أصدرت منظمة الأغذية العالمية منذ فترة، تقريراً يتحدث عن حدوث مجاعة وأمراض لملايين الساكنين في أفريقيا، وذلك نتيجة تردد ظاهرة النينو والنينا، بحيث يصل نقص الغذاء إلى أقصى مستوياته في شهر شباط (فبراري)، وقد يمتد حتى الربيع، لذا نرى أن توضيح الظاهرة يمكن أن يكون مفيداً للقارئ لمعرفة أضراره.
مصطلح النينو يعني الطفل بالإسبانية، نسبة إلى السيد المسيح، وهي ظاهرة تحدث في وقت عيد الميلاد وتستمر لشهور عدة، والنينو مصطلح استخدمه الصيادون على سواحل البيرو والأكوادور للدلالة على تيارات المحيط الهادي الدافئة وما يجلبه من أمطار غزيرة.
انتشرت هذه الظاهرة بين عامي 1997 و1998، وتسببت باضطرابات مناخية هائلة في المناطق الاستوائية من القارة الاميركية الشمالية، وانتشرت الحرائق الهائلة في إندونيسيا والبرازيل، كما حدثت كوارث وفيضانات على شواطئ امركيا اللاتينية وشرق القارة الافريقية، ويعتبر النينو الذي انتهى مفعوله بتجميد مفاجئ للمياه السطحية للمحيط الهادي، أعنف ظاهرة حدثت في القرن العشرين، حين فاق بشدة ظاهرة النينو التي حدثت عامي 1982-1983.
النينو تتصف بانتقال كتل هائلة من المياه الحارة في المحيط الاستوائي من الشرق إلى الغرب، بينما النينا تنشأ من اندفاع هذه المياه الساخنة نحو الشرق، من المحيط الهندي وآسيا واندونيسيا واستراليا، أي أن تغير درجة الحرارة يؤثر في أحد المحيطات على الجو في منطقة أخرى بعيدة، يطلق لفظ La Nina بالفرنسية في حال كانت التغيرات نحو الأبرد.
عادة ما تأتي ظاهرة النينو متبوعة بظواهر لانينا والتي لها تأثيرات عكسية، لكن مماثلة في الضرر، بحيث أنه خلال فترة حدوث النينو تنقل كميات كبيرة من الحرارة من المحيطات إلى الجو، ثم يتبعها انخفاض في درجات حرارة المحيطات، وهي تعبر عن حدوث ظاهرة لانينا، من الممكن أن يتبع النينو الذي يحدث الجفاف حدوث فيضانات بفعل النينا في العام القادم، وهي ظواهر تسبب ضرراً بنفس الضرر، ولكن بشكل عكسي، لكن بشكل عام فإن للنينا تأثيرات مناخية أقل حدة من تأثيرات النينو.
لقد ضربت ظاهرة النينو اقتصاد الدول الفقيرة، وفرضت آثارها السلبية فقراً متزايداً على السكان، وتأخراً في النمو والتطور في كثير من دول العالم، ليس هذا فقط، فعندما تتأثر المناطق الاستوائية بذلك، ستتأثر أسعار القهوة والرز والكاكاو والسكر، أي أنه لن تتأثر الدول الفقيرة فقط، بل ستطال الدول المتقدمة نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
د. أكرم سليمان الخوري