إذا ما تتبعنا مسار عمل وزارة البيئة منذ سنة إلى الآن، نتيقَّن وبما لا يرقى إليه الشك أن “حامية البيئة” في لبنان باتت جزءا من أزمة، مع ما يرتسم من فضائح وما نعيش من كوارث، بدءاً من ملف النفايات، مرورا بموافقة الوزارة على تراخيص دراسة الأثر البيئي لمشاريع مشبوهة، وصولا إلى “سلحفاة الرميلة” التي تحمل عتبا على وزير البيئة بشفاعة جراحها، بعد أن ضنَّ عليها بمساعدة، وحتى بموقف متضامن.
وزارة فقدت هالة حضورها، وغدت بلا طعم ولا لون ولا رائحة، ولزوم ما لا يلزم، إلا في ما لوّح إليه الوزير في ذروة أزمة النفايات يوم تعالت الأصوات مطالبة باستقالته، من أن مثل هذا الأمر (الاستقالة) يحدث خللا في التوازن داخل الحكومة، أي انها باتت وزارة يعضدها عصب الطائفة أو المذهب، وقائمة بقوة التناقض السياسي بين مكونات الحكومة، كي لا يختل “التمثيل الطوائفي” لا أكثر!
وفي بعض الأمثلة، لا نعرف على وجه التحديد إلى ماذا استندت وزارة البيئة في موافقتها على دراسة الأثر البيئي لصالح مشروع جبالات الاسمنت ومنشآت لصناعة السيراميك الملوثة في عين دارة، في منطقة تعلو أكثر 1600 متر عن سطح البحر، وتعتبر خزان المياه الجوفية لأقضية ثلاثة (الشوف، عاليه والبقاع الأوسط)، أو كيف يوقع وزير على موافقة دون إيفاد خبراء وفنيين من الوزارة، أو دون أن يستطلع بنفسه الموقع، ما يثير علامات استفهام كثيرة حيال معاملات النائب نقولا فتوش، حين تسلك مسارا إداريا سلسا وتحظى بموافقة، ودائما تحت “سقف القانون” ومظلة من العلاقات محكومة بما يغدق فتوش من خيرات الذهب الأبيض (البحص) على حلقة كبيرة من المنتفعين ممن يتسنمون مواقع في مراكز القرار!
لن نسترسل في الأمثلة، وهي أكثر من أن توثق في مقالة وحتى كتاب، لكن من حقنا أن نسأل: كيف نظر العالم إلى وزير يحاضر في التخفيف من الانبعاثات ويقدم التزامات لبنان لمؤتمر باريس فيما لم نخطُ الخطوة الأولى في مسار اعتماد الطاقة المتجددة حتى الآن، ونعرقل مثل هذه المشاريع منذ أكثر من عشر سنوات؟ وكيف نظر العالم إلى وزير يحاضر في البيئة وبلده غارق في أزمة نفايات؟ وكيف يقدم التزامات لبنان لسنوات طويلة قادمة فيما هو استقال من التزام آني نعيش إلى الآن تبعاته مكبات عشوائية ومحارق؟
سوريالة المشهد، وما يتوالى من فصول الكوارث والفضائح، يؤكد أن وزارة البيئة لم تقدم إضافة تبرر وجودها، ولا أحدثت الفرق الذي كنا نأمله منها، منذ تأسيسها إلى الآن، وكأن جميع من توالى عليها من وزراء كبلتهم السياسة، كي لا نقول أنهم ارتضوا أن تظل وزارة البيئة جائزة ترضية حين تجتمع الطوائف على اقتسام الوزارات… والمغانم!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This