حتى الأمس القريب كان ثمة مَن يقلل مِن مخاطر “ابيضاض المرجان” Coral bleaching في العالم، ولا سيما “الحاجز المرجاني العظيم” the great Barrier Reef الواقع بالقرب من ولاية كوينزلاند بشمال أستراليا، وتبقى هذه المشكلة مصدر قلق العلماء، لما ستترتب عليها نتائج كارثية تطاول ليس المرجان فحسب، وإنما أعدادا كثيرة من الكائنات، كون المرجان يعتبر موئلاً لعدد هائل من الحيوانات والنباتات البحرية.
وجاءت دراسة علمية نشرت نتائجها الاثنين (30-5-2016) صادمة، أكدت أن ظاهرة الابيضاض دمرت نحو 35 بالمئة من الجانب الشمالي والوسط من الحاجز المرجاني العظيم، في ضربة قاصمة للموقع المصنف ضمن مواقع التراث العالمية، والذي يدر دخلا يقدر بخمسة مليارات دولار أسترالي (3.59 مليار دولار سنويا).
وقال علماء أستراليون إن “معدل نفوق الشعاب المرجانية، سيرتفع على الأرجح، فيما لا تتمكن بعض الشعاب المرجانية الباقية، ونسبتها 65 بالمئة من التعافي من الابيضاض“.
ضربة قوية
ويلقي التقرير بظلال من الشك على احتمال وجود الحاجز المرجاني العظيم على المدى البعيد في ظل تغير المناخ، ويقول العلماء إن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ربما تعيد النظر في قرارها عدم ضم الحاجز المرجاني العظيم إلى قائمة المواقع التراثية المعرضة للخطر.
وقال البروفسور تيري هيوز Terry Hughes، مدير مركز أرك ARC لدراسات الشعاب المرجانية في “جامعة جيمس كوك” James Cook University بولاية كوينزلاند: “قالت أستراليا إن الخصائص التي تجعل (الحاجز المرجاني العظيم) من المواقع التراثية لم يمسها ضرر، والآن بالطبع تلقت ضربة قوية“.
ولم تذهب لجنة التراث العالمي التابعة ليونسكو في أيار (مايو) الماضي إلى حد وضع الحاجز المرجاني العظيم على قائمة للمواقع التراثية “المعرضة للخطر“.
وقال علماء أستراليون في آذار (مارس)، إن سبعة بالمئة فقط من الحاجز المرجاني العظيم لم يصبه أي ضرر نتيجة الابيضاض، وإنهم يشعرون بخوف شديد، ولا سيما في ما يتعلق بالشعاب المرجانية الشمالية.
الاحتباس الحراري
وبعد المزيد من عمليات المسح الجوي، فضلا عن عمليات الغطس، لتقييم الضرر عبر 84 من الشعاب المرجانية في المنطقة، قال العلماء الأستراليون إن تأثير الابيضاض أشد كثيرا مما كان متوقعا.
وقال هيوز: “يمثل هذا العام ثالث مرة في خلال 18 عاما يعاني فيها الحاجز المرجاني العظيم من الابيضاض بسبب الاحتباس الحراري. والتجربة الراهنة هي أشد مما شهدناه من قبل“.
وذكر العلماء أنه كان من الممكن أن تكون النتائج أسوأ لو لم يحمل معه الإعصار “ونستون” الذي ضرب الحاجز المرجاني في كانون الثاني (يناير) طقسا أبرد إلى الشعاب في الوسط والجنوب.
ويحدث الابيضاض عندما تكون المياه دافئة أكثر مما ينبغي، الأمر الذي يجبر الشعاب على طرد الطحالب، وهذا ما يتسبب بتكلسها وتحولها إلى اللون الأبيض. ويمكن للشعاب التي لم يصبها ابيضاض شديد أن تتعافى، إذا انخفضت درجات الحرارة، أما في حالات أخرى فإنها تنفق وتندثر.