ربما سمع كثيرون عن نوع من الأسماك يقفز من المياه لمسافة محددة، ويلتهم فريسته بسرعة بعد أن يصيبها بشحنة كهربائية، فما هو نوع هذه الأسماك؟ وما هي الخصائص التي تتميز بها في مقارنة مع أنواع أخرى من الأسماك؟
هذا ما كشفته دراسة حديثة، تمكنت من إثبات نظرية عمرها 216 عاما، تقول بأن الثعابين الكهربائية Electric eels تقفز من الماء إذا ما واجهت تهديدات مباشرة، وتعرف ثعابين البحر بالعربية بـ “أنقليس رعاد“، أما اسمها العلمي، فهو Electrophorus electricus.
وأنجزت الدراسة في “جامعة فاندربيلت” Vanderbilt University في ولاية تينيسي في الولايات المتحدة الاميركية، مستندة إلى نظرية طرحت للمرة الأولى في العام 1800، عندما شاهد عالم الطبيعة الألماني الكسندر فون هومبولت Alexander von Humboldt قبل 216 عاما مواجهة بين ثعابين كهربائية محاصرة خلال موسم الجفاف في بركة غامضة في فنزويلا، وسيقت الخيول إلى البركة من قبل الصيادين لجذب الثعابين، وفاجأت الثعابين الخيول لكنها أنهكتها في النهاية، ما سمح للصيادين بجمع الثعابين بأمان، ودفعت هذه الرواية هومبولت إلى الشهرة، وتم سردها في العديد من المنشورات، إلا أن الشك ظل يراود، ذلك أنه لم يتم رصد سلوك مماثل لثعابين البحر خلال أكثر من 200 عام.
سلوك مروع
وفي سياق الدراسة، تمكن الدكتور كينيث كاتانيا Kenneth Catania من “جامعة فاندربيلت” بملاحظة رد فعل الثعابين الكهربائية الموجودة في حوض للماء، عندما قام بإنزال عصا موصلة مموهة على هيئة تمساح لاختبار مدى صحة النظرية القديمة، التي تحدث عنها العالم الألمانس.
ووجد كاتانيا أن الثعابين صعدت وصعقت “الحيوان المفترس” بالكهرباء، لا بل وزادت شدة التيار الذي أنتجته وأطلقته مع ارتفاعها عن مستوى سطح الماء، وكتب الدكتور كاتانيا في ورقته العلمية “إنه سلوك مروع للثعابين الكهربائية للدفاع عن أنفسها خلال موسم جفاف الأمازون، عندما تتجمع في بركة صغيرة وتكون معرضة لخطر الافتراس“.
وأظهر فيديو التصوير البطيء قيام الثعابين بطي رقابها للحفاظ على الاتصال بين أعضائها الكهربائية والموصلات، ما يشير إلى استخدام الثعابين جهدا عالية بدلا من الاندفاعات الكهربائية العشوائية عند مهاجمة الحيوانات المفترسة، وقام الدكتور كاتانيا بتوصيل سلسلة من أضواء “ليد” LED على جسم الحيوان الاصطناعي المفترس، ما كشف أن قفزة ثعابين البحر سمحت لها بإنتاج الكهرباء وإصابة الأجسام المستهدفة المتحركة.
الدفاع السلبي
تعيش الثعابين الكهربائية المياه العذبة من أحواض الأمازون، ونهر “أورينوكو” Orinoco في أميركا الجنوبية، وغالبا ما يتم نصب أفخاخ لها، وتضع هذه الثعابين بيوضها في برك متفرقة، خصوصا خلال مواسم الجفاف وندرة المياه في المسطحات المائية الكبيرة، ومن ناحية ثانية، تقول الدراسة أنه هذه القفزات ربما تثبت للهجوم على الحيوانات المفترسة، وهي ميزة خاصة تعرف بـ “الدفاع السلبي” من خلال إرسال تيارات كهربائية عن طريق المياه المحيطة، حيث يتبدد التيار سريعا.
وأضاف الدكتور كاتانيا قائلا بأن “مثل هذا الاكتشاف من شأنه أن يسلط الضوء على السلوكيات المتطورة، وهي سلوكيات تطورت بالتناغم مع الأعضاء الكهربائية القوية لثعابين البحر“.