إذا ما تتبعا في خط بياني ما يتوالى من أخبار ودراسات علمية حول الحياة الطبيعية (البرية والبحرية)، في مختلف أنحاء العالم، نجد أن تغير المناخ بات المهدد الأكبر للتنوع الحيوي، بدليل أن جُـــلَّ الدراسات تخلص إلى أن هناك تراجعا في أعداد الأصناف والأنواع، فضلا عن وضع بعضها على القائمة الحمراء، وبعضها الآخر، وإن لا يشهد تحديات خطيرة (في الوقت الحاضر)، إلا أن العلماء وضعوه على قائمة الأنواع المهددة مستقبلا مع تراجع أعدادها.
وفي هذا السياق، قال علماء إن طيور “العقدة الحمراء” Red knot التي تقوم بواحدة من أطول رحلات الهجرة السنوية، تتناقص أعدادها بشكل مطرد، نظرا لأن التغير المناخي في مواطن تعشيشها في منطقة القطب الشمالي يجعل حياتها أصعب خلال الشتاء في أفريقيا.
وذكر العلماء في دراسة (نشرت نتائجها يوم الخميس الماضي)، وهي واحدة من أولى الدراسات التي تربط بين تأثير ارتفاع درجة حرارة الأرض ونوع محدد من الكائنات، أن الثلوج في القطب الشمالي فوق روسيا تذوب في الوقت الراهن بشكل أسرع وقبل موعدها في الربيع، وأن الكثير من بيض طيور “العقدة الحمراء” تفقس في وقت متأخر جدا.
ونقص الغذاء يعني أن الطيور الساحلية التي تشتهر ذكورها باللون الأحمر، ستنمو أصغر حجما، وبمناقير أقصر، مما يجعل من الصعب عليها الحفر والبحث عن المحار المفضل لديها تحت الماء في الشتاء على سواحل موريتانيا في أفريقيا.
بيانات من أقمار صناعية
وذكرت الدراسة أن 80 بالمئة من الطيور التي ولدت في روسيا بمناقير طويلة ظلت حية حتى البلوغ، مقابل 40 بالمئة من ذوات المناقير القصيرة التي انتهى بها الحال إلى العيش على أعشاب البحر في أفريقيا، وهي أقل فائدة من الناحية الغذائية عن المحار.
وقال يان فان جيلز Jan van Gils الباحث في “معهد رويال نازرلاندز لأبحاث البحار” The Royal Netherlands Institute for Sea Research لـ “رويترز” عن نتائج البحث الذي نشر بدورية “نيتشر” Nature العلمية المتخصصة “إنه أمر مقلق، نرى أنها مشكلة عامة جدا”، بمعنى أنها تطاول كل الطيور المهاجرة إلى القطب الشمالي.
واعتمدت الدراسة التي نشرت الأسبوع الماضي، وشارك فيها باحثون من هولندا وفرنسا وأستراليا وبولندا وروسيا على بيانات من أقمار صناعية، وعلى مدار 22 عاما عن الثلوج وملاحظات تركزت على حجم آلاف الطيور وعاداتها الغذائية.
وتهاجر الكثير من الطيور الساحلية من المناطق المدارية إلى القطب الشمالي لتجنب تعرضها للافتراس من الصقور والثعابين. وتهاجر بعض طيور “العقدة الحمراء” التي تولد في آلاسكا إلى أميركا الجنوبية.
وبحسب القائمة الحمراء التي يعدها عدد من الخبراء عن الأنواع المهددة بالخطر، فإن “طيور العقدة الحمراء التي يصل طولها إلى 25 سنتيمترا تتناقص أعدادها”، لكنها أوضحت أنها “ليست معرضة للخطر في الوقت الراهن”.