من يعاين السلحفاة “لاكي” Lucky القابعة في حوض مائي صغير، وفرته لها جمعية Animals Lebanon قبل نحو أسبوع، لا بد وأن يشعر بشيء من الرهبة، فهذا الكائن المائي الذي ينوف عمره على المئة عام، زار فيها الشاطىء اللبناني سنويا على مدى قرن كامل للتزاوج وتأمين ديمومة بقائه واستمراره، وسط نظم ايكولوجية ترقى إلى ملايين السنين، خصوصا وأن هذه السلاحف البحرية سبق وجودها الإنسان وغيره الكثير من الكائنات منذ عصور ما قبل التاريخ.
وتتملكنا الرهبة أكثر لمجرد أن نواكب حركتها الضعيفة، ما أفقدها الكثير من حيويتها، ففي لحظات نظن أنها نفقت إذ لا تصدر عنها أية حركة، فيطمئننا عناصر الدفاع المدني إلى أنه منذ العثور عليها وهي في هذه الحالة، وتبدو في بعض الأوقات ساكنة لا تظهر إلا قوقتها، ولا تقوى على الاتيان بحركة تنزع هواجسنا.
أتقن عناصر الدفاع المدني التعامل معها، واكتسبوا خبرة في هذا المجال من الطبيب المعالج الدكتور محمد سكرية المنتدب من قبل وزارة الزراعة لمتابعة وضعها الصحي، ومن الخبير في Animals Lebanon جايسن ماير Jason Mier، لا بل هم من يساعد الطبيب في تثبيتها خلال حقنها بالدواء، لا بل يلاطفونها بلمسات حانية، إذ تمكن عنصر من الدفاع المدني – الانقاذ البحري، من إرغامها على فتح فمها من خلال التمسيد تحت ذقنها من أجل إطعامها بضع سمكات يجلبها صيادون خصيصا لها، وأكد أحدهم لـ greenarea.info “نحن لا نتفضل عليها بالطعام، وإنما نرد لها الجميل، فهي حارسة الشاطىء اللبناني مع ما تسديه من (خدمات) في الحد من انتشار قناديل البحر”، فيما قال آخر “إن السلحفاة البحرية فأل خير لمن يراها ويصادفها”.
وفي اطار المتابعة اليومية لموقعنا greenarea.info مع فريق الانقاذ البحري في الدفاع المدني حول الوضع الصحي للسلحفاة “لاكي”، تبين اليوم انها تتماثل للشفاء وان كان ببطء، وبدت حركتها أفضل، لكنها لا تزال غير قادرة على التهام طعامها بمفردها، لذلك يتولى هذه المهمة فريق الانقاذ البحري فيقوم بوضع السمك داخل فمها لاطعامه يوميا، كذلك الامر بالنسبة للدواء، وقام الفريق اليوم صباحا بإعطائها حقنة من المضاد الحيوي “سيفتازيديم” ceftazidime المخصص لعلاجها، وهو مضاد حيوي عبارة عن دواء مركب من الجيل الثالث من المضادات الحيوية، نصف صناعي ويشمل مجالا واسعا من الجراثيم، بعد أن قامت Animals Lebanon بتأمين الدواء ليل أمس.
تجدر الإشارة إلى أن السلاحف ذات الرأس الضخم (أكبر أنواع السلاحف البحرية) تعتمد على قناديل البحر في نظامها الغذائي (يصل استهلاك السلحفاة البالغة إلى ما يعادل 200 كيلوغرام يومياً)، وتساهم في الحفاظ على معدلات متوازنة منها، كما أن تزايد قناديل البحر يعني بالضرورة تناقص أعداد الأسماك بشكل عام حيث إن القناديل تعتمد على بيوض ويرقات الأسماك في غذائها، وبالتالي فإن تزايد أعدادها يعني القضاء على أعداد أكبر من الأسماك وهو ما يؤدي إلى إخلال بالسلسلة الغذائية ويلحق، بالتالي، ضرراً بالتنوع والتوازن البيولوجي للمنظومات الأحيائية.