حتى الخبز غير مطابق للمواصفات! هذا ما أعلنه اليوم وزير الصحة وائل أبو فاعور، في “اكتشاف” لا يشق له غبار، لكن دون أن يحدد منذ متى ونحن نتناول خبزا ملوثا؟ وأين كانت الوزارة قبل الإعلان عن بعض أسباب موتنا؟
نعم، رغيف الفقراء ملوث بمادة “الأوتراتوكسين”، وهذه سموم فطرية مُسرطِنة وُجدت في الرغيف المفترض أن يكون بعيدا عن كل أسباب التلوث، فهو في عرف اللبنانيين يدنو من أن يكون مقدسا، فمنذ الحرب الكونية الأولى، أيام “سفر برلك” والموت جوعا، أسبغ أجدادنا على الرغيف بعضاً من إجلال، حتى إن وقعت كسرة منه، فعلينا أن نتناوها ونقبلها ونطلب من الله المغفرة، ربما لم نتيقن ونحن صغارا السبب في تربيتنا على احترام الخبز، لكن في ما بعد أدركنا كم واجه الأجداد العوز وتضوروا جوعا، يوم نافسهم الجراد على لقمة عيشهم.
لكن، يبدو أن ثمة اتجاها لتمييع القضية، بدأ مع رد وزارة الاقتصاد بأن القمح غير ملوث، فيما وزارة الصحة استندت إلى نتائج الفحوصات المخبرية، ولم يمض أكثر من ساعتين حتى ردت وزارة الصحة على وزارة الاقتصاد، من أنها استندت الى 31 عينة من مصادر مختلفة وتواريخ متباعدة للتأكد من صحة البيانات.
آخر ما يعنينا هذا السجال، لأنه سيتحول – تبعا للفولكلور اللبناني – سجالا بين فريق سياسي وآخر، وما يهمنا أن يبدأ تحقيق شفاف من سائر الجهات الرقابية والقضائية، وسريعا، وإن كنا نعلم أنه لن يصل إلى نتيجة تطمئننا وتنقض هواجسنا، طالما لم نسمع – رغم الارتكابات الكبيرة في أكثر من ملف – أن القضاء تمكن اتهام مسؤول يبمتع بحصانة طائفته، فكم بالحري إن كان وزيرا يضرب بسيف زعيمه؟
يبدو أن ما هو مسموح ومباح في الوطن المصادر، هو موتنا فقط!
أنور عقل ضو
