هل تصبح المحميات الشاطئية خيارا لا بد منه لدى الكثير من البلديات على امتداد الساحل الجنوبي؟ وهل فعلا بدأنا نسير بخطى واثقة وثابتة نحو تحقيق مفاهيم الاستدامة عبر الدمج بين حماية البيئة من جهة، والاستثمار فيها من جهة ثانية؟
ما نشهده على الشاطىء جنوبا، ينبىء بأننا وَلَجنا مرحلة جديدة عنوانها حماية الحياة البحرية، وأن هناك وعيا متناميا لجهة الحفاظ على الشواطىء وإبقائها في منأى عن التلوث والعبث من قبل الطامحين لاستثمارات تلغي هذا التنوع، خصوصا في منطقة صور التي يتمتع شاطئها بميزات قلما نجدها على شواطىء أخرى، فالمياه تبدو “شفافة” لا أثر فيها لتلوث، حتى أن هواء البحر يطلقون عليها “المياه الكريستالية”، ولا نستغرب أن تتحول قِبلة الباحثين عن ممارسة هواية السباحة والغطس من كافة مناطق لبنان ومن دول أجنبية.
وتبذل في هذا المجال مساعٍ حثيثة لتصنيف وحماية الشواطئ التي لا زالت تتمتع بعناصرها وتنوعها البيولوجي، من الشمال الى الجنوب وبشكل خاص شواطئ الزهراني والصرفند وعدلون ومنطقة “البأبوء” (العباسية) وحمى القليلة وشاطئ السلاحف بالمنصوري الذي ترعاه الناشطة البيئية منى خليل والناقورة، بحسب ما أكد لـ greenarea.info مؤسس جمعية “الجنوبيون الخضر” الدكتور هشام يونس، فضلا عن مطالبة الجمعية “بإعلان شاطىء عدلون محمية”، وبالفعل تتابع الجمعية الخطوات الإدارية مع الجهات المعنية، ولا سيما وزارة البيئة، إضافة إلى تنسيقها وتعاونها الدائمين مع السلطات المحلية من البلديات.

Ras_an-Naqoura1

Ras_an-Naqoura

منطقة غنية بالتنوع البيولوجي

وثمة جهود تبذل في هذا المجال، لإعلان شاطىء الناقورة على الحدود مع فلسطين المحتلة محمية طبيعية، وهو يمثل منطقة غنية بالتنوع البيولوجي، إن على مستوى الثروة السمكية والكائنات البحرية، وإن على مستوى الحياة البرية، حيث يعتبر شاطىء الناقورة مصدر غنى وتنوع حيويين، يضاف إلى ذلك أنه ما يزال بعيدا عن أسباب التلوث.
وبالرغم من عدم إعلانه محمية طبيعية رسميا، وبموجب مرسوم وقانون، فإن شاطىء الناقورة يعتبر عنصر جذب سياحي، تماما كما هو الحال في محمية صور الطبيعية، ويؤمه طلاب وتلامذة مدارس المنطقة، فضلا عن الباحثين والمهتمّين بالشأن البيئي، والبعثات الأجنبية التي تزور المنطقة من وقت لآخر.
وتشكل هذه المناطق، عند الشاطئ الجنوبي لمدينة صور وأراضي “الجفتلك” وصولاً الى برك رأس العين الطبيعية، مساحة وموئلاً للحياة البرية والبحرية، لا سيما الطيور المستوطنة والمهاجرة والسلاحف البحرية على أنواعها، فضلا عن كثبان الرمل والأعشاب والنباتات النادرة وينابيع المياه والمستنقعات التاريخية والأراضي الزراعية الخصبة، إلى جانب قيمتها الأثرية والثقافية، خصوصاً القسم الممتد الى مسافات في البحر ويعتبر قسماً منها.
والى جانب محمية صور الطبيعية و “حمى” السلاحف البحرية على شاطئ المنصوري ثمة خطوات وجهود لإنشاء “محمية الناقورة البحرية”، وهي بحسب ما أكد ناشطون بيئيون لـ greenarea.info تمتدّ من منطقة تعرف باسم “اسكندرونا”، وصولا إلى رأس الناقورة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، وكانت قد أطلقت ورش عمل حول آليات اطلاق الخطة الادارية للمحمية المزمع إنشاؤها والتي تواجه عقبات متعلقة بالاملاك الخاصة في المنطقة.

naqoora4

naqoora3

naqoora2

اجمل المناطق اللبنانية

وفي هذا المجال، أكد رئيس بلدية الناقورة محمود مهدي لـ greemarea.me أن “مشروع محمية الناقورة البحرية، يسير في الطريق الصحيح، وإن اعترضته بعض العقبات التي نعمل على تذليلها”، وأشار إلى أن “هذه المنطقة تعتبر من اجمل المناطق اللبنانية، ولا بد من حماية الحياة البحرية والبيئة المحيطة بشكل فعال، عبر إعلانها محمية تخضع للمراقبة وتحصينها كموئل طبيعي”، لافتا إلى أنها “لا تقل أهمية من الناحية السياحية والخدماتية على قاعدة تكريس التنمية والاستدامة”.
وأشار مهدي إلى “اننا نعمل على تخطي بعض العقبات المتمثلة بالأملاك الخاصة التي تشكل النسبة الأكبر في المنطقة”. وقال: “كنا بصدد تبني قرار إعلانها محمية بالاجماع في البلدية، لكن كان لدى بعض الزملاء في المجلس وجهة نظر مختلفة، لجهة أن تسبق القرار البلدي زيارة لمسؤولي وزارة البيئة للاطلاع عن كثب على المحمية، وخلال الاسبوع المقبل ننتظر وفدا من الوزارة للتباحث واجراء المقتضى، خصوصا وأن الجميع في المجلس البلدي والأهالي متحمسون لهذا المشروع”.

naqoora1

naqoora

ممر للأسماك من مصر إلى تركيا

ولفت مهدي إلى مدى ما “يتمتع به شاطىء الناقورة من غنى، ولا سيما على مستوى الثروة السمكية”، وأشار إلى أن “هذه المنطقة غنية بالسلاحف البحرية التي تؤم الشاطىء للتعشيش”، لكن ما يثير الاهتمام ما لفت إليه مهدي من أن “ما يميز الشاطىء في الناقورة هو أنه يعتبر ممرا اساسيا لكافة انواع الأسماك في مسارها من مصر إلى تركيا”، وأكد أن “المجلس البلدي يتولى دوريا تنظيف الشاطىء من مخلفات بعض المتنزهين، ليبقى محافظا على جماله”.
وأضاف: “إن شاطىء الناقورة يعتبر من انظف الشواطىء في لبنان، لوجود محطة تكرير تكرر المياه المبتذلة على مراحل ثلاث، والمياه التي تنجم عنها تستخدم في الري، ولذلك شاطئنا متميز والمحمية ضرورية”.
واعتبر ابن الناقورة علي هاشم أن “المطلوب الإسراع في إعلان شاطئنا محمية طبيعية، كونه يكتسب أهمية كبيرة على التنوع البيئي”، ورأى أنه “لا بد أيضا من تفعيل دور المجتمع المحلي بالتعاون مع المجلس البلدي في هذا المجال”، وأكد هاشم أن “المحميات الطبيعية تعتبر مساحة للتلاقي الحضاري بين دول البحر الأبيض المتوسط”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This