أنور عقل ضو

الحب والبيئة متلازمان في مسار حياتنا الإنسانية، لا مسافة بينهما، ولا حدود، كلاهما منذور للفرح والجمال، وجهته الشمس، جذورهما موغلة في فضاءٍ من سحرٍ وألقٍ وعطاء، حضورهما همس طيور وفيض عطرٍ وحرية.
من لا يملك القدرة على الحب يكون أعجز من أن يعانق زهرة، وأن يسافر مع شوقِ فراشة إلى ذرى الجمال ورحيق الدهشة، وأن يمسِّد جبينَ الصباح ليبعث في الأرض دفئاً وغناء، وللحب قصائد التراب، مواسم خيرٍ وغلال من سلامٍ وشغف، للحب صلاة الينابيع يتلوها الشجر براعم وثماراً عاشقة، تراتيلَ في مقتبلِ الجمال وترنيمة لوعد المواسم.
أكثر ما تتبدى مشكلات الإنسان الحديث في تغير أنماط حياته، وهو ابتعد عن الطبيعة بفعل التبدلات الاجتماعية، و”عصرنة” عاداته اليومية في كافة جوانب الحياة، فأضحت مشاعره “معلبة” كالطعام الجاهز وخدمات “الديليفري”، وبات الحب انعكاسا لواقع مستجد، جامداً كالورود المدجنة، جمالا فارغا، عاريا من عطر، ومجردا من روح جذوره.
ما نواجه من تبعات خطيرة على البيئة هو بعض نتاج جهلنا، حتى وإن امتلكنا أرقى التكنولوجيا وعبرنا السماء إلى الكوكب الأحمر، لأننا نسينا الأرض، وحلقنا في فضاء من وهم، وعبأنا النبع في قناني مرصوفة على رفوف السوبر ماركت، وبتنا أسرى عالمٍ لا ينبض بإيقاع الحياة، كأننا نعيش الافتراض أبعد من مواقع التواصل الاجتماعي!
لنحميَ البيئة، أكثر ما نحتاج إلى الحب، لكن هل ما زال في مقدورنا ان ننسج علاقة مع شتلة وغرسة، ونسقيهما الماء وقليلا من عرق التعب؟
أن نعطي الأرض بحب ترد عطاءها أضعافا مضاعفة، لكن أنى لنا أن نعود إلى نسج علاقة حب مع التراب، فيما نحيا لحظات قاتمة مشرعة على الموت والهلاك!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This