“ليس لدي نظام طاقة شمسية في منزلي لأنه باهظ الثمن”، “لا أحبّذه”، “لماذا أركّبه ولدينا كهرباء “دولة و”موتور”؟، “لو لم يكن منزلي في الايجار، كنت اعتمدته”… هذه اجابات بعض المواطنين اللبنانيين عند سؤالهم ان كان لديهم نظام طاقة شمسية في منازلهم.
لهذه الاسباب التي ذكروها وأخرى غيرها… أطلقت منظمة Greenpeace في منطقة المتوسّط في لبنان، حملة “الشمس ببلاش” بهدف تسليط الضوء على أهمية نُظُم الطاقة الشمسية الخاصة، كحلّ عمليّ ونظيف ومستدام لأزمة الكهرباء في لبنان، وبهدف التوعية على فوائد الطاقة الشمسية في لبنان. وتخلّل اللقاء عرضٌ لتقريرٍ مثيرٍ للاهتمام تحت عنوان “تحفيز الطاقة الشمسية في لبنان: خطوة نحو 100 بالمئة طاقة كهربائية متجددة“.
طرحت المنظمة خطوات تمكّن لبنان من الاستفادة من الطاقة الشمسية، خصوصا انه بلد ينعم بحوالى ثمانية أشهر من الشمس سنوياً.
وتسعى الحملة إلى الترويج لحلٍّ بديلٍ يكفلُ معالجة الانقطاع اليومي للكهرباء، والناجم عن عجز الحكومة عن تأمينها على مدار الساعة لتلبية أدنى متطلّبات الحياة الأساسية، في حين تتمّ الاستعانة بمولّدات الديزل للتعويض عن انقطاع في التيّار، تنطلقُ هذه الحملة أيضا من الحاجة إلى التحوّل نحو الطاقة المتجدّدة، كوسيلةٍ أساسية للتصدّي لظاهرة تغيّر المناخ والتخلي عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.
غياب الدعم
في هذا الإطار، قال جوليان جريصاتي، مسؤول حملات العالم العربي في غرينبيس المتوسّط: “كُنّا وما زلنا نعيشُ طوال هذه السنوات في حالةٍ عبثية، وتغاضَينا عن وجود الشمس كمصدرٍ آخر للطاقة يتميّز بكونه موردا مجانيا ونظيفا ومتجدّدا ومتوفرا على الدوام. فطقسُ لبنان يُنعِم عليه بأكثر من 300 يوم مشمس في السنة، وهذا يكفينا لسدّ احتياجاتنا على الصعيد الوطني، إلّا أنّنا مع ذلك لا نستغلّ هذه الفرصة!”.
ولكن القروض لا تزال غير مشجعة والدعم غائب. فكيف تفكر غرينبيس في الحل؟ في حديث لموقع greenarea.info، قال جريصاتي ان “(غرينبيس) نظمت استمارة لعدد كبير من الأشخاص لمعرفة مفاهيمهم عن الطاقة الشمسية، تبيّن من خلالها ان نسبة كبيرة من اللبنانيين لا يعرفون بوجود تكنولوجيا الطاقة الشمسية”، مضيفاً ان “بعض الأشخاص الذين أجابوا على الاستمارة يعرفون بانه يمكن استخدام الطاقة الشمسية لتسخين المياه، لكنهم لا يعرفون انه يمكنهم توليد الطاقة من خلالها لمنازلهم”.
بالنسبة لمنسّق الحملات في “غرينبيس”، الذي استند في كلامه على هذه الاستمارة، يوجد عدد كبير من اللبنانيين الذين يظنون ان نظام الطاقة الشمسية باهظ الثمن، لكن الحقيقة هي ان ثمنه انخفض بحوالى الـ80 بالمئة من عام الـ2010 لغاية الآن”.
إحداث الفرق
ورداً على سؤالنا عن القروض غير الميسّرة، قال ان “هناك القرض البيئي الذي يسهّل على المواطن اقتناء نظام طاقة شمسية”، مشيراً إلى “تفاوت الأسعار بين شركة وأخرى”، وقال ان “الحملة تهدف أيضاً إلى توعية الناس وإرشادهم على الخطوات التي يجب اتباعها عند اقتنائهم نظام الطاقة الشمسية الأمثل”.
الفاتورة الكهربائية تتعبنا كأفراد وتكبد مصادر الطاقة التقليدية الدولة مبالغ باهظة، فما الذي سيوفره لبنان في حال اعتمد على نظام الطاقة الشمسية كمصدر أساسي لانتاج الكهرباء؟
في هذا الشأن، أكّد الخبير في شؤون الطاقة المتجددة نادر الحاج شحادة، في مقابلة مع greenarea.info ان “لبنان يمكنه العمل على نظام الطاقة الشمسية بشكل كامل لتغطية الـ20 ألف غيغاوات ساعة في السنة، لكن هناك عواقب كثيرة علينا تخطيها”.
وقال ان “نظام الطاقة الشمسية يمكن القيام به في بيت جبلي، لكن الأمر يزداد صعوبة عند تركيب ذلك النظام في بيروت، خصوصاً ان السطح لا يمكنه توفير الكهرباء لـ20 طبقة مثلاً”.
والحل بحسب الحاج شحادة، انه “يمكننا إحداث الفرق من خلال الاستعاضة عن طاقة الكهرباء التقليدية بأنظمة الطاقة الشمسية، أولا من خلال الأفراد، بحيث يركّب كل شخص في منزله جزءا من حاجته، حتى لو لم يستطع تركيب نظام يكفي كل حاجته من الكهرباء (خصوصاً اذا كان يقطن في بيروت)، وثانيا، من خلال تشجيع الدولة على وضع استثماراتها في الطاقة الشمسية بدل من الطاقة الاحفورية”.
طاقة متجددة 100 بالمئة
يأتي تقرير “تحفيز الطاقة الشمسية في لبنان: خطوة نحو 100 بالمئة طاقة كهربائية متجددة”، كخطوةٍ أوّلية نحو إحداث ثورةٍ في قطاعٍ الكهرباء، تتمثّل في الاعتماد على الطاقة المتجدّدة بنسبة 100 بالمئة في حلول سنة 2050.
ويشتمل التقرير على عرض وتحليلٍ لوضع قطاع الكهرباء والإمكانات المتاحة لمصادر الطاقة المتجدّدة في لبنان، إلى جانب الإضاءة على الحواجز التي تحول دون توسيع استخدامها، واقتراح الخطوات الموصى بها في هذا الصدد. ويتضمّن التقرير أيضا نتائجَ استطلاعٍ للرأي العام، أظهرَ أنّ شريحةً كبيرة في البلاد ما زالت تجهلُ الإمكانات والفرص التي قد توفّرها لنا الطاقة الشمسية، في حين ما زال آخرون يشكّكون في الأمر.
من خلال حملة “الشمس ببلاش”، تطمح “غرينبيس” إلى توعية الرأي العام حول الإمكانات التي توفّرها لنا الطاقة الشمسية، كما ترفع الصوت لحثّ صانعي القرار على العمل لمصلحة مواطنيهم والاقتصاد والمناخ.
ننتظر الخطوات العملية التي وعدت بها المنظمة، وقبل أي شيء، ننتظر ان تصبح أنظمة الطاقة الشمسية من حق الجميع، وليس فقط لميسوري الحال الذين باستطاعتهم اعتمادها، خصوصاً في ظلّ ارتفاع الفوائد المجحفة التي تفرضها الشركات والمصارف.