يواجه الأردن تحديات كبيرة على صعيد الموارد المائية المحدودة، إذ يعد من أفقر دول العالم من حيث توفر المياه، ولا يتعدى نصيب الفرد 160 مترا مكعبا سنويا، ويقول الخبراء إنه في حال بقي الوضع على ما هو عليه، فإنه بحلول عام 2025 سيكون النصيب السنوي للفرد في الأردن 91 مترا، ويحصل الأردن على حاجته من المياه من مصادر تعتمد في تجديد مخزونها على الأمطار، التي أصبح معدل هطولها متقلبا بفعل عوامل التغير المناخي.
ويعتبر نهر الأردن وحوض اليرموك من أهم مصادر المياه في الأردن، ويفقد نهر الأردن 85 بالمئة من مدخوله من المياه عن طريق التبخر بفعل ارتفاع درجات الحرارة.
وسط هذه الظروف، يسعى الاردن إلى ملاقاة أزمته المائية بإجراءات صارمة من حيث التوزيع المقنن، ويتجه في الوقت عينه نحو استخدام تقنيات حديثة لتعويض حاجته المتزايدة إلى مصادر المياه.

news_other-20160327-164846-3

أفقر دول العالم مائيا

وفي هذا المجال، أنهت دائرة الارصاد الجوية استعداداتها لتنفيذ اول تجربة استمطار صناعي بالطريقة التايلندية، التي من المقرر اجراؤها، بعد توقيع الحكومة مذكرة تفاهم مع الحكومة التايلنديه في 23 من الشهر الجاري، بمشاركة خبراء من الأردن وتايلند، وذلك في محيط منطقة “سد الملك طلال” كمنطقة مستهدفة من اجل زيادة مخزون المياه في السد.
وبحسب مدير عام دائرة الارصاد الجوية المهندس محمد سماوي، فإن “هذه الخطوة تأتي لمواجهة مشاكل التغيرات المناخية وللتكيف معه، من خلال ايجاد حلول خلاقة وسريعة وأقل كلفة، تعمل على زيادة كمية الهطول، وهو الامر الذي يتحقق بتقنية الاستمطار الاصطناعي الذي تعمل الحكومة على تنفيذه عن طريق دائرة الارصاد الجوية، بالإعتماد على التجربة التايلدنية وهي من أكثر التجارب العالمية نجاحا في هذا الاطار”.
وهذه التجربة ستستخدم لاحقاً في الزراعة المختلفة في غور الأردن (سلة الغذاء الأردني)، وبالفعل، فقد رصدت الحكومة لدائرة الأرصاد المبلغ المطلوب في موازنة الدائرة، من أجل شراء الأجهزة والمواد اللازمة لعمليات الاستمطار.
ويصنف الأردن كأحد افقر دول العالم مائيا، وهو يسعى للبدء بتنفيذ هذه التجربة الرائدة على مستوى المنطقة، ومن شأنها أن تسهم في زيادة كميات الهطول عن طريق الاستمطار الصناعي.

حلول خلاقة وأقل كلفة

واعتبر سماوي انه ولمواجهة مشاكل التغيرات المناخية وللتكيف معه، بالاضافة لمواجهة الطلب المتزايد على المياه بفعل اللجوء السوري، كان لا بد من حلول خلاقة وسريعة وأقل كلفة، تعمل على زيادة كمية الهطول، وهو الامر الذي يتحقق بتقنية الاستمطار الاصطناعي الذي تعمل الحكومة على تنفيذه عن طريق دائرة الارصاد الجوية، بالإعتماد على التجربة التايلدنية وهي من أكثر التجارب العالمية نجاحا في هذا الاطار.
وأضاف سماوي أن البحث عن بدائل لتوفير المياه اصبح ضرورة ملحة خاصة، مضيفا أن معدلات الامطار في المملكة تتراوح بين 20ملم -200 ملم في 90 بالمئة من مساحة الأردن، بينما معدلات الأمطار في باقي المساحة المتبيقة والتي تشكل 10 بالمئة، تتراوح المعدلات المطرية بين 200 و580 ملم كأعلى نسبة أمطار سنوية في منطقة رأس منيف – عجلون، وهذه الكميات غير كافية لكافة الاستخدامات (الشرب، الري، الزراعة والاستخدام المنزلي).
وأشار سماوي الى أن “هذه الأرقام تتذبذب من عام لآخر، حسب الأنظمة المناخية المؤثرة على المملكة والتي أصبحت بالمجمل أقل من معدلاتها طويلة الأمد نتيجة عوامل كثيرة، أهمها التغيرات المناخية الناجمة عن الاحترار العالمي نتيجة تزايد الأنشطة البشرية والاستخدام غير المتوازن لمصادر الطاقة”.

محفزات للغيوم صديقة للبيئة

وعرف سماوي الاستمطار بأنه عملية فيزيائية وكيمائية، يستخدم فيها مواد مسترطبة (أيوديد الفضة، كلوريد الكالسيوم، ملح الطعام، أوكسيد الكالسيوم، اليوريا)، ويتم نثر الغيوم بتلك المواد من أجل عمل تغيير أو تحفيز في “النمو” الطبيعي للغيوم، من خلال تجمع بخار الماء والقطرات على تلك المواد التي تشكل ما يسمى “نويات تكثف” تؤدي إلى زيادة في حجم ووزن القطرات ومن ثم هطولها بفعل قوة الجاذبية الأرضية.
وأعتبر أن أهمية الاستمطار تكمن في زيادة المياه العذبة لتلبية الطلبات المتزايدة على مياه الشرب، وتحسين إنتاجية الأراضي الزراعية البعلية، إما عن طريق زيادة كميات الأمطار أو عن طريق التحكم في التوزيع المكاني والزماني لهطول الأمطار، بالاضافة الى زيادة مخزون المياه السطحية والجوفية.
واوضح ان هناك طرقا عدة للإستمطار، الا أن الاردن يسعى الى الاستفادة من التجربة التايلدنية التي تعتبر من الدول الرائدة في هذا المجال، لما تملكه من امكانات كبيرة وخبرة طويلة ودعم لا محدود نظراً لأهمية المشروع وجدواه الاقتصادية، ولذلك سعياً للإستفادة من هذه الخبرات والتي تستخدم تقنية فريدة من نوعها تسمى Super Sandwich والحاصلة على براءة إختراع.
وبين ان التعاون مع الحكومة التايلندية بدأ من اوائل عام 2014 من خلال إرسال طاقم فني متخصص من دائرة الأرصاد الجوية (3 متنبئين جويين ومهندس مختص في أنظمة الرصد الجوي) وطاقم من سلاح الجو الملكي الأردني (طيار، مهندس طيران ومراقبة جوية) لحضور دورة تدريبية عملية عام 2014، وعلى نفقة حكومة تايلند ولمدة أسبوع، وتم كذلك عام 2015 عقد دورة تدريبية عملية لمدة 3 أسابيع في تايلند وايضا على نفقة مملكة تايلند.
وأكد سماوي ان المواد المستخدمة كمحفزات للغيوم هي صديقة للبيئة، و أن الاستثمار في استمطار الغيوم له جدوى اقتصادية عالية، اذا ما قورن مجموع ما يصرف على المشروع مع اثمان كميات المياه المتوقع تجميعا من استمطار الغيوم.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This