يتباهى سكان جزيرة “غرينلاند” Greenland في منطقة القطب الشمالي، لأنه بات في مقدورهم تناول أسماك الـ “ماكريل” Mackerel بعد صيدها مباشرة، بسبب ارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، خصوصا وأن هذه الأسماك لا تنتمي إلى بيئة غرينلاند، وتعد من الأنواع الوافدة والغازية، فهي تتجه شمالا مع ارتفاع الحرارة، حتى أن عددا من العلماء اعتبر أن هذه الجزيرة ستكون مستفيدة من تغير المناخ! إلا أن مثل هذا الأمر لا يمكن اعتباره عاملا إيجابيا، حتى وان كانت له نتائج اقتصادية مهمة، لأننا لا نعلم حتى الآن تبعات تغير المناخ على معظم النظم الأيكولوجية في هذه الجزيرة الباردة.
ولا نستغرب ما ساقه في هذا المجال، أحد كبار الباحثين في المعهد الوطني للموارد المائية DTU Aqua و“معهد غرينلاند للموارد الطبيعية” Greenland Institute of Natural Resources توينس جانسن Teunis Jansen من أن “وصول الـ (ماكريل) إلى غرينلاند هو المثال الأكثر تطرفا حيال كيفية تغير المناخ، وامكانية تأثيره على اقتصاد أمة بأكملها“.
الـ “ماكريل” شكل ربع دخل صادرات الجزيرة
وفي حال استمرت درجات الحرارة الصيفية خلال القرن الحالي، من الممكن أن “يصبح وجود أسماك التونا الحمراء أيضا في المياه الواقعة في شرق غرينلاند أمراً اعتيادياً“، بحسب أستاذ علوم البيئة البحرية في جامعة الدنمارك التكنولوجية Denmark Technological University براين ماكينزي.
وستعتمد جزيرة غرنيلاند، وهي أشبه بالصحراء البيضاء في المنطقة القطبية الشمالية وثاني أكبر جزر العالم بعد أستراليا بمساحة 2.2 مليون كيلومتر مربع، في سبيل بقائها على صادراتها من أسماك القريدس والهبات المالية من الدانمارك، وهو البلد الذي تتبع له هذه الجزيرة.
لم يسبق أن شهدت غرينلاند أسماك الـ “ماكريل” في المياه منذ سنوات، ولكن اليوم ازدهرت صناعة صيد الأسماك في الجزيرة، وقد شوهدت أسماك الـ “ماكريل” Mackerel لأول مرة في مياه غرينلاند من المحيط الأطلسي في عام 2011، وخلال سنوات قليلة، اصبحت هذه الأسماك تشكل ربع الدخل من صادرات الجزيرة.
وبحسب جانسن “لقد وجدنا اسماك الـ (ماكريل) في غرينلاند، في كل مكان في منتصف الصيف“، وأضاف “وجدنا كميات كبيرة في المياه الدافئة، في درجة حرارة أكثر من 8.5 درجة مئوية“.
غير خاضع للحماية
بدأ جانسن هذه الدراسة الأولى من نوعها حول أسماك الـ “ماكريل” في مياه غرينلاند، ونشرت النتائج التي تم التوصل إليها مؤخرا في المجلة العلمية المعروفة Ecological Applications.
والـ “ماكريل” هو واحد من أكثر أنواع الاسماك التي يتم صيدها في العالم، ويعتبر من أهم الموارد الصناعة والغذائية في الدانمارك، النرويج، اسكتلندا، ايرلندا، هولندا وآيسلندا، ومن وجهة نظر اقتصادية، تعتبر الأسماك من اهم الموارد على مستوى الاتحاد الأوروبي، كما أنه غير خاضع للحماية.
يشار إلى ان الـ “ماكريل” من السمك السريع الذي غالبا ما يسبح في مجموعات كبيرة، ويشق طريقه في المياه من إسبانيا إلى شمال النرويج، ويمكن اصطياده على مدار السنة لعدم وجود أية قيود على صيده في معظم دول أوروبا.
