يتخوف أصحاب مؤسسات السياحة الشاطئية ليس من خسارة موسم وحسب، وإنما من خسارة قطاع، فإذا كانت بعض الشواطىء تواجه كوارث ومشكلات ناجمة عن مياه الصرف الصحي غير المعالجة، فإنها تعاني اليوم إلى المياه المبتذلة ما خلفته وتخلفه أزمة النفايات، من مكبات مستحدثة وأخرى قيد الإنشاء بقرار حكومي (موقع مصب نهر الغدير – الكوستابرافا، وموقع مكب برج حمود)، فضلا عن الرمي العشوائي للنفايات في البحر، ما يتسبب بمشكلة لا تقتصر فقط على مواقع رميها، لأن أمواج البحر كفيلة ببعثرتها ومن ثم انتشارها على رقعة واسعة من الشاطىء.
فهل يخسر لبنان قطاعاً حيويا مع إحجام اللبنانيين عن ارتياد البحر والمؤسسات السياحية؟
لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال، إلا في ضوء ما ستتخذه الحكومة من إجراءات، وإن كنا نعلم أنها عاجزة عن إيجاد حلول لمشاكل ثانوية، فكم بالحري مشكلة بهذا الحجم، خصوصا وأن النفايات لا يقتصر ضررها على الشاطىء فحسب، وإنما تطاول الهواء ومياه الينابيع الجوفية وصحة المواطنين، وكل ذلك يعني أننا أمام مشهد قاتم، ومشكلاتنا في هذا المجال مرشحة للتفاقم أكثر فأكثر.

شاطئ خلدة : المنتجعات البحرية قرب المكب!

1 (2)

تزامنا مع الارتفاع المبكر في درجات الحرارة هذا العام، شهدت الشواطىء اللبنانية والمنتجعات السياحية باكرا توافد عشاق السباحة وهواة الغطس، ولكن دون مستوى ما كنا نعهده في السنوات الماضية، بعد أن أصبحت السياحة البحرية خيارا قد يعرض صحة المواطنين لأخطار جمة في حال ارتادوا بعض الاماكن الملوثة، وبالتالي سيتأثر الموسم السياحي بهذه الازمة، وقد بدأت تعلو أصوات اصحاب المؤسسات السياحية، لا سيما وان السياحة البحرية اصبحت مهددة.
صاحب مؤسسة سياحية بين خلدة وصيدا، أشار لـ greenarea.info إلى أن “مطالبتنا كأصحاب بمؤسسات بمعالجة التلوث هي بمثابة نعي الموسم من قبلنا، ولذلك رغم ما نواجه نؤثر الصمت”، وتساءل: “كيف تبنت الحكومة استحداث مطمر بالقرب من المطار وهو واجهة لبنان، وغير بعيد عن أحد اهم الشواطىء، لا بل على أرض احد المنتجعات التي اغلقت بحجة توسيع المدرج الغربي لمطار بيروت؟”، وقال: “لقد حولت الحكومة منتجعا سياحيا الى مطمر في زمن تقاسم الحصص، لنصبح مواطنين ومستثمرين واصحاب مؤسسات امام مشهد مأساوي وسط أكوام من النفايات تتصدر واجهة لبنان البحرية”، ورأى أن “ما وصلنا إليه يمثل ضربة محتمة لما بقي من سياحة يعتمد عليها الاقتصاد اللبناني، خصوصا وان اللبنانيين انفسهم اصبحوا يقصدون دولا قريبة للترفيه والاستمتاع ببعض هواياتهم، في بلدان تنعم ببية سليمة غير ملوثة”.

المنتجعات السياحية البحرية

3

تبدو المسابح في منطقة خلدة، شبه خاوية، إلا من عدد قليل من الزوار، وقال أحد العاملين في واحد من أهم المنتجعات السياحية “مع بداية هذا الموسم نجد تراجعا إلى أكثر من 60 بالمئة”، ويعزو ذلك إلى عامليْن اثنين “الأول الراوئح الناجمة عن النفايات، والثاني أن هناك مخاوف من المواطنين، فهم ليسوا على استعداد لإحضار أطفاهم وسط ما هو قائم”.
لافتا إلى “اننا نسمع الشكاوى من مرتادي المسبح – على قلتهم – من الروائح المنبعثة ولا يمكنهم تمضية النهار، لأنه مع مرور كل شاحنة محملة نفايات الى موقف التخزين المستحدث في (الكوستابرافا) تنتشر الروائح، فضلا عن أن الوضع يصبح أكثر سوءا في الليل”.
محمد عبد المنعم مدير احد المنتجعات السياحية البحرية أعرب لـ greenarea.info عن قلقه حيال الموسم الحالي، خصوصا وان انطلاقته “لا تبشر بالخير وكانت اكثر من سيئة قياسا مع بداية الموسم السنة الماضية”، وانتقد غياب الجهات المعنية عن معالجة هذه الأزمة، واستغرب أن “وزارة السياحة نجدها عند رصد المخالفات، فأين دورها في الترويج السياحي والضغط على الحكومة لإيجاد حل لاستباحة شواطئنا؟”.
وأكد عبد المنعم ان” أزمة النفايات أثرت ايضا بشكل سلبي على المؤسسات السياحية عامة”، مشيرا الى ان المؤسسة التي يعمل فيها “بعيدة نسبيا عن مكب الكوستابرافا، لكن المواطنين ينظرون إلى الشاطىء اللبناني بمجمله على أنه ملوث، وهذا غير صحيح”.
ولفت إلى أن “الشاطئ اللبناني يواجه تلوثا من نوع آخر، فبث السموم من بعض وسائل الاعلام هو شكل آخر من التلوث، ما جعل الناس لا يثقون بأي مكان يرتادونه، فضلا عن الترويج للبنان على انه (مكب نفايات خاصة) بعد الصورة التي نشرت عبر الـ سي ان ان CNN، وهذا ما فاقم المشكلة وساهم في إحجام السياح الاجانب عن ارتياد معالمنا ومؤسساتنا السياحية إلى جانب اللبنانيين المغتربين”، حمل عبد المنعم “مسؤولية هذه المشكلة لجميع الوزارات المعنية التي تقاعست عن تأدية أدوارها وجعلت الامور تتفاقم الى هذا الحد”.

السارجي: الابتعاد عن مجاري الأنهر والمكبات

7

نقيب الغواصين المحترفين في لبنان محمد السارجي أكد لـ greenarea.info ان “الفحوص المخبرية اثبتت وجود شواطئ ملوثة في لبنان، وشواطئ كانت ملوثة وانخفضت نسبة تلوثها كشاطئ صيدا بعد ان اقفل المكب وحُلت مشكلة الصرف الصحي بحيث يمكن التأكيد أن الشاطىء بات نظيف”.
وأشار الى ان “النفايات في بحر صيدا التي تحدث عنها الاعلام منذ قرابة شهر كانت قد حملتها التيارات والامواج من مناطق بعيدة”، وأبدى السارجي تخوفه خلال موسم الصيف، لافتا إلى “اننا سنواجه نتائج مكب الكوستابرافا ومياه الصرف الصحي، وصولا إلى بالاصطدام بالنفايات الصلبة اثناء السباحة”.
ولتفادي هذه المشكلة نصح السارجي عبر “محبي السباحة في البحر ان لا يتواجدوا عند مصبات الأنهر او مكبات النفايات لانهما مصدران للنفايات السائلة والصلبة”.
واضاف: “إن مكب الكوستابرافا ما عاد يشكل خطرا فقط على البحر والسلامة العامة، انما هو تهديد لسلامة الطيران بحيث ان غاز الميثان المنبعث من الاكياس المتراكمة فوق بعضها البعض سيشتعل كما اشتعل مكب صيدا لمدة عشرة سنوات متتالية، ومكب راس العين جنوب مدينة صور المشتعل منذ عام 2003 وسيشكل اشتعال الكوستابرافا عائقا لحركة الطيران ومجال الرؤية مما يؤدي الى كارثة تضاف الى الكوارث البيئية التي سيسببها”، ورأى السارجي انه “من المعيب جدا وجود جبل نفايات يزداد ارتفاعه يوما بعد يوم قبالة المطار”.

لا تكتمل متعة السباحة إلا في البحر

تُـملأ أحواض سباحة بمياه معالجة بالكلور، وتستخدم فيها تقنيات تنظيف عالية وآمنة، ولكن لا تكتمل متعة السباحة إلا في البحر، وإلا لارتاد الناس منتجعات سياحية في الجبال حيث توجد مسابح.
من هنا، لا يلغي ذلك واقع المشكلة، أي نظافة الشواطىء، والعمل على تبديد هواجس المواطنين والسياح إن وجدوا.عن الشواطئ؟
لكن مع ما تعاني بعض المناطق من مشكلة عند شواطئها، أضافت الحكومة الى مشكلة الصرف الصحي مكبات جديدة للنفايات ضاربة عرض الحائط الاعتبارات البيئية والسياحية والصحية ومتجهة الى استنزاف البلد من آخر مقوماتها الاقتصادية لترميه في لجة صراعاتها.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This