تتنقل حيتان مع صغارها في الماء تحت أشعة الشمس الحارقة في بويرتو لوبيز قبالة سواحل الاكوادور من دون ادراك اثر التغير المناخي عليها.

هذا المشهد الآسر يتكرر على طول السواحل الاميركية اللاتينية من بويرتو بيراميديس في الارجنتين الى لاغونا اوخو دي لييبري في المكسيك مرورا بكابو بلانكو في البيرو وباهيا مالاغا في كولومبيا.

لكن هذه العمالقة البحرية تعاني في كل مكان من ارتفاع درجات الحرارة، ما يؤدي الى تغير مصادر غذائها وإطالة دورات هجرتها وبالتالي اتعابها اكثر.

وتقول الاخصائية الاكوادورية في علوم الحياة كريستينا كاسترو ردا على اسئلة وكالة فرانس برس من بويرتو لوبيز حيث تواظب منذ 18 عاما على مراقبة الحيتان الحدباء “ان التغير المناخي يؤثر على الحيتان”.

وكما الحال مع اجناس اخرى، تنزل هذه الحيوانات حتى القارة القطبية الجنوبية بحثا عن غذائها ثم تعاود الصعود الى الاكوادور للتكاثر.

غير أن هذا المسار يشهد تبدلات بفعل ارتفاع حرارة المياه، ما يسبب ضلالا للحيتان ويعيق تنقلها.

وتبدي عالمة الاحياء الاكوادورية قلقها اذ ان “الحيتان الحدباء لم تعد تتوقف في الاكوادور بل تستمر في الصعود حتى كوستاريكا وتمضي الموسم كله في الترحال ذهابا وإيابا. لقد رصدنا مسارات تمتد على اكثر من عشرة الاف كيلومتر من القارة القطبية الجنوبية حتى المناطق التي تبحث فيها عن الغذاء في البرازيل وحتى في افريقيا”.

التكاثر في خطر

وتشير تقديرات اللجنة الدولية لتنظيم صيد الحيتان الى ان ثمانية الى عشرة الاف حوت أحدب رصدت سنة 2015 في منطقة تكاثرها في المحيط الهادئ الممتدة من البيرو الى كوستاريكا.

ويؤكد الاخصائي الارجنتيني في الحيتان الصائبة الجنوبية ماريانو سيروني أن الاحترار المناخي العالمي “يؤثر على كل الانظمة البيئية وخصوصا على القارة القطبية الجنوبية”.

فهذه الظاهرة المناخية تؤدي الى تقليص كميات اسماك الكريليات التي تمثل اساس تغذية الحيتان في المناطق القطبية حيث تلتهم هذه الثدييات اطنانا عدة يوميا من هذه الاسماك كقوت لها قبل الانطلاق في هجرتها.

ويدق روجر باين العالم الاميركي الذي كشفت دراساته عن صوت الحيتان في منطقة باتاغونيا في سبعينات القرن الماضي ناقوس الخطر ايضا بشأن زيادة حموضة المحيطات الناجم عن التبدل المناخي والذي يهدد عمليات تكاثر الحيتان.

ويوضح باين لوكالة فرانس برس “بناء على التحقيق الذي اجريناه في الارجنتين خلال السنوات الـ45 الماضية اثبتنا اثر التغير المناخي على احد الاجناس البحرية الرئيسة، فالإناث لا تضع صغارها إلا عندما تتوافر الظروف الملائمة لاطعامها”.

– “إيل نينيو” يفاقم الوضع –

كما أن وضع الحيتان مرشح للتفاقم بسبب الاثار “المدمرة” لظاهرة “ايل نينيو” المناخية التي تؤثر اصلا على الاجناس البحرية في جزر غالاباغوس الاكوادورية.

وجاء في تقرير اصدره المسؤولون عن متنزه غالاباغوس الوطني أن “التوقعات تشير للاسف الى ان الاثار العامة للتبدل المناخي تعكس بجزء كبير تلك الناجمة عن ظاهرة ايل نينيو”، كما حصل في الاعوام 1982-1983 و1997-1998 التي شهدت اكثر هذه الظواهر المناخية حدة منذ سنة 1950.

وقد أدت ظاهرة “ايل نينيو” المناخية الناجمة عن التفاعل بين المحيط والغلاف الجوي الذي يرفع حرارة المياه في المحيط الهادئ، الى زوال 90 % من حيوانات الايغوانا البحرية و50 % من ذئاب البحر و75 % من طيور البطريق وتقريبا حيوانات الفقمة التي يقل عمرها عن ثلاث سنوات.

ويشير سيروني الى ان تراجع اعداد اسماك الكريليات في القارة القطبية الجنوبية يسبب تراجعا في ولادات صغار الحيتان، لافتا الى ان “هذا الامر قد يؤثر على قدرة بقاء الصغار على قيد الحياة”.

وتلفت فلورنسيا فيلتشيس منسقة برنامج تبني الحيتان الصائبة الجنوبية في شبه جزيرة فالديس الارجنتينية التي تنتشر فيها هذه الفصيلة الى ان “الأم تدر حليبا بجودة ادنى في حال تلقت غذاء سيئا وهذا الامر يؤدي الى سوء تغذية لدى الصغار”.

غير أن الخطر مصدره الإنسان. ويؤكد ايان كير المدير التنفيذي لمنظمة “اوشين الاينس” أن “الحيتان تواجه تهديدات متزايدة، ابرزها التلوث والاصطدام بالسفن والتلوث السمعي والوقوع في شباك الصيادين”.

ويأمل العلماء في أن يساعد وضع ضوابط على السياحة في الحفاظ على الحيتان، اذ يمكن لأي شخص اليوم تبني أحد هذه الحيوانات الثديية العملاقة والمساهمة في تمويل برنامج لحمايتها.

بقلم سانتياغو بييدرا سيلفا

(أ ف ب)

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This