كيف يستطيع العالم تفادي التكاليف المالية والبيئية لاستنفاذ الموارد. إن أفضل الوسائل تبدأ بتطوير نظم الإنذار المبكر والتنبؤ المناخي، وخاصة مع بدء ظهور تأثيرات التكاليف المالية والبيئية لنضوب الموارد وانعكاسها على النمو الاقتصادي .
إن قدرة نظام الإنذار المبكر للجفاف مثلاً يمثل أداة قوية لتجنب عدة تكاليف ترتبط مع التوزيع الخاطئ للموارد وخاصة إذا ترافق ذلك مع نظام زراعي جيد .
القضية سهلة فوق الأرض في معالجة الجفاف وتزداد صعوبة عندما لا يكون هناك نظام إنذار مبكر لمعالجة الزلازل تحت المائية التي ينتج عنها التسونامي، فالحركة الاهتزازية تحصل بشكل سريع وهذا يعني أنه لا توجد إلا دقائق معدودة تتحرك بها الأرض عدة أمتار ، وقد بينت الاحصائيات موت 8000 شخص سنوياً من تأثيرات التسونامي وذلك حسب إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لدرء المخاطر .
طور باحثون في الجامعة الوطنية الاسترالية خوارزمية لإظهار الوقت العكسي لتنبيه المناطق الساحلية من موجات التسونامي.وهي جديدة يمكن أن تساعد في تقديم إنذار مبكر للمدن الساحلية من خطر تسونامي مدمر.
وتهدِّد الزلازل شرق البحر المتوسط أكثر مما كان يَعتقِد العلماء. فقد حلل فريق بحثي بقيادة فاسيليكي موسلوبولو ـ بمركز البحوث الألمانية للعلوم الجيولوجية GFZ في بوتسدام ـ وأَرَّخ بالكربون الشواطئ القديمة في جزيرة كريت؛ لتقدير أوقات الزلازل، ومدى سرعة دَفْعها للجزيرة إلى الأعلى على مدى الـ50 ألف سنة الماضية. وخلص الباحثون إلى أن 40 زلزالًا على الأقل، قوتها 8 درجات أو أكبر، قد رفعت الأرض إلى مستواها الحالي.
حدثت الزلازل في حشود، تفصلها فترات أكثر هدوء. ويمكن أن يكون شرق البحر المتوسط بكامله عرضة لخطر زلازل كبرى مستقبلية ـ وكذلك موجات التسونامي الناتجة عنها ـ أكبر مما اعتُقد سابقًا.
تعتمد أنظمة إنذار التسونامي تعتمد على سيناريوهات إقليمية تستند إلى أنماط سابقة مسجلة في هذه المناطق. ذلك لأن العلماء يستخدمون أجهزة للاستشعار في المحيط باستطاعتها الكشف عن تحركات غير طبيعية ولكن هذه الأجهزة غير قادرة على جعل توقعات دقيقة لكمية المياه التي ستضرب الساحل ومدى قوتها. إذا حصل تسونامي غير مطابق لأي من السيناريوهات المعروفة، على الارجح وليس من أمر مؤكد، يمكن أن يؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح.
عندما هزَّ زلزال بلغت قوته 9.1 درجة الحياة قبالة سواحل سومطرة في 26 كانون الاول (ديسمبر) 2004، لم تكن هناك أي طريقة منهجية لتنبيه المجتمعات السكانية عبر المحيط الهندي إلى أن موجة مدمرة قد تكون في طريقها إليهم. وبعد وصول عدد الضحايا إلى 230,000 قتيل، والخسائر المادية إلى 14 مليار دولار أمريكي، عزم الخبراء الدوليون على الحد من عدد القتلى والخسائر في المرة المقبلة التي يضرب فيها تسونامي.
وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على أكثر تسونامي في التاريخ فتكًا، ترتبط الآن الدول المطلة على المحيط الهندي كلها تقريبًا بشبكة من أجهزة قياس الزلازل، وأجهزة قياس مستوى سطح البحر، والعوّامات المرتبطة بالأقمار الصناعية. في مدى زمني يقارب الوقت الحقيقي، يقوم هذا النظام للإنذار والتخفيف من تسونامي بالمحيط الهندي (IOTWS) بإخطار دول المنطقة من إندونيسيا إلى سريلانكا إلى عمان عند وقوع زلزال بحري كبير، ويقوم باستقراء ما إذا كان من المحتمل أن ينشأ عنه «تسونامي»، أم لا. وإذا قُدّر لزلزال عام 2004 أن يحدث اليوم، فستكون هذه الدول أفضل استعدادًا بكثير.
جديد الابحاث حول الانذار المبكر للتسونامي، قيام علماء في الجامعة الوطنية الاسترالية بتطوير طريقة Time Reverse Imaging algorithm لأخذ بيانات من أجهزة استشعار في المحيط واستخدام هذه المعلومات لحساب إعادة للتسونامي كما بدا عند ولادته. في حين تمكن العلماء من تحديد مصدر دقيق للتسونامي، بإمكانهم إجراء توقعات أفضل حول ما سوف يحدث في حال وصول الموجات إلى الشاطئ. هذا الأسلوب الجديد سريع بما فيه الكفاية لينافس خوارزميات قائمة الاستخدام، ولكنها اقل دقة بكثير.
“إن أسلوب الإظهار في الوقت العكسي لا يستند إلى التخمين، بل إلى معلومات في الوقت الحالي” قال يان دتمر عالم رصد الزلازل في الجامعة. “هذا الأسلوب العلمي سوف يحسن الدقة من دون التضحية بالسرعة.”
دتمر و زملائه تحدثوا عن خوارزميتهم المتعلقة برصد التسونامي خلال الاجتماع 171 للجمعية الأمريكية لعلم الصوت، الذي عقد من 23 و لغاية 27 من أيار الحالي في سولت ليك سيتي.
ليتمكنوا من اعداد هذه الخوارزمية، درس الباحثون الصفائح التكتونية في اليابان. قشرة الأرض تقسم إلى صفائح كبيرة تطفو على سطح الغطاء، والذي هو جزء من لب الأرض. هذه الصفائح تتحرك، ويدفع بعضهم ضد البعض الآخر، وفي نهاية المطاف و على مدى آلاف السنين تتكون خنادق عميقة وجبال مرتفعة.
“بمجرد حدوث الزلزال، لدينا دقائق معدودة ” قال دتمر. نظام دتمر يأخذ العلماء خطوة أقرب للتنبؤ بدقة مسار التسونامي. من أجل التنبؤ بمسارها، انت بحاجة لمعرفة الانتقال الأولي لسطح البحر، أو ما بدت عليه الموجة عند نشأتها.
هذا أمر من الصعب القيام به لأنه بالرغم من العدد الكثير من أجهزة الاستشعار التي قامت الحكومة اليابانية بوضعها في المحيط الهادئ، إلا إنها لا تغطي قاع البحر بأكمله. لذلك نظر دتمر للمعلومات التي تم جمعها من زلزال تسونامي توهوكو-أوكي الذي وقع في 11 آذار 2011.
أخذ دتمر المعلومات المجموعة من حدث 2011 واستخدمها للذهاب إلى الوراء في الوقت رياضيا، وحساب ما بدا عليه التسونامي عند نشأته. في حين اكتمال المعلومات عن بداية التسونامي قام بإضافتها إلى بيانات الاستشعار وتوقع ما سيبدو عليه التسونامي بمجرد أن يضرب اليابسة.
بعد مقارنة نتائجه بما حدث بالفعل في عام 2011، كان دتمر قادرا على تطوير خوارزميته.
تهدف الخطة الحالية إلى اختبار طريقته على الزلازل المسجلة وصقل هذه التكنولوجيا حتى تصبح جاهزة للتنفيذ.
“هذا يمكن أن يحدث في أقل من خمس سنوات ، وهذا البحث يمكن أن يكون جزءا من الجيل المقبل من أنظمة التحذير من أمواج التسونامي التي تعتمد على معلومات في الوقت الحالي”. بحسب لدتمر.

وبحسب دورية Nature العلمية، تساعد مجموعة كبيرة من منظمات دولية وحكومية وغير حكومية مجتمعات معرضة للخطر؛ للاستعداد قبل حدوث الزلازل، والاستجابة لها بعد وقوعها، لكنها جهود متفرقة. فمكتب مساعدة الكوارث الأجنبية الأمريكي (OFDA) الذي يرعى ورشة عمل روس ستاين حول مخاطر زلازل البلقان، ساعد في تطوير نظام إنذار مبكر من وقوع التسونامي في إندونيسيا بعد كارثة 2004، ويُجري مشروعات زلزالية في هايتي وجمهورية الدومينيكان. كما أن منظمة أخطار الأرض الدولية (GHI) غير الربحية ـ ومقرها في مينلوبارك بكاليفورنيا ـ عملت في أكثر من 20 بلدًا لرفع مستوى الوعي، وتدريب المهندسين الإنشائيين بمجال السلامة من الزلازل، لكن ما من مؤسسة واحدة يمكنها تغطية كل مدينة وبلدة، وما من بلاد يمكنها تحمُّل إعادة تقوية أو تأمين كل بناية. وبالتالي فإنّ معرفة أين تكون أعلى المخاطر الزلزالية هي مفتاح السلامة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This