د. أكرم سليمان الخوري

تعتمد ملايين عديدة من الناس في الأرياف الهندية على الأحراج في توفير الحطب للوقيد ومواد البناء والطعام، والأحراج بالغة الأهمية، بخاصة في التلال والمناطق الجبلية، لأنها تساعد في استقرار التربة ومنعها من الانزلاق في المنحدرات الحادة، وخلال الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، كانت أحراج الهند تُـجتث بسرعة فائقة، فقرر بعض القرويين المستميتين في حماية أحراجهم وصيانتها، تنظيم احتجاجات سلمية ضد شركات الأخشاب، من خلال عناق الأشجار لمنع قطعها، وهكذا نشأت حركة عرفت لاحقا بحركة “تشيكو” أي حركة العناق.
وقد جرى أول نشاط لها في عام 1973 على مقربة من قرية جبرشوار بالهمالايا، وعلى مدى خمسة أعوام امتد نشاطها ليشمل مدنا أخرى، حتى أنه في عام 1980 صدر قرار بمنع قطع الأشجار في الهمالايا لمدة 15 سنة. ومنذ تلك الفترة، تنامت حركة “تشيكو” ووسعت نشاطاتها، فهي حاليا تشجع إعادة التشجير والتنمية والمستدامة في كافة أنحاء الهند وسائر أقطار العالم، والسبب الرئيس في نجاحها يعود إلى اعتمادها على السكان المحليين.
وفي قرية رافاي على مدخل نهر “تشينكو” في جمهورية أفريقيا الوسطى، يقول شيوخ القرية “جميل أن تبحر في نهر تشينكو، لكن في مرحلة معينة من واجبك الأخلاقي أن تفعل شيئاً”. وقد كان السكان القبليون الاصليون يسمون هذا النهر البني اللون الداكن بـ “نهر الأفيال”، لأن عشرات الآلاف من الأفيال كانت تتمرغ فيه وتتقاسم المياه مع التماسيح وأفراس النهر، لكن فيما كان العالم غافلاً عما يجري خلال السنوات السابقة، أخذ الصيادون غير الشرعيين يتوغلون في المنطقة خلال مواسم الجفاف عبر الحدود الشرقية من السودان، ويقدر العلماء أن حوالي 95 بالمئة من الحيوانات البرية في منطقة “تشينكو” قد انقرضت.
وفي سبعينيات القرن الماضي تشكلت حركة بيئية سرية تسمي نفسها “الأرض أولاً”، وقد عرفت في مراحل تأسيسها الأولى بإقامة حواجز على الطرقات والاعتصام والجلوس عند الجذوع وعلى فروع الأشجار، برز من هذه الحركة الناشط البيئي الطبيب العائلي بروس هايز، الذي يعيش في مجتمع الكاوبوي في وايومينغ، وبدأ يجند جيشاً خاصاً به قوامه 400 جندي، يحملون بنادق كلاشينكوف، ويشكلون دوريات لمكافحة الصيد غير المشروع في أفريقيا، بناءً على موافقة من رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى (حسب قوله)، لإنقاذ ما تبقى من الحياة البرية في البلاد، وحماية القرى النائية من عصابات الصيد المحظورة المتوحشة..
هل نعتمد في وطننا العربي على السكان المحليين لحماية ما تبقى من كنوزنا الوراثية لأنها مصدر وجودنا وبقائنا؟ أم نجلب أشخاصا مثل برس هايز لحماية ما تبقى منها؟
من المؤكد أن مشاركة السكان المحليين هي الحل الوحيد، لأنهم المستفيد من هذه المدخرات، ويقومون بحمايتها بالوقت نفسه من أضرار الغير.
لهذا يجب أن تعدل كل قوانين الحماية المحميات، لإشراك السكان المحليين، فهم مصدر التشريع.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This