لم يعد قطاع السياحية منفصلا عن التداعيات البيئية، فهو كما سائر القطاعات في العالم يعيش ارتدادات ونتائج تغيرات المناخ، موجات جفاف وتراجع المتساقطات وغياب الثلوج وغير ذلك من مظاهر مناخية متطرفة، ولذلك التقى الخبراء في قطاع السياحة والعلماء المعنيين بتغير المناخ في الدول المتوسطية، على هامش المؤتمر الإقليمي حول “التنمية الإقليمية وتحوّل السياحة في ظل مناخ متغير في منطقة المتوسط” الذي انعقد مطلع هذا الشهر في مدينة مراكش المغربية، لبحث كيفية جعل عملية بلورة وتحديد السياسات في هذا القطاع أكثر مراعاةً لتغير المناخ.
وارتدى المؤتمر أهمية استثنائية، كون منطقة حوض البحر المتوسط تستقطب نحو 200 مليون زائر سنوياً، خصوصا وأنها تعتبر أحد أهم الوجهات السياحية في العالم، كونها مهد الحضارات القديمة ويفرض هذا العدد الكبير تحديات على الدول المتوسطية، حيث يشكل تغير المناخ تهديداً يطاول الأنظمة البيئية كافة، فضلا عن الموارد الطبيعية في الدول المتوسطية من أوروبا إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وناقش المؤتمر الإقليمي الذي نظمه البنك الدولي هذه القضية، تمهيداً لانعقاد المؤتمر الثاني والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP22 في مراكش في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، بالتعاون مع “أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات” وعدد من الجامعات المغربية ومراكز الأبحاث في منطقة المتوسط وعلى المستوى الدولي.

إدراج تغير المناخ في سياسات التنمية

تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن دراسات حديثة حول تغير المناخ، أكدت أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تتعرض لأضرار بالغة نتيجة لتأثيرات تغير المناخ، فضلا عن ان المنطقة ستواجه مستقلا تهديداً مناخياً متزايداً في حال لم يُتخذ أي إجراء لجعلها أكثر قدرة على مواجهة تغير المناخ.
حتى أن هذه الدراسات حذرت من أن ثمن عدم التحرك سيكون باهظاً مع انخفاض بنسبة 10 بالمئة في إمدادات المياه الجارية، بحلول العام 2050، بالإضافة إلى زيادة تكرار نوبات الجفاف والارتفاع الشديد في درجات الحرارة، وهذا ما بدأت معظم الدول المتوسطية تلحظه منذ نحو عشر سنوات.
وفي مواجهة هذا الوضع الذي يدعو للقلق، خصوصا على مستوى المغرب العربي، فقد بدأت بلدان هذه المنطقة تطالب – مع اعتماد اقتصادها اعتماداً كبيراً على السياحة وما تواجهه من نقص حاد في المياه في فصل الصيف – بإدارة مستدامة ورشيدة للموارد المائية، من أجل ضمان استمرار إمدادات المياه في المقاصد السياحية، لا سيما في ذروة الموسم السياحي.
وبحسب أخصائي إدارة الموارد الطبيعية في البنك الدولي توفيق بينونة، فإننا نشهد فجوة هائلة بين المعرفة المكتسبة عن تغير المناخ واستخدامها في السياسات العامة وصنع القرار.
ويهدف المؤتمر إلى زيادة وعي الأطراف المعنية من أجل إدراج تغير المناخ في سياسات التنمية الإقليمية، وجعل هذا القطاع محفزاً لتنمية فعالة، من شأنها أن تخفف الضغط على الموارد الطبيعية، وأن تشكل تالياً مصدراً حقيقياً للدخل لكل من السكان والاقتصاد.

تهديد متزايد

وفي سياق فعاليات المؤتمر، فقد تم التركيز على دور تمويل الأنشطة المناخية، في مجال إقامة مشروعات السياحة البيئية، لا سيما في المناطق النائية التي لديها رأس مال طبيعيا، وذلك من أجل تتمكن من توفير وظائف تراعي البيئة، فضلا عن تحديد المعوقات المناخية والبيئية الرئيسية التي تواجه المواقع السياحية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحديد احتمالات التمويل المستدام.
وفي المغرب، الذي يهدف إلى جذب ما يقرب من 20 مليون سائح بحلول عام 2020، تتزايد قدرة سياسات تنمية هذا القطاع على مواجهة المعوقات المتعلقة بتغير المناخ، خصوصا لجهة إدارة المياه. كما سيكون المغرب في وضع يسمح له في المؤتمر بأن يطرح خبراته وقصص نجاحه في هذا المجال، لا سيما في برنامج “قريتي” من أجل الترويج للسياحة الريفية التي تتسم بالمسؤولية.
وتقول ماري فرانسواز ماري نيلي مدير إدارة المغرب العربي ومالطا في البنك الدولي ان تغير المناخ يمثل تهديداً متزايداً من شأنه في نهاية المطاف أن يلحق الدمار باقتصاد بلدان حوض المتوسط، ويُعد قطاع السياحة أحد الأمثلة على هذا الأمر.
تبقى الإشارة إلى أن هناك ضرورة ملحة لإطلاق دعوة للانتباه والحذر، خصوصا لإدراج تغير المناخ في استراتيجيات بلدان المتوسط للتنمية الإقليمية واللامركزية.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This