خلصت دراسة علمية حديثة إلى نتائج صادمة، أكدت فيها أن الأسماك الصغيرة في المحيطات، تفضل أن تتغذى على مخلفات البلاستيكplastics المتناهية الصغر، بدلا من العوالق” plankton التي تعتبر غذاءها الطبيعي، وشبهت الأمر بما يواجه الإنسان، خصوصا جيل المراهقين الذي يؤثر الوجبات الوجبات السريعة على الغذاء الصحي، مع فارق بسيط وهو أن هذا الأمر يعيق نمو الأسماك الصغيرة ويحول دون وصولها إلى مرحلة البلوغ أو يؤخر بلوغها، ويحول بالتالي دون قدرتها على التكاثر.

سبق ودق العلماء ناقوس الخطر حيال الأخطار التي تتهدد الأسماك والأحياء المائية والنظم الإيكولوجية البحرية منذ سنوات عدة، إلا أن هذه الدراسة التي أعدها علماء في جامعة أوبسالاUppsala University في السويد، أثبتت حجم الضرر الناجم عن جزيئات البلاستيك Micro plastics، وخصوصا بلاستيك البوليمرPlastic polymer المستخدم في الصناعات الحديثة، وجاء في الدراسة أن البلاستيك الصغير غير قابل للتحلل في البيئة الطبيعية، ويتسلل إلى المحيطات من خلال القمامة، تحديدا عند التخلص من النفايات مثل أكياس البلاستيك والمواد الاخرى، وتزيد أنظمة التخلص من النفايات الضعيفة ومصبات الصرف الصحي من جزئيات البلاستيك الصغيرة في البحار والمحيطات.

Micro Plastic hampers the growth of fish1

الــ ميكوربيدات

ويعتبر الـ ميكوربيدات” Micro beads المصدر الاول لهذه النفايات، وهي حبيبات متناهية في الصغر تستخدم في مستحضرات التجميل، وتدخل بسهولة في الممرات المائية، وتذهب من خلال مجاري الصرف الصحي الى المحيطات، وتتجمع وتتراكم على مر السنين، وكان يصعب على العلماء قياس أثر هذه المواد سابقا، وعثر على جزئيات من البلاستيك الصغير في الطيور البحرية والأسماك والحيتان.

واستطاع العلماء لأول مرة أن يثبتوا أن الاسماك التي تتعرض لمثل هذه المواد يختل نموها، ما يؤدي الى توقفه في بعض الاحيان، وتزداد معدلات النفوق بينها، ويتغير سلوكها مما يعرضها للخطر، وأظهرت عينات من يرقات الاسماك انها لا تتناول البلاستيك فحسب، ولكنها تفضله على طعامها الطبيعي، وتأكل هذه اليرقات البلاستيك فقط، وتتجاهل مصدر غذائها الطبيعي من العوالق.

ووجدت الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم” Science journal الأسبوع الماضي، أن الاسماك التي ولدت في بيئة غنية بجزيئات البلاستيك الصغيرة التي يصل حجمها لأقل من 5 ملم، انخفضت لديها البيوض ومعدل النضوج، ولم تتمكن هذه الأسماك من فهم الاشارات الكيميائية التي تحذرها من وجود حيوانات مفترسة تهدد حياتها، وعثر على هذه الجزيئات بوفرة في المحيطات، وفي المناطق الساحلية الضحلة، حيث يكون البحر مكبا للنفايات وأنظمة الصرف الصحي.

أضرار كبيرة وطويلة الامد

وقال مؤلف الدراسة بيتر إكلوف Peter Eklov: “هذه المرة الأولى التي نكتشف فيها أن نوعا من الحيوانات يفضل تناول البلاستيك على طعامه الطبيعي، وهو أمر يدعو للقلق، فاليرقات التي تتعرض لجزيئات صغيرة من البلاستيك خلال نموها تتغير سلوكياتها، لتصبح أقل نشاطا مقارنة بالأسماك في المياه الخالية من هذه الجزيئات“.

ودعت حملات حماية البيئة الى الحد من النفايات التي تصل الى الانهار والبحار والمحيطات، وإلى الحد من استخدام البلاستيك الصناعي في مستحضرات التجميل، وتشير دراسة أن الضرر قد حصل بالفعل، وأن منع تسرب المزيد من جزئيات البلاستيك الى المحيطات يجب أن يكون عاجلا، وإلا سيكون من الصعب التخلص منها، واكتشفت الدراسة أن اليرقات التي تتعرض لجزيئات بلاستيكية صغيرة يسهل على الحيوانات المفترسة في بيئتها اصطيادها أسرع بأربع مرات مقارنة بالأسماك التي لا تتعرض للبلاستيك.

ونفقت كل الاسماك التي شملتها الدراسة والتي تعرضت للبلاستيك بعد 48 ساعة، ما يؤكد ان آثار جزيئات البلاستيك الصغيرة ستكون كبيرة وطويلة الامد، فالآثار المباشرة اليوم واضحة على الجهاز الهضمي للأسماك، ولكن قد يكون البلاستيك سببا في سلوك مختلف للأسماك، والذي يثبط دورة تطور الشعور بالخطر لديها من خلال آليات غير مفهومة حتى الآن.

وأضيف هذا البحث الى أبحاث أخرى خلصت أن نوعا من الاسماك الساحلية يتراجع بشكل ملحوظ في السنوات الاخيرة في حين تزيد كمية النفايات البلاستيكية في المحيطات، وحذرت المساعدة في البحث أونا لونستيت Oona Lonnstedt قائلة أنه اذا تأثرت المراحل المبكرة من حياة الانواع الاخرى من الاسماك، فإن هذا سيترجم الى زيادة معدلات النفوق، وستكون التأثيرات على النظم الايكولوجية المائية أكثر عمقا“.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This