أنور عقل ضو

تبقى الأعراف سائدة ومتحكمة في التحضيرات القائمة للانتخابات البلدية والاختيارية، وهي تكاد تطاول مختلف المدن والقرى والبلدات، وسط رؤية قاصرة حتى الآن، وغير قادرة على مجاراة التطور في ما يتعلق بالمفاهيم الديموقراطية، ولذلك، فإن ما نعيشه وسط صخب الانتخابات يمثل ديموقراطية شوهاء محكومة بحضور العائلة والأجباب والأفخاذ، فالأعراف على سبيل المثال أقصت المرأة لصالح ثقافة ذكورية متمثلة بـ “زعماء” العائلة أو مرجعياتها، وأقصت أيضا أصحاب الكفاءة من عائلات لا يشعر أبناؤها أنهم متساوون ديموقراطيا، لأنها تمثل أقلية بين العائلات الأكبر فقط من حيث عدد الناخبين، وشرعت الأبواب من خاصرة الأعراف ليحضر المال وتتصدر المصالح الاستحقاق، وتتزين بشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
ما يهمنا في هذه العُجالة، أن الأعراف هي العدو الأول للبيئة، فالعائلات قادرة على إقصاء الناشطين البيئيين أيضا، أي أولئك العزَّل إلا من كرامتهم الإنسانية، خصوصا وأن الاستثمارات في مجال الكسارات والمقالع والمرامل والنفايات تفترض إمساك المستثمرين بالبلديات وما تمثل من سلطة محلية، لا سيما وأن البلديات كإطار عمل قانوني، تظل في حدود كبيرة قادرة على لجم اندفاعة الملوثين والمخربين لبيئة ومعالم لبنان الطبيعية وهي تمثل بعضا من ثروته الاقتصادية والسياحية، وما قَضْم جبال ضهر البيدر إلا مثالا ودليلا على نهم المستثمرين وقدرتهم على تسويغ تدميرهم لجبالنا ومعالمنا، خصوصا تلك المنصنفة سياحيا، فمنطقة ضهر البيدر (التابعة عقاريا لبلدة عين دارة)، وبحسب ما تعلمنا في دروس الجغرافيا هي “منطقة تزلج”، فيما اختفت المنحدرات بفعل المقالع، وهذا مثال واضح وظاهر للعيان، فمن يسلك الطريق الدولية عبر المديرج – ضهر البيدر يرى بأم العين أن تلالا قضمت، وبالتأكيد شاهد المسؤولون هذا التعدي ولم يحركوا ساكنا، لاعتبارات تؤكد أن أخطبوط التدمير ومافيات المصالح ممسكون بخيوط اللعبة، بدءا من البلديات وصولا إلى الطبقة السياسية الراضية عن هذا العبث، بدليل صمتها، وللصمت ثمن في لعبة المصالح والتنفيعات!
نعم المال الانتخابي حاضر، ولو بصورة متوارية، فماذا يعني أن تفتتح لائحة تضم صاحب “زفاتة” ومستثمر مرامل ومتعهد مشاريع من الدولة مكتبين انتخابيين في بلدة متوسطة من حيث عدد السكان، وتواجه استحقاقا خطيرا متمثلا بإنشاء سد يهدد مياهها ومعالمها الطبيعية؟ وماذا يعني ترشح مستمثر مقالع قضمت بعضا من جبال لبنان لرئاسة مجلس بلدي في مدينة بقاعية عريقة؟ وماذا يعني دعم وزير سابق لائحة في منطقة تمثل أكبر استثمارات في مجال استخراج البحص على صعيد لبنان؟
أسئلة تُبقي الهواجس ماثلة من خاصرة نظام التحاصص، وكذلك المناصفة بتدمير بيئة لبنان!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This