أعلن منذ أيام قليلة في العاصمة الفرنسية، وبشكل استعراضي، على وقع مفاوضات المناخ الجارية بصخب في ” لوبورجيه”، الضاحية الباريسية، أن فرنسا تصمم قمرا صناعيا لمراقبة مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي للكرة الأرضية.

نعم إنه خبر جميل، من المفيد ولا شك أن نطور أجهزة قياس الانبعاثات ونرصدها ونتابع تغيراتها، وهذا بالطبع مهم جدا. ولكن تقوم مفاوضات المناخ من أجل وضع سياسات تخفيف الانبعاثات والتحكم بنتائجها. فتطوير أجهزة القياس لا يحل محل تحقيق هذا الهدف الكبير للمفاوضات، والذي ينبغي أن يتجسد في اتفاقية جادة وقوية وملزمة ومرتبطة بأهداف طموحة وببرامج زمنية محددة. فتطوير موازين حرارة عالية الدقة لا يؤدي إلى هبوط الحرارة التي قاربت حدود الخطر المميت. هذه هي القضية الأولى.

والقضية الثانية، أنه خطر على بالي تخيل مقدار موازنات التسلح في دول العالم الصناعية والغنية عموما، وموازنات وزارات الدفاع في هذه البلاد، حيث يمكن أن يصل مجموعها إلى آلاف مؤلفة من مليارات الدولارات. نعم إنهم يرصدون آلاف المليارات للتسلح ولفرض النفوذ و”الدفاع” عن المصالح الحيوية لدولهم وأحلافهم وأتباعهم وأذنابهم. في حين أن المطلوب أن يتفقوا على تمويل “الصندوق الأخضر” لمساعدة البلدان النامية والفقيرة على مواجهة كوارث التغير المناخي، الذي تتحمل الدول الصناعية الغنية المسؤولية التاريخية عن التسبب به، بموازنات تتصاعد تدريجيا لتصل إلى 100 مليار دولار فقط في العام 2020. وهذا ما يراوغ الجميع هنا بالتردد بإعلان التزامات واضحة وجريئة تلبي هذا الحد المتواضع لتلبية حاجات مواجهة كوارث التغير المناخي. وتعتبر هذه المسألة المسماة “المسألة المالية” من المحاور الأكثر أهمية في المفاوضات، وواحدة من عقده العويصة أيضا.

أما القضية الثالثة، في حين يعمل الجميع على تجاوز عقبات إعلانات الدول الصناعية والغنية الالتزام بالتمويل في الصندوق الأخضر، تنبري المملكة العربية السعودية لتضع التعاون “جنوب جنوب” بمواجهة تمويل “الصندوق الأخضر” للمناخ، الذي يمول، وفق “آلية مالية” واضحة، مساعدات الدول النامية على مواجهة التكيف مع تغير المناخ وآثاره المدمرة على بلدانها وشعوبها واقتصادها. إنها تسعى لأن تبقى “المكرمات” بديلا عن الصندوق الأخضر والآلية المالية.

هل يريد العالم فعلا مكافحة تغير المناخ؟ هل يريد حقا اتفاقية للمناخ؟ إنه سؤال مقلق، ولكنه يبدو أنه مشروع جدا أمام ما يحدث في باريس هذه الأيام.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This