تمكنت جمعية “الجنوبيون الخضر” في فترة زمنية قياسية، من تأكيد حضورها على الساحة البيئية في الجنوب اللبناني، في ما أنجزت من خطوات لجهة التوعية على ضرورة حماية الحياة البرية، والحفاظ على الأنواع المهددة كالذئاب والضباع وأنواع كثيرة من الطيور، وقادت حملات واسعة في هذا المجال، اتخذت في بعض المحطات بعدا قانونياً، خصوصا في قضية الضبع الذي علق في شراك أحد الصيادين من بلدة بلاط، هذه القضية التي شكلت سابقة بيئة وقضائية في لبنان، بعد أن أمر المدعي العام القاضي علي ابراهيم السلطات المختصة في منطقة مرجعيون بإطلاقه، بعد وقوعه في شراك مواطن في الرابع عشر من أيلول (سبتمبر) الماضي، ونقله للعلاج في مدنية عاليه، ومن ثم إعادة إطلاقه بعد شفائه في بيئته الطبيعية.
جديد الجمعية مشروع طمو بدأت منذ أشهر عدة التحضير له، وهو عبارة عن إطلاق “محمية وادي زبقين” في قضاء صور، ومثل هذا العمل يتطلب الكثير من الجهد والمتابعة.
الناشط في جمعية “الجنوبيون الخضر” وسيم بزيع، قال لـ greenarea.info ان “وادي زبقين، اي المنطقة التي سيشملها مشروع المحمية، يقع على مساحة عشرين كيلومترا، ويشمل عدة قرى، بدءاً من وادي العزية في الحنية جنوباً، وجزءاً من اراضيه العقارية باتجاه القليلة والمنصوري، صعوداً إلى ياطر وصولا الى رامية ومجدل زون اللتين تشكلان حدوده الشمالية، ويمتد شرقاً نحو شيحين وبعض تخوم الجبين، وحتى شمع ومروحين ويصل إلى حدود فلسطين المحتلة، ومن هناك يتصل بأحراج ممتدة جنوباً باتجاه علما الشعب والناقورة”.
من يزر بعضا من أجزاء هذا الوادي المكسوة بالغابات يرَ بأم العين جمالا منقطع النظير، وسط التلال والهضاب المنسابة نحو أودية ومنحدرات، ما يؤكد أن “وادي زبقين” فريد من نوعه ولا زال محافظاً على كامل خصائصه وعناصره، أي أنه ما يزال في منأى عن العبث والفوضى والتدمير.
وبحسب بزيع “تتواجد في الوادي العديد من الأجران الصخرية، والتي تؤشر إلى نشاط بشري قديم لم تجر عملية تحديده حتى تاريخه، وأشهر تلك الأجران ما يتعارف عليه أهل زبقين بـ (جرن بزيع)”.
خصائص الودي وتنوعه البيولوجي
يتميز الوادي بتنوعه البيولوجي، وتنتشر فيه أنواع عديدة من الأشجار، لكن ما يعتبر سمة خاصة في هذه المنطقة الجنوبية، أن هذه الأشجار في كثير من المواقع تمتاز بكثافة نادرة، ومن أصناف الأشجار والشجيرات، بحسب ابن زبقين حسين زهرالدين: “السنديان، الشبرق، البلان، البطم، الشبراء، الطيون، الخرنوب، الحور، الدفلى، القندول، الاكاسيا والطلح”.
وأشار زهر الدين إلى أنه “تعيش في الوادي العديد من أنواع الحيوانات كالخنازير البرية، الثعالب، الضباع، النيص والطبسون، كما ان هناك مشاهدات لأنوع من الهر البري، بالإضافة إلى العديد من أنواع القوارض”، وقال: “كما تنتشر أنواع الطيور، من بينها: اليمام البري، البواشق والصقور، الفري والحجل، بالاضافة الى الزواحف والافاعي والحشرات”.
وما يتميز به الوادي – بحسب زهر الدين – “انتشار المغاور والكهوف الطبيعية على مساحات واسعة، أشهرها (المغر) و(أبو زيريق)، كما تنتشر فيه العيون من بينها (الدالفة) وسميت كذلك لتفجره ودلفه من الصخر، كذلك يوجد فيه العديد من ينابيع وجداول المياه، بعضها دائم وبعضها موسمي اشهرها: العزية وعين التينة والدلاسة والنفخة”.
المعوقات
وعرض بزيع لبعض المشاكل التي تعيق مشروع المحمية، واهمها “وجود أراضٍ مصنفة كسارات ضمن الوادي من جهة مجدل زون، تعديات على مشاعات في أطراف الوادي، بعض الاراضي المملوكة وغير المستغلة، رمي النفايات من قبل بعض البلديات والمواطنين عند أطرافه، وكذلك بعض الزوار لوادي العزية الذين يخلفون وراءهم النفايات، ومن شأن ذلك بالإضافة إلى تلويث الوادي، أن يتسبب بحرائق خصوصا مع رمي الزجاجات الفارغة، وجود بعض القنابل العنقودية غير المنفجرة في المنطقة الحرجية الداخلية، من مخلفات عدوان تموز (يوليو) 2006، وعدم وجود تعاون حاليا من قبل السلطات المحلية، إذ ليس هناك تجمع بلديات، خصوصا وأن المشروع يضم عددا من القرى والبلدات”.
ويلقى المشروع في طور تبلوره اهتماما من معظم المواطنين في القرى المجاورة، باعتباره “مشروعا تنمويا عنوانه السياحة البيئية”، بحسب علي حرقوص، الذي أشار أيضا إلى أن “ذلك من شأنه أن يوفر فرص عمل ودورة حياة اقتصادية”، وأثنى على “الجهود التي يبذلها (الجنوبيون الخضر)، وهم متطوعون من أجل الحفاظ على هذه المناطق الرائعة”.
محمية طبيعية وطنية
وفي هذا السياق، وضعت جمعية “الجنوبيون الخضر” دراسة علمية مفصلة عن المشروع، وسوف تقوم لاحقا بتحضير ملف كامل لرفعه الى الوزارات المعنية لإقراره بموجب قانون على غرار سائر المحميات في لبنان، وأكد بزيع أن “على بلديات القرى المطلة على الوادي التحرك لحمايته واتخاذ كل الإجراءات المناسبة لاعلانه محمية طبيعية وطنية”.
ويعمل الجنوبيون الخضر على تشكيل لجان شبابية تهتم ببيئة الوادي، والدفاع عن ثروته الطبيعية، كما وقد تم حتى الآن تنظيم مسير سنوي رابع، فيما يجري التحضير حاليا للمسير الخامس، وذلك بهدف تعريف المواطنين بـ “وادي زبقين” ضمن الحملة لإعلانه محمية طبيعية وطنية.