يتابع المغرب تحضيراته لاستضافة مؤتمر المناخ COP22، مع متابعة حثيثة من قبل مجموعة منظمي فعاليات المؤتمر، ولا سيما من الفرنسيين وحلفائهم في المغرب، استعدادا لأكبر حدث دبلوماسي تنظمه المملكة المغربية في القرن الحادي والعشرين.
ومن المتوقع أن يحضر المؤتمر والمزمع عقده في المغرب في الفترة ما بين 7 و18 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 حوالي 30 ألف مشارك من مختلف دول العالم، لكن ثمة عقبات بدأت تلوح من الآن، خصوصا أن وزير الخارجية صلاح الدين مزوار وزميلته وزيرة البيئة حكيمة الحيطي قد يتركا منصبيهما قبيل بدء المؤتمر، ويذكر في هذا السياق أن الملك محـمد السادس قد أوكل وزير الداخلية محـمد حصاد بتنظيم المؤتمر قبل أسبوع من استدراج العروض لهذا الحدث.
ويواجه المؤتمر عقبات كثيرة، أهمها التمويل المقرر من الإتحاد الأوروبي، بعد أن حجبت “بروكسل” عاصمة بلجيكا 12 مليون يورو كمساهمة في COP22، بسبب نزاع دبلوماسي مع الرباط حول الصحراء الغربية.
وقررت الرباط تعليق التواصل مع المؤسسات الأوروبية في أوائل هذا الشهر، بعد قرار المحكمة الأوروبية “عدم شرعية” اتفاقية الصيد البحري وتبادل المنتجات الفلاحية the EU-Morocco Agriculture Agreement الموقعة بين الطرفين في العام 2012، كونه لم يلحظ الوضعية الخاصة في مناطق الصحراء الغربية، باعتبارها مناطق متنازعاً عليها، والواقعة تحت السيطرة المغربية منذ العام 1975.
وبررت المحكمة قرارها بكون الاتفاق لم يشر بوضوح إلى الصحراء الغربية، ما يفتح الباب امام احتمال ان يطاول الاتفاق المنطقة المتنازع عليها مع المغرب، وبأن اتفاقية التجارة التي تغطي المنطقة باطلة، بسبب استمرار الاحتجاجات من قبل “جبهة البوليساريو” ضد حكم الرباط، التي تسعى لفصل الصحراء عن المغرب واقامة دولة مستقلة عليها.
وقامت “الجبهة” برفع دعوى قضائية ضد الاتفاق الفلاحي الأوروبي – المغرب، كونه يتعلق باستغلال غير شرعي لثروات المنطقة، وردت الحكومة المغربية بأن هذا التصرف سياسي إلى حد بعيد، ويعتبر مخالفا للقانون الدولي، وعبر عن هذا الأمر وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار خلال زيارة قامت بها الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية في لجنة يونكر، فريدريكا موغيريني Federica Mogherini، وقال مزوار: “هذه الخطوة خاطئة من الناحية القانونية، ومنحازة سياسيا”، مؤكدا أن “هذه القضية استراتيجية للغاية، وليست قضية قضائية عادية، وهي عنصر اساس في استمرار الشراكة مع الإتحاد الأوروبي”.
وردت موغيريني بأن “الاتحاد الأوروبي مقتنع بأن الإتفاقيات مع المغرب لا تنتهك القوانين الدولية”، وأضافت أن “الاتحاد الأوروبي قدم استئنافا لدى محكمة العدل الأوروبية على الحكم المؤرخ في 10 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي”.
وقدمت موغيريني التوضيحات والضمانات اللازمة، خلال محادثاتها مع السلطات المغربية، مضيفة أن “الاتحاد الأوروبي والمغرب سيعملان كشركاء حقيقيين بشأن هذه المسألة”.
وتحقيقا لهذه الغاية، سيكون هناك حوار شفاف، منتظم ومستمر، وقالت موغيريني بهذا الصدد أنه “من المتوقع أن يتوجه الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة، نهاية شهر آذار (مارس) الجاري، إلى العاصمة البلجيكية بروكسيل، حيث مقر الاتحاد الأوروبي، لوضع اللمسات النهائية على اتفاق مغربي – أوروبي حول اتفاقية الصيد البحري والمنتجات الفلاحية، على مضمون هذه الشراكة مع الإتحاد الأوروبي”.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب حيث تمثل الواردات المغربية إليه نحو 77 بالمئة من مجمل صادراته، كما تربطه اتفاقيات كبيرة عدة مع الاتحاد في مجالي الزراعة والصناعة إضافة إلى اتفاق للتبادل الحر.
وأشارت مصادر أن مبلغ 12 مليون يورو (حوالي 13 مليون دولار أميركي) قد حجب حتى يتم حل هذا النزاع.
وأفادت وسائل إعلام محلية مغربية، أن تجهيز مكان انعقاد المؤتمر وحده سيكلف 23 مليون دولار أميركي (حوالي 21 مليون يورو)، ويشكل هذا المبلغ حوالي ثلث التكلفة الإجمالية لتنظيم القمة.
وأملت المغرب أن تساهم الجهات المانحة الخارجية بتقديم جزء كبير من التمويل، ويذكر أن كندا والولايات المتحدة قدمتا عروضا بهذا الشأن.
وبحث اجتماع لمسؤولين بارزين في الامم المتحدة في كانون الثاني (يناير) أوائل العام، في مخاوف حول استعداد استضافة المغرب لهذا الحدث الحاسم في مجال تعزيز العمل من أجل المناخ، فضلا عن مخاوف من أن الإنتخابات البرلمانية المغربية في أيلول (سبتمبر) القادم، قد تعرقل التخطيط للمؤتمر، مع تعيين الملك محـمد وزير الداخلية محـمد حصاد لتولي مسؤولية التخطيط، ليحل مكان وزير الخارجية مزوار ووزيرة البيئة الحيطي، اللذان يترشحان للإنتخابات النيابية هذا العام.
ويذكر أن الحكومة المغربية، بادرت بالعمل على المصادقة خلال الأسبوع القادم على حساب خاص مستقل للمؤتمر يضمن الشفافية والمحاسبة، ويذكر أن المغرب كان قد استضاف مؤتمر المناخ COP7 في العام 2001.
سوزان أبو سعيد ضو