”. الا ان هذا الكلام الشاعري لا يؤثر كثيرا في سكان العاصمة الفرنسية المعتادين على السماء الملبدة والاجواء الملوثة.

ويقول يانيك جادو النائب الاوروبي والعضو في حزب الخضر الفرنسي “يصعب علي ايجاد مجال نشكل فيه قدوة للاخرين. المجال الوحيد الذي نتولى فيه القيادة هو خطابنا البيئي الفارغ”.

ويقول المسؤول البيئي ان ثمة الكثير من الكلام والقليل من الافعال فيما البلاد “متخلفة جدا” في هذا المجال. اما حزبه الذي يعاني خلافات داخلية فلا نفوذ كبيرا له على الساحة السياسية الوطنية.

واقرت فرنسا في تموز/يوليو الماضي قانونا حول عملية انتقال في مجال الطاقة الهدف منه خفض الاستهلاك العام للطاقة بالنصف بحلول العام 2050. وينص القانون على خفض الانبعاثات المسببة لمفعول الدفيئة باربع مرات بحلول التاريخ نفسه.

ويرى بونوا هارتمان الناطق باسم الاتحاد الفرنسي لجمعيات حماية البيئة ان هذا القانون يذهب في الاتجاه الصحيح لكن الاجراءات المتخذة غير كافية.

ويقول “السلبي في هذا القانون ان الوسائل التي يتضمنها تسمح بتحقيق 30 % من الاهداف فقط”.

في مجال مصادر الطاقة المتجددة، تأخرت فرنسا كثيرا. ففي العام 2013 كانت نسبة مساهمة هذه المصادر في استهلاك الطاقة الاجمالي في البلاد 14,2 %. وفي القانون الجديد ينبغي رفع هذه النسبة الى 23 % بحلول العام 2020. لكن تحقيق هذا الهدف يبدو صعبا.

ويقول بونوا هارتمان “مع الوتيرة الحالية (..) لن نحقق هذا الهدف في العام 2020”.

– لا اعذار –

ويفسر هذا التأخر بخيارات اتخذها الصناعيون قبل عقود عدة. ويوضح سيريل كورمييه مسؤول الطاقة لدى منظمة “غرينبيس” غير الحكومية المدافعة عن البيئة “كانت فرنسا من رواد الطاقة الشمسية في السبعينيات الا ان اللوبي النووي قضى على ذلك”.

ويرى خبراء ان فرنسا متخلفة منذ ذلك الحين. ويعتبر كورمييه “لقد اسأنا ادارة مرحلتنا الانتقالية نحو مصادر الطاقة المتجددة. في هذه الاثناء شهدت ايطاليا فورة في الطاقة الشمسية في حين تنتج اسبانيا 35 % من الكهرباء من مصادر طاقة متجددة”.

وفي مجال النقل ايضا تتخلف فرنسا عن جاراتها الاوروبية. وتتحدث آن برينغو من جمعية “ريزو اكسيون كليما فرانس”، عن تأخر الصناعيين الفرنسيين خصوصا في مجال السيارات الهجينة. وتوضح “في فرنسا بدأنا للتو البحث في انتاج سيارات تعمل على الغاز الطبيعي فيما تضم ايطاليا راهنا 72 الف سيارة تعمل بالغاز الحيوي”.

اما وسط المدن الفرنسية فلا يزال مفتوحا امام السيارات في حين اعتمدت اكثر من 200 مدينة اوروبية في انكلترا والمانيا وايطاليا وغيرها منذ زمن طويل اجراءات تحد من حركة السير.

وفي الحياة اليومية لا تقوم غالبية الفرنسيين بفرز النفايات بشكل جيد. واللجوء الى البلاستيك لا يزال منتشرا في عادات المواطنين فيما تحتل فرنسا المرتبة الاخيرة في تصنيف الاتحاد الاوروبي في مجال اعادة تدوير البلاستيك على ما يفيد الاتحاد الاوروبي في هذا المجال “بلاستيكسيورو”.

ويرى خبراء ان القدرات الفرنسية في مراعاة البيئة ضخمة جدا.

ويقول كورمييه “لدينا قدرات هائلة في مجال الطاقة الهوائية والشمسية والاحراج والغاز الحيوي لكننا لم نستغل ايا منها. ليس لدينا اي اعذار لتخلفنا عن الاضطلاع بدور قيادي في هذه المجالات”.

لكن ما الذي يلجم فرنسا؟ يتحدث بونوا هارتمان عن تضارب مصالح. ويوضح “الدولة تملك 85 % من شركة كهرباء فرنسا ومن الصعب عليها دعوة الناس الى استهلاك طاقة اقل”.

وهو يرى ان فرنسا تعاني خصوصا من غياب موقف سياسي صارم في وجه مجموعات الضغط “أكان ذلك في مجال انتاج الطاقة او النقل او الزراعة. لدينا في فرنسا مجموعات ضغط قوية جدا. والقوة الوحيدة القادرة على مواجهتها هي الارادة السياسية. وهذا ما نفتقر اليه اليوم في فرنسا”.

بقلم نورا شفيتزر

(أ ف ب)

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This