بعد التلقيح الاصطناعي، نعيش اليوم ثورة علمية في مجال الصعوبات الإنجابية، وتتمثل بشكل خاص في زرع الرحم، حيث وصلت نسبة الانجاب إلى 60 بالمئة، بحسب ما أكد لـ greenarea.info أطباء من ذوي الاختصاص في العقم، وقد بات هذا الانجاز الطبي قابلا للتطبيق في لبنان بعد استحداث مركز طبي متخصص في مجال زراعة الرحم، وهو الثالث في العالم بعد السويد والولايات المتحدة الاميركية، وتتجه الانظار إليه كونه يعطي الأمل للنساء اللواتي فقدنَ الأمل بالإنجاب لأسباب عدة.
من حلم إلى حقيقة
بعد سلسلة تجارب طبية وأبحاث مستمرة لسنوات انبثق أمل جديد سيغيّر حياةَ بعض النساء غير القادرات على الإنجاب، وتحول الحلم إلى حقيقة، والاهم من ذلك انه بات بالامكان تحقيقه في لبنان، وذلك بعد توقيع اتفاقية بين مركز “بيل فو (Belle Vue) الطبّي” و”جامعة غوتنبرغ” في السويد.
الجدير ذكره، ان الاخصائية في الطب النسائي والعقم، الباحثة اللبنانية الدكتورة رندا عاقوري أول من منَحت الأمومة لامرأة سويدية بلا رحم، بالتعاون مع فريق كبير من الأطباء والباحثين في جامعة غوتننبرغ السويدية، بعد نجاح عملية زرع الرحم التي أجريَت لها وكانت الأولى من نوعها في العالم عام 2014.
بدران: زرع الرحم امل جديد للانجاب
منذ أول انجاز له منذ اكثر من 30 سنة في التخصيب الاصطناعي، وولادة أول طفل أنبوب عرفه لبنان والشرق الاوسط، إلى خوض تجربة جديدة علميا وطبيا، الا وهي زرع الرحم في لبنان للمرة الأولى كشف عنها الاخصائي في الطب النسائي والعقم الدكتور فريد بدران لموقع greenarea.info، فقال: “بدأت عملية زرع الرحم في السويد في جامعة غوتنبرغ مع الطبيبة اللبنانية رندا عاقوري، فقامت بأبحاث منذ سنة 1998 على الفئران، وأيضا سنة 2010، لتنتقل اليوم إلى التجارب الناجحة على النساء، حيث شهدت ولادات طبيعية بعد زرع الرحم لهن، والمميز هنا ان ثمة ثلاثة مراكز في العالم لزرع الرحم، الاول في السويد والثاني في أميركا ولبنان الثالث عالميا، بعد اتفاق مركز غوتنبرغ السويدي مع مستشفى (بيل فو) لاجراء زرع الرحم من خلال فريق عمل من جراحين وأطباء نسائيين وتخدير وإنعاش، ونتوقع ان تقام عملية زرع الرحم خلال اشهر قريبة، وتفاديا لاي تجارة في الاعضاء، وضعت شروط خاصة ان تكون الواهبة سواء من الام في عمر الخمسين سنة أو الاخت والحفاظ على الاخلاقيات الطبية، والتأكيد على أن اي عملية استئصال للرحم لا تؤثر على الحياة الجنسية للواهبة”.
وأضاف: “أما من ناحية الكلفة المادية فلم تحدد بعد، نظرا لما يتطلب الامر من تجهيزات ضخمة، حيث أجريت لتسع نساء زرع الرحم في السويد من بينهن 7 حملن، وامرأتان أجهضتا وخمسة منهن ولدن اطفالا وتمت عملياتهن بنجاح”.
وأكد بدران أنه “من الضروري التقييم الطبّي والنفسي للمريضة والواهبة، للتأكّد من أنّهما تتمتّعان بصحّة جيّدة ومؤهّلتان لإجراء عملية زرع الرحم ،اذ يتمّ أخذ بويضات المرأة المتلقّية قبل العملية وتخصيبُها وتجميدُها في المختبر إلى ما بعد عام من إجراء العملية، حتى تتمكّن المريضة من تناوُل الأدوية الكابتة للمناعة، ليتقبّل جسمُها الرحمَ المزروع ويتمّ التأكّد من عدمِ رفضِها له. بعدها، يتمّ زرع الأجنّة المجمّدة ليتمّ الحملُ بشكل طبيعي. تجدر الإشارة إلى أنّ هذه العملية تُجرى حصراً في حالات العقمِ الناتج عن مشكلات في الرحم، بحيث تعجز المرأة عن الحمل بجنين بسببها، إمّا لأنها وُلدت من دون رحم أو بسبب اختلال في وظيفته بعد الإصابة بالسرطان أو أيّ مرض آخر، أو بسبب حصول التصاقات في الرحم أو نزف أو غيرها من المشاكل الصحية”.
وشدد الدكتور بدران انه “بالنسبة للواهبة من المستحسن ان تكون من أفراد العائلة، وأن لا يتجاوز عمرها الـ 60 عاماً، وفي مرحلة انقطاع الطمث، قادرة على التبرّع، كما يفضَّل أن تكون قد وَلدت سابقاً للتأكّد من صحّة الرحم”.
عبّود: نسبة النجاح 60 بالمئة
بدوره أكد الاخصائي في الطب النسائي والعقم الدكتور جوزف عبود لـ greenarea.info ان نسبة نجاح زرع الرحم تصل إلى 60 بالمئة، ونحن في لبنان سنقوم قريبا بإجرائها من خلال استخدام أدق التقنيات الطبية، شرط ان تكون المرأة المتلقية في أوج شبابها وبصحة سليمة، ولا تعاني من ارتفاع ضغط الدم، أو اي مرض، وان يكون مبيضها سليما لانجاح زرع الرحم لديها، وأن العملية الجراحية تستغرق 10 ساعات تقريبا، من حيث استئصال الرحم من الواهبة وزرع الرحم في الوقت نفسه للمتلقية، ولكن اهم من هذا كله انها ستصبح أما بعد حرمانها لسنوات”.
مسعود: قد يحدث رفض
إلى ذلك، قال الاخصائي في الطب النسائي والتوليد والعقم الدكتور ايلي مسعود لـ greenarea.info “لدينا مرحلتين، الاولى زرع الرحم، والثانية المقدرة على الانجاب بعد الزرع، حيث ان تجربة زرع الرحم ما زالت في بدايتها، ومدى التفاعل مع الجسم الغريب ليس عاليا، ولكن نسبة الامل لا بأس بها، وافضل من لا شيء، لان هناك مراحل عدة تمرّ بها المرأة عند زرع الرحم ومدى قبولها له وتفاعل الجسم معه”.
أبو جوده: ما زالت في بدايتها
أما الاختصاصي في الطب النسائي والعقم الدكتور عماد أبو جوده، فاعتبر ان “هناك امكانية ألا تنجح 100 بالمئة في حال لم تدرس الشروط الصحية، سواء للمتلقية والواهبة في آن، وقال لموقع greenarea.info: “ان عملية زرع الرحم ما زالت في بدايتها، وان العدد لم يتعدَّ العشر حالات في العالم، أمّا بالنسبة للمضاعفات، فيمكن أن يكون هناك رفض للرحم المزروع، وحصول التهاب أو نزفٍ في مكان الزرع، أو تمزق للرحم خصوصا في حال كانت المتلقية مصابة بالضغط”.