تعتبر هجرة الطيور إحدى عجائب الطبيعة، ومن الدورات البيولوجية الهامة، ولذلك، يتابع العلماء دراستها بعمق في محاولة لتفسير أسباب هذه الهجرات واتجاهاتها ومساراتها، فضلا عن المسافة المقطوعة لأنواع الطيور المختلفة، ودراسة ما يطرأ على أجسادها من تغييرات فيزيولوجية تمكنها من قطع هذه المسافات الطويلة للوصول إلى أهدافها المحددة، وقد يكون التفسير الأبسط لأسباب هذه الهجرة متمثلا في الحصول على الغذاء والتكاثر، خصوصا بعد أن يبرد الطقس في القسم الشمالي من الكرة الأرضية فتتوجه جنوبا، إلا أن ثمة أسبابا لا تزال مبهمة، ولا تزال تحير العلماء حتى الآن، ولا سيما لجهة معرفة المسارات، وكذلك “البوصلة” التي توجهها بشكل دقيق نحو الهدف المنشود سنة بعد سنة ولأجيال عديدة.
يوم الطيور المهاجرة العالمي
وكما في كل عام، يحتفل العالم بـ “يوم الطيور المهاجرة العالمي” World Migratory Bird Day في العاشر من أيار (مايو)، وتشارك فيه منظمات وجمعيات عالمية ومنظمات عديدة تابعة للأمم المتحدة.
ففي إندونيسيا على سبيل المثال، تمثل الاحتفال بـ23 نشاطا مختلفا، وبالمقارنة مع العام 2015 كان عددها 17 نشاطا، وفي العام 2014 كان العدد 15، ومن ضمنها هذا العام الإشتراك بمسابقة عالمية في التصوير بالفيديو، وتم عرض الفيديو الفائز بالمركز الأول من إندونيسيا على صفحة موقع الطيور المهاجرة العالمي، وتهدف النشاطات والمشاريع المحلية المختلفة الخاصة بالطيور المهاجرة، إلى التوعية والتعرف على هذه الطيور لجهة منع الصيد العشوائي بصورة رئيسية.
كما توالت على صفحات التواصل الإجتماعي الدعوات للاحتفال بهذا اليوم، من كافة أنحاء العالم، وخصوصا على موقع “تويتر“، كما توالت على صفحات التواصل الإجتماعي الدعوات للاحتفال بهذا اليوم، من كافة أنحاء العالم، وخصوصا على موقع تويتر، ومنها الدعوة لوقف الصيد العشوائي من الأردن، الدعوة لإعلان محميات في جامايكا، وحفلات موسيقية في بون – المانيا لجمع التبرعات، وعرض صور للطيور المهاجرة في اونتاريو في كندا، وصور الطيور المعرضة للانقراض بسبب تغير المناخ في بريطانيا، وصور لطائر البجع الأبيض في إيران، وغيرها من بلاد العالم.
يوم الطيور المهاجرة في لبنان
ويمكن تفسير هجرة الطيور ومعرفة مساراتها، لكن من الصعب جدا تفسير ما تلقاه هذه الطيور من مصاعب، ولا سيما على أيدي البشر، وفي هذا المجال، أشار مدير “جمعية حماية الطيور في لبنان” SPNL لـ greenarea.info الدكتور اسعد سرحال إلى أنه “لا يجد بعض الصيادين غضاضة من اصطياد كل ما له جناحين، دون تمييز، أو رحمة أو رأفة، وفي أي وقت من العام، دون مراعاة أوقات تعشيش هذه الطيور وخصوصا في فترة الربيع“.
وقال: “تشارك جمعية حماية الطيور في لبنان بنشاطات عدة، وشعار هذه السنة، في البقاع الشمالي، وبالتحديد في حمى الفاكهة يتمثل في التوعية حول طائر معرض للإنقراض عالميا، ويعرف باسم “الدرسة الرمادية“، وبالإنجليزية Cinereous Bunting، واسمه العلمي Emberiza cineracea، (الدليل الحقلي لطيور الشرق الأوسط صفحة 459)، وتتوالد “الدرسة الرمادية“في لبنان، أما بالسنة الماضية فكان شعارها “النعار السوري” في منطقة عنجر، كونه مهدد بالإنقراض أيضا“.
ولفت سرحال إلى أن “فترة التعشيش تبدأ في الربيع وتعد مرحلة حرجة في حياة الطيور، وتحتاج فيها إلى بروتينات، ورغم أن الطائر قد يتناول البذور عادة إلا أنه في هذه المرحلة، يتجه نحو الحشرات، لتغذية صغاره، كونه بحاجة للبروتينات، وتقتات الطيور في فترة التعشيش على كميات هائلة من الحشرات، وتساهم في إعادة التوازن البيولوجي“.
الصيد العشوائي والقيم الإنسانية
وأضاف سرحال: “يتمحور احتفالنا هذا العام حول دورة تدريبية لفترة اسبوع لناشطين من حمى الفاكهة وأسميناهم (حماة الحمى)، وغالبيتهم من النساء، وهي عملية توعية تمثل نواة في القرية للاهتمام بالطيور المهاجرة، والتبليغ عن الصيد العشوائي، وللأسف فالصيد العشوائي تقليد يتبعه العديد من الأشخاص في فترة الربيع، وهو ليس مخالفة للقانون اللبناني فحسب، بل مرفوض عالميا وضد القيم الإنسانية“، واعتبر أن “قتل طائر في هذا الموسم، هو قتل عش كامل، فالحجلة مثلا، تُقتل بأعداد كبيرة كطريدة، والحجل عادة ما يبيض 18 بيضة في كل حضنة، فلو انتظر الصياد، ويعد الإنتظار في هذه الحالة خطوة ذكية، لتوفر لديه، 19 طائرا في الموسم القادم، لذا فالصياد الواعي والذي يحترم نفسه لا يصطاد في هذا الموسم، ومن يصطاد في الربيع يفتقد للحد الأدنى من القيم الإنسانية والذكاء“.
وتابع سرحال: “نحاول في هذه الحملة في كل منطقة الإضاءة على طائر مميز ووضعه حرج، كمدخل للإضاءة على القضايا الأوسع في هذا المجال، وتمحورت نشاطاتنا وبشكل مستمر، حول محاضرات عن الطيور، والتعريف بقانون الصيد الذي أقرته وزارة البيئة، وهو من أحدث القوانين في العالم، فضلا عن التعريف عن الطرائد والآليات والرخصة وكل القضايا المطلوبة من قانون ومراسيم، والأهم التوعية“، مؤكدا على أن “ثمة مسؤولية دائمة على الصياد العاقل“.