قد ينفذ الأكسجين من الكوكب إذا ارتفعت درجة حرارة الارض إلى ست درجات مئوية، هذا ما أشارت إليه دراسة حديثة أكدت أنه إذا سجلت درجة حرارة مياه المحيطات ارتفاعاً قدره ست درجات مئوية، يمكن أن يتوقف إنتاج الأوكسجين من العوالق البحرية (العوالق هي كائنات حية دقيقة معلقة في طبقة الماء القريبة من السطح، وهي من الكثرة بحيث إنها تجعل الماء أشبه بحساء تغتذي به الحيوانات الأكبر من أسماك وسواها، وتؤلف النباتات الجزء الأهم من العوالق لأن النباتات فقط هي القادرة على صنع غذائها بأنفسها عن طريق التخليق الضوئي) التي تنتج ثلثي الأوكسجين في الغلاف الجوي.
في قمة المناخ الحادية والعشرين المنعقدة حالياً في باريس والتي يجتمع فيها قادة 150 دولة من كل العالم في لقاء يعتبر الاهم والاضخم من أجل السعي لوضع اتفاق دولي للحفاظ على الاحترار العالمي ما دون درجتين مئويتين، لأنه في حال استمرار التغيرات المناخية في التسارع، فإن العواقب ستكون وخيمة مثل زيادة الظواهر المناخية المتطرفة والخطيرة في جميع أنحاء العالم.
يعتبر مؤتمر باريس اهم مؤتمرات الارض فيما يخص البيئة التي تسعى من خلاله كل الدول لانقاذ الكوكب من الكوارث البيئية المحتملة والتي تهدد حياة الكوكب، ويرى المشاركون أنه يجب اتخاذ إجراءات جدية الآن وليس بعد فترة.
وتأكيداً على الخطر الداهم، بينت دراسة أجريت في “جامعة ليستر”، أنه مع زيادة درجة حرارة مياه المحيطات بنحو ست درجات مئوية، وهذا ما يتوقع العلماء حدوثه قبل عام 2100 فإن ذلك سيؤدي حتماً الى توقف إنتاج الأوكسجين من العوالق والنباتات البحرية المنتجة لثلثي الأوكسجين الموجود في الغلاف الجوي.
إن الاحترار العالمي يشكل تهديدا أكبر لاستمرار الحياة على الأرض بسبب تناقص مستويات الأوكسجين، وسيؤدي الى كوارث طبيعية مثل الفيضانات في اماكن من العالم والتصحر في اماكن اخرى، اضف اليها الزلازل والبراكين، ويقول الدكتور سيرغي بيتروفسكي مسؤول قسم الرياضيات في جامعة ليستر “الأمر يعني الكثير إذ سيؤدي ارتفاع درجات حرارة مياه المحيطات ليس فقط الى اختفاء الاوكسجين من المياه، وانما الى انخفاض الاوكسجين في الهواء أيضاً، الامر الذي سيتسبب بموت الكثير من الكائنات الحية على سطح الكوكب.
في حين أن غالبية الدراسات تركز على دورة ثاني أكسيد الكربون كونه العامل الرئيسي المسؤول عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، فإن هذه الدراسة كشفت أن هناك آثارا خطيرة للاحتباس الحراري على إنتاج الأوكسجين، وأن اختفائه سيؤدي الى كوارث حقيقية، وتوقعوا في هذا المجال ان أعتى الظواهر الطبيعة الناتجة عن هذا الاحتباس ستتجلى في الطوفان العالمي الذي قد ينتج عن ذوبان الجليد في القارة القطبية الجنوبية، في حال تجاوز ارتفاع درجات الحرارة بضع درجات فوق المستويات التي كانت عليها في فترة ما قبل الثورة الصناعية، وأكد كل علماء المناخ على ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة في قمة المناخ في باريس بهذا الخصوص.
خطر الاحتباس الحراري على الكائنات
كل التقارير المقدمة الى قمة المناخ من قبل المنظمات غير الحكومية والشركات الصديقة للبيئة وحكومات البلدان البيئية بامتياز، قالت بأن الاحتباس الحراري سيؤثر على البشر وبعض الأنواع الحيوانية الاخرى، وأشارت توقعات العلماء في هذه التقارير أن التغير المناخي يمكن أن يؤدي الى انقراض واحد من كل ثلاثة أنواع من الحيوانات في المستقبل.
وجميع تلك التقارير اشارت الى أنه “علينا التذكر بأن الانسان ليس الوحيد المهدد بمخاطر كارثية نتيجة الاحتباس الحراري وانما هناك انواعاً عدة من الكائنات الحية الاخرى، فقد أدت التغيرات المناخية الى تغير واضح وجلي في الموائل، حيث انخفض عدد الفرائس التي تشكل غذاء رئيسيا لبعض الحيوانات اللاحمة، وازداد نزاع البشر على الموارد الطبيعية وازداد تلوث الهواء والمياه على سطح الكواكب بكافة اشكال الملوثات وانواعها، الامر الذي تجلت نتائجه في انخفاض عدد بعض انواع الكائنات وتهديد أنواع أخرى بالانقراض”، فحسب صحيفة “انترناشونال بيزنس تايمز”، هذه هي بعض الحيوانات التي تأثرت بشدة من ظاهرة الاحتباس الحراري: طائر البفن، السلاحف البحرية، بيكا الأميركية، نمور الثلج، سمك القد الأطلسي، سمكة التونة الزرقاء، الرنة، الدببة القطبية وطيور البطريق والكوالا.
اختفاء 15,000 نوعا من أشجار الأمازون
في اواخر العام الماضي اعدت دراسة من قبل “منظمة حماية الغابات” تقول أنه في عام 2260 ستختفي تماما اكبر غابة في العالم (غابة الامازون)، حيث ان القطع غير المشروع والحرائق تعد احد التهديدات الرئيسية لكل غابات العالم اجمالاً، ومنها غابات الامازون المطيرة، الا ان التغير المناخي يهدد اليوم وبشكل جدي ما يعادل نصف هذه الغابات بالانقراض (اكثر من 15000 نوعا من النبات والاشجار الاستوائية)، حيث أدرجت من 36 بالمئة الى 57 بالمئة من الانواع التي تنمو في تلك الغابات في قائمة الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً لمعايير ودراسات الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة (IUCN).