في كل ثلاث سنوات يحيي حوالي عشرة ملايين من الهندوس مهرجان “كومبه ميلا” Kumbha Mela، ثم يأخذون حماماً في نهر الغانج، وهو عبارة عن تقليد ديني موجود منذ زمن بعيد، ونقصد هنا تواجد عدد كبير من الناس في مساحة صغيرة خلال فترة زمنية قصيرة، والاحتفالات نفسها تمارس في كل الطوائف الأخرى.
ألا يجب البحث عن مدى العبء الذي يقع على البيئة؟ لنتصور وجود أناس من مختلف الاديان يجلسون في غرفة واحدة وسقفها يوشك أن ينهار على رؤوسهم، هل سيقول أحدهم للآخر أنت كاثوليكي أو هندوسي أو سني أو شيعي؟ الواضح أننا جميعاً نعيش على كوكب واحد وليس لنا مفر خارجه، لذا نحن بحاجة إلى الحديث معاً والعمل يداً بيد.
من الواضح أن كل المؤتمرات العديدة بين الديانات توصلت إلى رعاية الأرض والحفاظ عليها، ولعله أمر غاية في الوضوح لكننا لا نظهره بجلاء من خلال الممارسة العملية، فقطع الغابات بشكل أكثر من نموها السنوي يؤدي إلى إزالتها مع الزمن، والرعي الجائر في المراعي أكثر من قدرتها الرعوية سوف يحولها إلى صحراء، والحرائق المنتشرة ستؤدي بالنهاية إلى إزالة الأنواع المفيدة والاستعاضة عنها بأنواع عديمة الفائدة.
الكل منا عاش على كوكب أخضر من واجبه أن يتركه في حال أفضل مما وجد عليه، أو أن يفكر ماذا سيورث لأولاده وأحفاده، وبهذا يكون كل مؤمن ناشطاً بيئياً، ولا نريد أن نربط ذلك بالواجبات الدينية بشكل مباشر، وإنما يعتبر من المصلحة العامة. إن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق البشرية، وعلى الرغم من أن الله أعطانا نحن البشر مكانة خاصة عندما منحنا نعمة العقل، لكن يجب أن ندرك أن كل شيء نقوم به له تأثير على البشر وعلى الموارد، فإذا قمت بقطع شجرة في لبنان سيشعر بآثارها في دول الجوار، وإذا ظهرت أمراض نتيجة ترك الفضلات وعدم معالجتها فسيصل تأثيرها إلى دول الجوار أيضاً، وبالمقابل إذا تم غرس شجرة في لبنان فستستفيد منها كل قارة آسيا.
نحن بحاجة إلى تغيير نمط حياتنا، وذلك لأن آثار الحياة العصرية ليست محلية فقط، بل عالمية، وهي بالوقت نفسه قاتلة، فنحن بحاجة إلى خفض انبعاث الغازات وإلى تقليل الاستهلاك وإعادة تدوير النفايات وإعادة استخدام المواد، وإذا ما واصلنا ما نحن عليه من نمط حياتنا كالمعتاد، سيكون شكلا من اشكال الانتحار الجماعي.
