د. أكرم سليمان الخوري

في نظرة سريعة على واقع التصحر في الوطن العربي، يلاحظ أن المنطقة العربية تتصف بظروف مناخية حرجة ومحدودة الموارد الطبيعية، وتعد مستويات شح المياه في معظم بلدان المنطقة من بين المستويات الأعلى في العالم، كما أن معدلات هطول الأمطار منخفضة وغير منتظمة، لذلك تشهد المنطقة حالات جفاف متكررة، ما يسهم في تسارع عمليات التصحر، يدعم ذلك التغيرات المناخية التي تؤدي إلى زيادة وطأة الجفاف في المنطقة العربية.
تقدر المساحة المتصحرة في الوطن العربي بحوالي 9.8 مليون كيلومتر مربع تمثل 68 بالمئة من المساحة الكلية للوطن العربي، أما المساحة المهددة بالتصحر فتقدر بحوالي 2.87 مليون كيلومتر مربع (المنظمة العربية للتنمية الزراعية 2007)، وقد انخفضت مساحة المراعي من 510 مليون هكتار عام 1986 إلى 456 مليون هكتار عام 2005 (أكساد 2007)، وتراجعت مساحة محاصيل الحبوب من 31 مليون هكتار عام 2003 إلى 28.2 مليون هكتار عام 2004، كما تشير الإحصاءات إلى أن متوسط نصيب الفرد من الناتج الزراعي في انخفاض مستمر، حيث تناقص من نحو 253 بالمئة للفرد في المتوسط خلال الفترة 1990-1994 إلى نحو 216 بالمئة للفرد في المتوسط خلال الفترة 2000-2004 (المنظمة العربية للتنمية الزراعية 2007).
أما الأسباب الرئيسية للتصحر فتعزى إلى عاملين أساسيين هما:
أ‌-العامل البشري: لقد تجلت الأسباب الناجمة عن هذا العمل بما يلي:
-الضغط السكاني على الموارد المائية وسوء استعمالها.
-استعمال الأراضي الرعوية في الزراعة المطرية أو تحويلها إلى مزارع مروية.
-الرعي الجائر والمبكر وتزايد أعداد الثروة الحيوانية- إزالة الغابات.
-التوسع العمراني.
-سوء استخدام موارد الأراضي.
-الاستعمال غير المرشد للأسمدة والمبيدات الزراعية.
ب‌-العامل المناخي: تلعب التغيرات المناخية في المنطقة العربية باتجاه الجفاف دوراً مهماً في نشوء الأنظمة البيئية الهشة، التي تتصف بضعف الغطاء النباتي، وسيادة الترب غير المتطورة سهلة الانجراف الريحي والمائي، ولا شك أن للتغيرات المناخية تأثيراً مباشراً على عمليات التصحر، تتلخص بما يلي:
-حدوث هبوط لمناسيب المياه الجوفية.
-ازدياد انجراف التربة بسبب تدني نسبة التغطية النباتية.
-تذبذب إنتاجية المراعي تبعاً لكمية وتوزع الهطول المطري.
-تدهور الغطاء النباتي الطبيعي.
-تأثر النباتات المحصولية بالجفاف وتدني إنتاجيتها.
-تدهور خصوبة التربة وزيادة ملوحتها.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين التصحر والتغيرات المناخية هي علاقة متبادلة، فكما للتغيرات المناخية أثر كبير على عمليات التصحر، فإن التصحر يلعب دوراً في التغيرات المناخية من خلال ما يلي:
-تؤدي إزالة الغطاء النباتي إلى انخفاض كمية الأمطار المحجوزة بالأشجار وزيادة الجريان السطحي، وبالتالي انخفاض الرطوبة الجوية.
– تؤدي ظاهرة التصحر إلى إزالة الطبقة السطحية من التربة، وبالتالي انخفاض رطوبة التربة الواردة إلى سطح الأرض بسبب امتصاصها من قبل الغبار.
وبالإجمال، فإن هناك تأثيرات سلبية مشتركة للتصحر والتغيرات المناخية، أهمها تراجع الإنتاج الزراعي وتدهور الغطاء النباتي وفقدان التنوع الحيوي ونقص تأمين الماء والغذاء، مما يشكل تهديداً مشتركاً للأمن الغذائي فضلاً عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This