مايا نادر

بات الموضوع البيئي من أولويات كافة القطاعات، انتاجية كانت ام سياحية، علمية ام طبية او حتى تكنولوجية، وفي حين ان هناك الكثير من المخلفات على سطح الكرة الأرضية تؤثر سلباً على البيئة، يصنّف البلاستيك ضمن المخلفات الصلبة في أوروبا وأميركا واستراليا، نظراً لاضراره الكثيرة.
لا يقتصر الخطر الذي يخلّفه البلاستيك على الحياة البرية بالأذى المادي فقط، بل يكون كيميائياً أيضا، فالبلاستيك مادة سامة في حد ذاتها، أو يقوم بامتصاص مواد ملوثة أخرى، فضلاً عن انه عندما يتحطم الى قطع صغيرة، يتسلل إلى السلاسل الغذائية، حسب الدراسات المخبرية التي اثبتت أن عددا من اللافقاريات والأحياء الدقيقة تقوم بهضم جسيمات صغيرة من البلاستيك، مصدرها القماش الصناعي كالبوليستر، وأيضاً مواد التنظيف التي تحوي البلاستيك.
بعيداً من تفاصيل المواد البلاستيكية واضرارها، يصبّ البيئيون والعلماء جهودهم على استنباط طرق للتخلص من مخلّفاتها بأقل الاضرار الممكنة.
وقد تم اجتراح حلول عديدة في هذا المجال، ففي العام 2011، عرضت شركة Blest اليابانية آلية لتحويل البلاستيك الى نفط، مشددة على انه اذا كان لا بد من حرق البلاستيك، فستتولد سموم وكمية كبيرة من غاز ثاني أوكسيد الكربون CO2، لكن في حال تم تحويله إلى نفط، فيتم توفير نسبة غاز الـ CO2 المنبعث، وبنفس الوقت يزداد وعي الناس إلى قيمة المواد البلاستيكية.
وقال أكينوري إيتو، الرئيس التنفيذي للشركة، ان هذه التقنية آمنة جداً لأنها تستخدم التحكم في درجة الحرارة، وتستخدم سخان كهربائي بدلاً من اللهب، والآلة قادرة على معالجة البولي ايثلين والبولي ستايرين والبولي بروبلين، ولكن ليس الزجاجات البلاستيكي (زجاجات PET). والنتيجة أننا سنحصل على الغاز الخام الذي يمكن أن يعمل كوقود للمولدات أو المواقد، وإذا ما تمت معالجته يمكن أيضاً ضخه كوقود للسيارة، القارب أو الدراجة النارية. كيلوغرام واحد من البلاستيك ينتج ما يقارب ليترا واحدا من النفط، لتحويل هذه الكمية نحتاج الى حوالي 1 كيلووات ساعة من الكهرباء، أي ما يقارب 20 سنتا”.
في الاطار نفسه، أظهرت نتائج دراسة نشرت في دورية “Environmental Science and Technology” في العام 2015، اهمية الديدان في معالجة النفايات البلاستيكية عن طريق تقديمها كوجبة غداء لديدان صغيرة تعرف بـ “mealworm”.
واشار الفريق البحثي القائم على الدراسة من “جامعة ستانفورد” إلى أن الديدان هي أحد أنواع الخنافس التي تعرف بـ “darkling beetle”، واستطاع الباحثون تأكيد أن جوف تلك الديدان يحوي بكتيريا دقيقة لها القدرة على تحليل مواد بلاستيكية، لقدرتها على هضم “البوليستيرين”.
وفي حين اعتبرت تلك الدراسة الاولى في تقديمها بيانات تفصيلية لتحليل البكتيريا لمواد بلاستيكية، فتح العلماء شهيتهم على امكانية استنباط حل قريب وغير مكلف لمشكلة التلوث الناجم عن البلاستيك.
استكمالاً لهذا المشروع، أوردت “وكالة تاس” منذ يومين أن مختصين يابانيين اكتشفوا بكتيريا تستطيع التغذي على بوليميرات البلاستيك (بولي إيتيلين تيريفثالات) المستخدم على أوسع نطاق في أنحاء العالم لإنتاج أوانٍ بلاستيكية.
ويزيد حجم الإنتاج السنوي لهذا البلاستيك عن 50 مليون طن، وأعيد استعمال هذا البلاستيك حتى الآن عن طريق عملية كيميائية معقدة باستهلاك مقادير كبيرة من الطاقة. وكان العلماء يعتقدون سابقا أن هذه المادة لا تتأثر بالأحيائيات البدائية، غير أن الباحثين اليابانيين اكتشفوا نوعا من البكتيريا يستطيع التغذي على هذا البلاستيك عن طريق إنزيمين تفرزهما هذه البكتيريا ثم تستخدم هذا البلاستيك كمصدر للطاقة.
فتحلل هذه البكتيريا البوليمير المذكور إلى ثاني أوكسيد الكربون والماء. وفي أثناء التجارب قضت هذه الأحيائيات البدائية على غشاء رقيق مصنوع من البولي إيتيلين تيريفثالات.
رغم أن هذا الاكتشاف، سيتطلب وضع تقنيات صناعية خاصة لتفكيك وتحليل مثل هذا البلاستيك بواسطة البكتيريا وقتا طويلا، الا ان الطريق السليم يبدأ دائما بخطوة من الالف ميل!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This