هل يساعد سم “عنكبوت الرتيلاء” Tarantula spider في استخلاص أدوية تساعد في علاج العديد من الأمراض؟ الجواب نعم، فقد توصل العلماء في دراسة خاصة وبحث جديد أن سم “الرتيلاء” يمكن أن يساعد في إنتاج عقاقير جديدة لعلاج الآلام المزمنة، فضلا عن أمراض عدة، ولا سيما منها: الصرع epilepsy، القولون العصبي IBS، مرض التوحد autism وألزهايمر Alzheimer.
يسبب سم هذا العنبكوت الموجود في غرب أفريقيا آلاماً مبرحة عند لدغ ضحاياه، إلا أن الباحثين وجدوا أن السم يستهدف مسارا كيميائيا لم يعرف من قبل في الأعصاب التي تشعر بالألم، وقال الدكتور إرميا أوستين Jeremiah Osteen الفيزيولوجي physiologist في “جامعة كاليفورنيا” University of California في سان فرانسيسكو، الذي قاد فريق البحث “تطورت هذه العناكب على مدى ملايين السنين للتوصل إلى مثل هذه السموم القوية“، ورأى أوستين في هذه السموم “أدوات يصعب على الإنسان تصميمها حتى في أهم المختبرات“.
السموم المكتشفة
ووجد الباحثون أن هذه السموم المكتشفة حديثا تسبب الألم من خلال إطلاق قناة، تسمح للصوديوم بالدخول إلى خلية في فئة نادرة من الأعصاب تعرف بـ “أ دلتا فايبرز“، وتمكن الباحثون من تحديد اثنين من جزيئات البروتين الصغيرة في سم العناكب، وهي التي تقوم بتنشيط هذه الأعصاب بقوة في المختبر، ويعتقد أن “أ دلتا فايبرز” A-delta fibres تنقل الصدمة الحادة المفاجئة للحرق أو القطع، وتنتج “سي فايبرز” C fibres نبض الحرق الذي يتبعها، بحسب ما أشارت صحيفة “الدايلي ميل” البريطانية.
وتمكن الباحثون من عزل “أ دلتا فايبرز” في الفئران باستخدام السموم، وتبين أنها تلعب دورا هاما في فرط الحساسية، وهذا هو المكان الذي تسبب فيه اللمسات الخفيفة عدم الراحة، وهي مشكلة شائعة في أمراض مثل “القوباء” Herpes ومتلازمات الآلام المزمنة، وأظهرت التجارب أن حساسية اللمس المتزايدة من نوع فرعي من “أ دلتا فايبرز” والمعروفة باسم Nav1.1 ، ربما تلعب دورا في متلازمة القولون العصبي، ويشترك النوع الفرعي Nav1.1 للأعصاب في تطوير الصرع ومرض التوحد وألزهايمر.
تحديد آليات الألم
وبحسب الدكتور ديفيد جوليوس David Julius من جامعة كاليفورنيا والذي شارك في البحث، فإنه “من الصعب للغاية تحديد أدوية لهذه القنوات، بسبب وجود أنواع فرعية منها ذات ارتباط وثيق، ما يجعل من الصعب تحديد أدوية وغيرها من الأشياء التي تعمل على نوع فرعي واحد وليس على نوع آخر، وتوفر هذه السموم أدوات فريدة من نوعها لفهم بالضبط ما يفعله هذا النوع الفرعي Nav1.1 لدى الشعور بالألم“. ويأمل الباحثون الذين نشرت أعمالهم في مجلة “نيتشر” Nature العلمية، أن يتمكنوا من تحديد آليات الألم الأخرى، من خلال دراسة السموم من المخلوقات الأخرى. ويقوم العلماء بفحص مئات من سموم العناكب والعقارب وغيرها، واضاف الدكتور جوليوس “هناك العشرات من مئات جزيئات البروتين المختلفة في سم كل حيوان، وكلما تعمقت في النظر كلما اكتشفت المزيد من السموم“.