لن تُطوى قضية الاعتداء على سلحفاة الـ Selfie أو السلحفاة “لاكي” تبعا للتسمية التي أطلقها عليها مؤخرا عناصر الدفاع المدني – الانقاذ البحري على أنها “دعوى ضد مجهول”، أيا تكن الأسباب والاعتبارات، بدءاً من موقف وزير البيئة محمد المشنوق “اللي ما فيه يعمل شي”، مرورا بالتعتيم على من أظهرتهم الصور والفيديوهات متورطين، على الأقل في الاستخفاف بحياة الكائنات البحرية والتعرض لها، من تقليب السلحفاة ورميها على الرمال وهي في حالة يرثى لها، والطلب من أحدهم رفع طفل ووضعه فوق قوقعتها فيما هي مصابة في رأسها لالتقاط صورة الـ Selfie، وصولا إلى محاولات تمييع القضية تمهيدا لركنها في “ذاكرة النسيان”!
قلنا منذ اليوم الأول أن هذه الواقعة تخطت ضرب سلحفاة بحرية مفترض أن تكون محمية بموجب القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، وأصبحت قضية تطاول مجموع القيم والمناقب وسائر الاعتبارات الاخلاقية والانسانية في مجتمعنا، قضية كان من المفترض أن تلقى ما تستحق من اهتمام، ومن المفارقات الغربية أن النيابة العامة البيئية لم تتحرك إلى الآن، ولم يتم التعامل مع ما تناولناه بالمعلومات وما عرضناه بالصور على أنه بمثابة إخطار للنيابة العامة، ومن المفارقات أيضا أن تتحرك مؤسسات وجمعيات في دول أوروبية ووسائل إعلام دولية، فيما لم تتحرك السلطات المحلية حتى الآن، على الأقل لتقول الكلمة الفصل، وتضع حدا لسجال يُراد من خلاله تشويه الحقائق.

وزارة البيئة غير معنية!

أكثر ما استوقفنا منذ أن أبلغنا كجمعية Green Area الدولية” عناصر الإنقاذ البحري في الدفاع المدني اللبناني بوجود السلحفاة على شاطىء أحد المسابح في الرميلة (ساحل الشوف)، والذين أبلغوا بدورهم الطبيب المختص في وزارة الزراعة الذي ما يزال يتابع علاجها، كان موقف وزارة البيئة، بعد أن استقال الوزير من مهامه ومسؤوليته، علما أنه كان أول من تبنى توصية جمعية “الجنوبيون الخضر” بإعلان الخامس من أيار (مايو) من كل عام يوما وطنيا للسلاحف، وكنا نتوقع أن يتفقد السلحفاة ويعلن موقفا من أمام مركز الدفاع المدني – الانقاذ البحري، إلا أن الوزير الذي استقال من دوره في إدارة ملف النفايات، بات غير قادر ايضا على متابعة قضية هي في الاساس من ضمن مسؤولياته المعنوية والإجرائية، ولا نعرف ما هي اعتباراته، وما إذا كان تعرض لضغوط من جهة ما، طلبت “لفلفة” الموضوع!
ولتبيان الحقيقة، نعرض في ما يلي لتفاصيل محفوظة لدينا بتسجيلات، عندما اتصلنا بمستشار الوزير، غسان صياح، وشرحنا له الموضوع، فقال: “ليكي ستنا بدي كون صادق معك، اليوم الوزير راح عَ مجلس الوزرا، ما بقا فينا نكلف حدا بغيابه، لان هو بدو يعمل التكليف، بقا خلينا نشوف بلكي بكرا، وانا بفضل اذا نحنا كوزارة منقدر نعمل اكتر من انو نبعت حدا يشق عليها للسلحفاة، اذا فينا نعمل موقف قانوني ندعمه بأي اجراءات، لانو انو بروح حدا من عنا يشق عليها ما علملنا شي، خلينا عالاشيا اللي منجيدا اكتر بالنسبة للحكومة، بقا ما توفرينا من هالناحية واي اجراءات تانية انا بخدمتك، ودقيلي بس بدك”، ثم طرحنا فكرة اصدار بيان صادر عن الوزارة، فرد المستشار: “خليني بس يجي الوزير بحكيه وبوصل صوتك لمعاليه”.
في اليوم الثاني، عاودنا الاتصال بمستشار الوزير، فكانت الصدمة عندما سألناه ما إذا كان الوزير وبعد إعلامه بأمر السلحفاة سيتخذ أي إجراء، فرد قائلا: “شو بدو يعمل ما في اجراء مطلوب لينعمل، مش قادرين نعمل شي”!

إدارة المسبح تطالب بمسح الصور

turtel Pic

ونفاجأ اليوم أن إدارة المسبح الذي وجدت السلحفاة على شاطئه، طلبت إدارته من جميع الموظفين محو صور السلحفاة عن هواتفهم الخاصة، بحسب ما أبلغنا من مصدر موثوق، وتصر ادارة المسبح ان احداً لم يتعرض للسلحفاة، ولقد حصلنا على صور جديدة، يبدو فيها الرجل الذي سحب السلحفاة من المياه، يتفنن باللقطات الاستعراضية بقربها، علماً ان الروايات تضاربت حول دور هذا الرجل ، حيث اوضحت في تقرير سابق جمانة حجار، وهي كانت موجودة على الشاطئ اثناء وقوع الحادث أن “السلحفاة وصلت إلى الشاطىء وحدها ولم يحضرها أحد، ولم تتعرض لضرب مبرح وأن أحدا لم يلمسها”، وأضافت أن “الشخص الذي بدا في الصورة كان يحاول إنقاذها، وأنا كنت موجودة، وحاول ثلاث مرات اعادتها الى الماء لكنها كانت تعود في كل مرة، فظن الموجودون انه يمكن جاءت إلى الشاطىء لتبيض ”. وعرضت لما اعتبرته “الكثير من المغالطات وإجحافا بحق الناس الذي كانوا متواجدين في المكان”. وأكدت حجار ان الصورة التي يظهر فيها ابنها مع السلحفاة تبين انه لم يكن يقف على السلحفاة بل كان محمولاً فوقها دون ان تلامس قدمه قوقعتها، وانه من الظلم ان يتم الايحاء ان من التقطوا الصور من السلحفاة كان بينتهم اذيتها، وان كثر حاولوا انقاذها واتصلوا بالدفاع المدني عدة مرات لتسليمها.

Animals Lebanon وتقرير الطبيب المعالج

تجدر الإشارة إلى أن المدير التنفيذي في جمعية Animals Lebanon جايسن ماير Jason Mier كان قد عاين السلحفاة ورفع تقريرا إلى وزارة الزراعة، جاء فيه: “تواصلنا مع الدكتورة سو ثورنتون Sue Thornton في المجموعة الدولية للطب البيطري وحدائق الحيوان the International Zoo Veterinary Group، وبدت الجروح على رأسها واضحة، فعند الجزء العلوي من الرأس توجد منطقتان تضررتا بشكل عميق، عند ضغط المياه في الجروح تتسرب خارجا من مكان آخر، والسلحفاة غير قادرة على تناول الطعام، ولكنها تستطيع المضغ والابتلاع عندما يتم وضع الطعام في فمها، وهذا ما كان الدفاع المدني يقوم به للحفاظ على قواها حتى الآن”.
وأكد لنا اليوم الطبيب المختص في وزارة الزراعة الدكتور محمد سكرية، وهو يتابع علاج السلحفاة، أن “هناك فعل جرم إنساني”، وجزم أنه “من خلال الجروح لا يمكن أن تكون السلحفاة تعرضت للاصطدام بالـ (جت سكي) أو (لانش)”.
وتجدر الإشارة إلى أن من كانوا على المسبح، وشاركوا في “احتفالية” صور الـ Selfie، مع السلحفاة المصابة أساسا، نفوا ما قاموا به، خوفا من التعرض لمساءلة قانونية، وهم واضحون في الصور.
وفي هذا المجال، أشار نقيب “الغواصين اللبنانيين المحترفين” محمد السارجي لـ greenarea.info إلى “ان القانون الصادر عن وزارة الزراعة، ينص على حماية السلاحف البحرية وأعطيناه للدفاع المدني”، منوها إلى أن “قضية السلحفاة تخطت لبنان وتصلنا ردود فعل من دول عدة”، ولفت إلى أن “ما حصل فيه انتهاك لهذا القانون، ومن ضرب السلحفاة يجب أن يحاسب”.
وأشار السارجي إلى أن “هناك شهودا عيان اكدوا لي أنها تعرضت للضرب وداسوا عليها بأقدامهم”، وقال: “إذا كان البعض يروج أن أحدهم سحبها من المياه، فهذا الفعل في حد ذاته عليها يعتبر انتهاكا للقانون، إن كان سحبها ليقبلها أو ليدوس عليها، لأن في ذلك انتهاك لحرمة هذا الكائن المسالم والبيئي بالدرجة الأولى، وهناك صور لاطفال واقفين عليها وسط أهاليهم لالتقاط الصور، وهناك صور واضحة لمن داس عليها بقدمه، وهناك الفيديو الذي يظهر فيه ساعة وضعها على الرمل رافعا عضلاته، ومن ثم هناك الشهود العيان الذي أكدوا أن الرجل الواضح في الصورة، هو ما سحبها من المياه و”خبطها” على رأسها بنفس الساعة، وبالنسبة للمسبح ليس من مصلحته أن يؤكد ذلك ليبدو أنه مرفق (حضاري)، ولا يسمح بمثل هذه التجاوزات، فيما كان من القيمين على المسبح أن يتصلوا هم بالدفاع المدني وقوى الأمن الداخلي”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This