تتاولى “الفضائح المدوية” فيما يختص بقضية بناء سد جنة – نهر ابراهيم، وخصوصا بعد الخلافات القائمة حول نائج تقرير الأثر البيئي للسد والتوصية التي صدرت اثره عن وزارة البيئة بوقف المشروع والبحث عن بدائل لتأمين المياه. ولا تزال المشاحنات قائمة بين الأفرقاء السياسيين من معارضين للسد ومؤيدين له.
أولى سلسلة الفضائح كانت بطلتها الشركة البرازيلية الملتزمة اعمال بناء سد جنة Construtora Andrade Gutierrez، التي اعترفت في اطار تحقيقات اجرتها محكمة برازيلية بدفع رشاوى للسياسيين البرازيليين لتحصل على عقود بناء سد بيلو مونتي Belo Monte من قبل الحكومة البرازيلية. وما أن كشفت الفضيحة الأولى حتى برزت الثانية فيما يتعلق بشركة ARTELIA التي تشارك شركة “خطيب وعلمي” درس النواحي الفنية والهندسية للسد، وطريقة تصميمه.

ARTELIA التي استعان بها خطيب وعلمي

بدأت هذه الشركة الفرنسية عملها منذ عام 2010 في مجال الهندسة وإدارة المشاريع، والخدمات الاستشارية. وأنشأت عدة فروع لها في فرنسا، وأوروبا، وآسيا، وأفريقيا، والولايات الكتحدة الأميركية، كما أنها تحتل المرتبة 83 من بين شركات التصميم الدولية.
حظ هذه الشركة لم يحالفها طويلا، ففي العام 2015، أعلنت مجموعة البنك الدولي حرمان أحد فروع الشركة في فرنسا Artelia Ville et Transport (SAS) من التعاقد لمدة سنة واحدة، كما حرم أحد فروعها في الصين Guangzhou Artelia Environmental Protection (Ltd) لمدة ثلاث سنوات من العمل، وذلك بسبب ممارسات احتيالية في مشاريعها.
أيضا جرت معاقبة أحد فروعها Artelia Eau et Environment (SAS) بشروط لمدة عامين، لإجرائها دراسة باسم شركة أخرى، الأمر الذي أدى إلى تضارب في المصالح مع واجباتها كمقاول الإشراف في إطار المشروع الإقليمي في غرب افريقيا، وكنتيجة غرمت مجموعة Artetlia بدفع تعويضات مالية، قدرت بـ 380.000 دولار أميركي و650.00 يورو لصالح الصين وغرب أفريقيا تباعا.
وأوضح نائب رئيس البنك الدولي لشؤون النزاهة ليونارد مكارثي أن “هذه القرارات جاءت لتحفيز معايير النزاهة لناحية تعزيز التجارة ومشاريع التنمية، كما هو الحال مع هذه القضية”، مؤكدا انفتاحه “للعمل مع الشركات المستعدة للإعتراف بثغراتها، فيما يختص بالرقابة، وبالتالي اتخاذ اجراءات للتصحيح بهذا المجال”.

أين سنصل مع خطيب وعلمي

وفي ظل المواقف المتناقضة، صرح وزير السياحة ميشال فرعون منذ أيام، وتحديدا قبيل جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أوائل الشهر الحالي، قائلا “سد جنة هو نتيجة عمل مستشارين وسنرى الى أين سنصل مع (شركة خطيب وعلمي)”.
من جهة أخرى كان ممثل الشركة عادل أبو جودة، قد أوضح خلال المؤتمر المؤيد لسد جنة، والذي عقد في فندق “هيلتون الحبتور” أن “الأسباب التي أدت من الناحية الهندسية والفنية والتقنية الى وجوب تحديد الموقع الأنسب للسد على مجرى وادي نهر إبراهيم، حيث تم ترك الموقع الذي كان ملحوظا في الخمسينيات من القرن الماضي، نظرا للعديد من الشوائب الجيولوجية، وتم وضعه في موقع اتفق عليه كافة الخبراء العالمين المستقلين والاستشاري الأجنبي ARTELIA، وقد تم اختيار الموقع الأنسب للسد بما يضمن السلامة العامة وسلامة السد”.
وفي ما يخص عدم تسرب المياه نحو جعيتا، فقد عرضت الوثائق والأرقام والمعطيات الهندسية والفنية، التي تنفي أي صحة للمعلومات الواردة في تقرير المعهد الفدرالي الالماني BGR. كما عرض خبير السدود الأجنبي، مدير المشروع الممثل لشركة ARTELIA للنواحي الفنية والهندسية للسد، وطريقة تصميمه بأحدث التقنيات العلمية وبالإستعانة بأهم البرامج.

في السياسة برز امس موقف جديد للنائب وليد جنبلاط الذي كان قد اعلن قبل اسبوع انه “من الحماقة” وقف الاعمال في سد جنة، ليصرح امس خلال حلقة “كلام الناس” على أل بي سي انه تلقى دراسات تظهر وجهة نظر مختلفة حول السد، وان سلمها الى وزير الزراعة أكرم شهيب طالباً درسها في مجلس الوزراء تمهيداً لاتخاذ موقف علمي وعقلاني فيما يتعلق بسد جنة.

النقطة العالقة: جيولوجية الموقع

تتضارب المعلومات ما بين التقرير الجيولوجي والهيدرولوجي الصادر عن “شركة خطيب وعلمي” من جهة، والتقرير الصادر عن خبراء المعهد الفدرالي الالماني BGR والتي لا تزال قائمة، لا سيما تلك المتعلقة بتسرب المياه الجوفية واتجاهاتها في الطبقات الجوفية في الحوض الاعلى لنهر ابراهيم باتجاه الحوض الجوفي لنبع جعيتا، مع الاشارة الى ان الشركتين قد اصدرتا عدة مراسلات تتضمن ردودا وردودا مضادة. وخلصت وزارة البيئة الى انه ما زال هناك تناقض لناحية النظام الهيدروجيولوجي لارضية منطقة بحيرة جنة ومحيطها، ووفقا لهذه المعطيات طلبت وزارة البيئة استكمال الدراسات للتحقق من مكامن الضعف الجيولوجية المتلعقة بسد جنة، عن طريق اجراء اعمال جيولوجية ميدانية متقدمة، تشتمل على حفر آبار اختبارية، وهو ما ترفضه وزارة الطاقة والمياه و”مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان”.
ويعد بند “جيولوجية الموقع” الأهم ضمن ملاحظات وزارة البيئة على المشروع، لانه يفتح الباب امام بحث وجود الفوالق الزلزالية الناشطة مع الطبيعة الكارستية للصخور في نفس الموقع، والإتصال ما بين نهر إبراهيم – جنّة ونبع جعيتا، اضافة الى وجود مخزون هائل من مياه جوفية نقيّة تحت موقع سد وبحيرة جنة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This