يعتمد أغلب أصحاب معاصر الزيتون في سوريا على المعاصر التي تعصر على طريقة (3faze )، وهي عبارة عن معاصر قديمة مجددة من ايطاليا، بما يتناسب مع التعليمات الصادرة عن وزارة الصناعة والتي تسمح باستيراد معاصر مستعملة لمدة لا تزيد عن خمس سنوات، وكما هو معروف يشتريها التاجر ويجددها ثم يوردها إلى سوريا، ويمكن أن تكون أقدم من خمس سنوات، وتعمل بالطريق التقليدية، بحيث أنه عند القيام بعصر 1000 كغ زيتون تعطي نتيجة عصرها 1000 ليتر من مياه الجفت (الزيبار)، وهذه المياه تسيل على الأرض لتلوث الينابيع ومياه الشرب في كل عام، نتيجة تركيز “البولي فينات” المرتفع الذي ينتج منها.
قامت وزارة الزراعة (الهيئة العامة للبحوث الزراعية) السورية بإجراء بحث علمي بالتعاون مع الجانب الايطالي، يهدف إلى اعتماد تقنية حديثة تعتمد على العصر بطريقة (2-2,5 faze) مع وجود مبخر يعطي من خلالها كل 1000كغ من الزيتون نتيجة عصره 150 ليترا بدلاً من 1000 ليتر من مياه (الزيبار).
يتركز معظم التفكير الحالي في مجال حماية البيئة نحو إيجاد آلية عمل لمعالجة النفايات والانبعاثات، بدءا من تشكلها وحتى نهاية الأنبوب، وهذا يستلزم الانتقال من المنهجية الانفعالية إلى المنهجية الوقائية التي تعتمد على تطبيق وسائل الإنتاج الأنظف لمنع التلوث قبل تشكله، لكن الاعتراضات كانت كثيرة على ذلك، نظراً لعدم قدرة أصحاب المعاصر على شراء المعاصر الاسبانية جديدة نظراً لغلائها، لذلك لجأنا إلى طريقة إعادة الاستخدام، وقد تبين من نتائج البحث أيضاً أنه يمكن استخدام هذه المياه السوداء (الزيبار) في تسميد الأشجار بالطريقة العضوية، ولكن بنسب محددة (80 م3 في الهكتار)، أو ما يعادلها بالطريقة السهلة 50 ليتر لكل شجرة كبيرة، ترش بالماء بعدها حتى يتم تمديدها على أن تضاف قبل شهرين من موعد الزراعة، وقد طبقت على محاصيل متعددة مثل (القمح والذرة والعنب والزيتون)، وقد تخوف الفلاحون في الفترة الأولى من تطبيق هذا القرار، وبالتالي كانت هناك ضرورة للإرشاد والمساعدة، وقد باشرنا بنثر مياه الجفت على الأشجار الحراجية في مواقع التشجير الحراجي لنراها في الموسم القادم خضراء ذات نمو مميز، وبالتالي تأكد الفلاحون بعدها من نجاح التجربة.
وبناء عليه، قامت وزارة الدولة لشؤون البيئة من خلال رئاسة مجلس الوزراء، بإصدار قرار يفرض على كل معصرة ضرورة إنشاء حوض مائي يتناسب مع القدرة التشغيلية، يجمع من خلالها مياه الجفت في هذا الحوض، ليتم بعد ذلك استخدامه في عملية التسميد العضوي، وإذا كان موقع المعصرة ضمن تضاريس وعرة أو منحدرات، أي توجد صعوبة في إنشاء أحواض، يفرض على صاحب المعصرة إقامة محطة معالجة، وبالتالي منع تلوث التربة.
المياه السوداء هي عبارة عن سماد عضوي مفيد للتربة والنبات، ولكن من محاذيره أنه يجب أن يستخدم وفق النسبة الموضوعة، بحيث أن أي زيادة يمكن أن تؤدي إلى نتائج سلبية نتيجة وجود “البولي فينات”، مثلها مثل ذهاب المريض إلى طبيب فيصف له حبتين من الاسبرين مثلاً، وإذا تناول المريض كميات أكبر يمكن أن يكون لها منعكسات سلبية، من هنا كانت العملية الارشادية ضرورية عند تطبيق القرار.
يتمثل تحدي استخدام الإنتاج الأنظف في تغيير التصميم وإجراءات التصنيع التقليدية لدمج الاعتبارات البيئية بانتظام وكفاءة. لا يتطلب هذا تغييراً في الإجراءات الموجودة فقط، وإنما تغييراً في الطريقة التي يعمل بها الناس أيضا (والذي هو المهمة الأكثر صعوبة). ولكي يتحقق هذا، يجب إدخال مفاهيم وأهداف بيئية واضحة، وأن يتم التواصل على جميع المستويات (الصناعة والمؤسسات والحكومات والمستهلكين… الخ). ويمكن لحملات التعليم المعززة من قبل القوانين واللوائح التنظيمية، وربما التعهد السياسي من التغلب على هذه العقبات.
وغالباً ما تكون التكاليف الفعلية للتغيير مرتفعة، خصوصا في البداية، وقد تكون فترات الدفع أيضاً أطول مما تكون عليه عند فرص الاستثمار البديلة. بأي حال فإنه على المدى الطويل، يمكن أن يكون للاستثمارات في تكنولوجيا الإنتاج الأنظف فوائد اقتصادية مغرية، ليس فقط بسبب تخفيض تكاليف المواد والطاقة والماء، وبذلك معالجة النفايات والإدارة والتخلص النهائي، ولكن أيضاً بسبب تخفيف المسؤوليات الاجتماعية والبيئية والقانونية. ويمكن أيضاً الإسراع بعوائد الفوائد من خلال الزيادة في الإنتاج والنوعية. ويمكن للحكومات أن تسهل هذه العملية من خلال تقديم سياسات وأدوات (تخفيضات في ضريبة الاستيراد والتمويلات الخاصة للإنتاج الأنظف وتسعيرة المياه والطاقة… الخ)، والتي تعمل على تشجيع اعتماد حلول الإنتاج الأنظف عند اختيار التكنولوجيا، من أجل المواءمة والاستثمار الجديد. كما أن السياسات التي تمنع التلوث، تميل إلى أن تكون أكثر فاعلية ورخصاً على المدى الطويل من السياسات التي تشمل المعالجة والتخلص من النفايات التي يمكن تجنبها.