يعد الإكتئاب من الإضطرابات المركبة وكثيرا ما تظهر بأشكال متعددة، ويلجأ العديد ممن يعانون من هذه المشكلة إلى تناول العقاقير المضادة للإكتئاب، لإقتناعهم بأنه الخط العلاجي الأول للمرض وأنه الحل الأسرع والأضمن. إلا أن دراسات عديدة أوضحت أن للطبيعة دورا فعالا في حل أو تفكيك الإضطرابات النفسية المسببة للإكتئاب كما لأمراض أخرى.
أظهر تحليل علمي حديث، نشره موقع “بي بي سي Earth”، مدى التأثير الإيجابي لشعور المرء بأنه جزء من الطبيعة على صحته البدنية والعقلية، وطُرحت دراسات ومبادرات متنوعة أفردت أدلة أشارت إلى وجود صلة بين الإنسان والطبيعة، تعود عليه بالنفع في ما يتعلق بصحته وسعادته، وهو أمر لن يدافع عنه سوى عشاق الطبيعة.
وكشفت مؤخرا نتائج تحليل لأول مشروع تشهده المملكة المتحدة، لمدة شهر كامل، ضم ما وصف بـ”تحدي الطبيعة”، وهو في واقع الأمر مسعى للحض على انتهاج سلوكيات صديقة للبيئة. وقد نفذ هذا المشروع العام الماضي، وشمل أشخاصا طُلب منهم القيام بشيء مختلف أو جامح بشكل يومي على مدار 30 يوما متصلة. كما طلب منهم المشاركة في استبيان حول الشكل الذي يفترضونه للصلة القائمة بينهم وبين الطبيعة، ولإحساسهم بأنهم جزء منها.
وشمل الاستبيان أسئلة حول كيفية تفاعلهم مع الطبيعة، وكيف كانوا ينظرون لحالتهم الصحية وإحساسهم بالسعادة في ثلاث أوقات مختلفة، قبل مشاركتهم في هذا المشروع. وذلك في مسعى لإختبار مدى التأثير الذي خلّفه المشروع الذي جاء بعنوان “30 يوما من الحياة البرية” على المشاركين.

الطبيعة المنقذ الوحيد للإنسان

وكشفت الدراسة حدوث تحسن كبير بصحة المشاركين، وشعورهم بالسعادة، وارتباطهم بالطبيعة، وتبنيهم سلوكيات فعالة صديقة لها. وعززت النتائج مجموعة متنامية من البراهين، التي أظهرت بشك جلي مدى حاجتنا للتواصل مع الطبيعة، من أجل تحسين أحوالنا الصحية وزيادة ما ننعم به من سعادة. وبدا هذا الأمر واضحا على جميع المشاركين، وخصوصا على البالغين منهم المصابين بإضطرابات مصحوبة بالإكتئاب والقلق وبأمراض جسدية، فقد أفادهم التفاعل مع الطبيعة إلى جانب الأدوية التقليدية بكبح الأعراض التي تنتابهم جراء هذه الاضطرابات، إلى درجة التعافي منها.
من جهة أخرى أفادت دراسة حديثة، أن مادة السيلوسيبين، لها فعالية عالية في علاج الاكتئاب. واستنتج الباحثون من خلالها أن تناول 25 ملليغراما من السيلوسيبين الموجودة في أكثر من 200 نوع من فطر “عيش الغراب” (المشروم)، أي ما لا يقل عن 5 حبات منه، بإمكانها أن تقضي على أعراض الاكتئاب لأكثر من 3 أشهر.
وأجريت الدراسة على عينة من 12 مريضا بدرجات متفاوتة من الاكتئاب، لم يستجيبوا لعلاجات سابقة مضادة للمرض وبعضهم حاول الانتحار. كما تم إعطاء المرضى أدوية بها جرعات من السيلوسيبين، وبعد أسبوع، بدأت أعراض الاكتئاب بالتراجع لدى معظم المرضى، حسب صحيفة “لانسيت” الطبية.
باختصار، لقد أكدت هذه الدراسات أن الطبيعة هي المنقذ الوحيد للإنسان، للهروب من كل ضغوطات الحياة، خصوصا من كل المعاناة التي تطرأ على نفسيته وتسبب له الإرهاق الفكري والجسدي، فما علينا إلا الإبتعاد بين الحين والآخر عن كل معوقات الحياة لنرتمي بين أحضان الطبيعة الخلابة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This