في معلومات وتوقعات صادمة، أشار عدد من علماء المناخ إلى أن الغطاء الجليدي سيزول ويتقلص إلى حدود كيلومتر واحد فقط، وقد يختفي نهائيا، وهذا ليس بجديد في ما تراكم من معلومات تنبىئ وتحذر من ذوبان الغطاء الجليدي، في ظل ما نشهد نتيجة تغير المناخ، وتفاقم ظاهر الاحترار العالمي، خصوصا وأن جُلَّ الدراسات تحدثت عن سيناريوهات مخيفة لما بعد العام 2100.
إلا أن الجديد في هذا المجال، وما يعتبر صادما ومخيفا في سياق تتبع مسارات التغير المناخي، ما ألمح إليه قبل نحو يومين علماء في “جامعة كامبريدج” University of Cambridge البريطانية من أن الغطاء الجليدي لـ “القطب الشمالي” Arctic، معرض للزوال كليا ما بين عامي 2030 و2050، أي أن تداعيات هذا الأمر ستظهر في غضون السنوات القليلة المقبلة.
انخفاض قياسي
وثمة مخاوف من ارتفاع درجة حرارة الأرض مع استمرار العوامل المؤدية لتغير المناخ، ما يعني أن تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري ستستمر بوتيرة أسرع. ففي معلومات خطيرة، قال البروفسور بيتر وادهمس peter wadhams “من جامعة كامبريدج” إن النصف الشمالي من الكرة الأرضية سيفقد غطاءه الجليدي كليا ما بين عامي 2030 و2050. وابتداء من شهر أيلول (سبتمبر) القادم، ستبدأ التشققات بالظهور وستكون أولى بوادر الذوبان.
وأوضح وادهمس، بالاستناد إلى بيانات الثلوج والجليد الصادرة عن “المركز الوطني الأميركي” أن المساحة القصوى للغطاء الجليدي في المنطقة القطبية الشمالية قبل 30 سنة كانت تقارب 12.7 مليون كيلومتر مربع، وفي عام 2016 تقلصت المساحة إلى نحو 1.6 مليون كيلومتر مربع.
وشهد الغطاء الجليدي في العام الماضي (2015) انخفاضا قياسيا بأكثر من ثلاثة ملايين كيلومتر مربع، وأشار وادهمس إلى أن ذوبان الجليد في المنطقة القطبية الشمالية سيؤثر على متوسط درجة حرارة الأرض، إذ سترتفع بأكثر من نصف درجة سنويا بصورة سيزداد معها الاحتباس الحراري.
اختفاء جليد القطب الشمالي
ووفقا للعلماء، فإن الأمور إذا ما سارت على هذا النسق فستتقلص مساحة الغطاء الجليدي إلى كيلومتر واحد فقط، وربما سيختفي كلياً.
ويقول البروفسور وادهامس Wadhams، وهو رئيس مجموعة الفيزياء للمحيط القطبي في “جامعة كامبريدج“: “لا زلت أتوقع اختفاء جليد القطب الشمالي“، وأضاف “بالفعل، لدينا مساحة تقل عن مليون كيلومتر مربع لشهر أيلول (سبتمبر) في هذا العام“.
تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة بسبب ذوبان الثلوج في القطب الشمالي وفقدان الجليد قد تتجاوز حدود التوقعات، وشارك بيتر Wadhams في تأليف دراسة تحسب أن انبعاث الميثان من قاع البحر من المحيط المتجمد الشمالي قد تسفر عن زيادة بمعدل 0.6 درجة مئوية في ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض في 5 سنوات.
وأشار وادهامس إلى “عاملين يساهمان في ارتفاع درجات الحرارة في العقد القادم، عامل albedo أي إنعكاس أشعة الشمس وعامل الميثان في قاع البحر، أما albedo فهو يعكس اشعة الشمس عن الأرض بسبب الغطاء الثلجي، وفي غيابه وبوجود الميثان من المتوقع ارتفاع درجة الحرارة في سيناريو المنخفض إلى 0،4 درجة مئوية أو 0.72 درجة فهرنهايت، وربما تصل إلى 2.7 درجة مئوية أو 4.9 درجة فهرنهايت في سيناريو عالي الإرتفاع في درجة الحرارة.
ارتفاع مستويات البحار
يعمل الغطاء الجليدي على الأرض كمرآة وقائية، ويعكس جزءا كبيرا من حرارة الشمس مرة أخرى إلى الفضاء، ويعمل على الحفاظ على برودة الكوكب. وفقدان الجليد لا يؤثر فقط على المناخ العالمي، ولكن من شأنه أن يرفع أيضا مستويات البحار ومعدل الفيضانات الإقليمي، وإلحاق أضرار بالممتلكات وتعريض حياة الملايين للخطر. كما أن ذوبان الجليد على نطاق واسع يهدد إمدادات المياه الرئيسية ويغير مواطن لكثير من الأنواع النباتية والحيوانية في العالم.
أما بعض التقارير الأكثر دراماتيكية فتأتي من المناطق القطبية، وتؤكد أن الاحتباس الحراري هناك أسرع مما هو قائم على مستوى الكوكب ككل، وقد فقدت كميات كبيرة من الجليد في العقود الأخيرة. فالجليد في القطب الشمالي يغطي مساحة تعادل تقريبا مساحة الولايات المتحدة، وقد تقلص بنسبة تقدر بـ 6 بالمئة بين عامي 1978 و 1996.
كما أصبحت طبقة جليد البحر القطبي الشمالي أيضا أقل سمكا بشكل كبير منذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وبين تلك الفترة ومنتصف التسعينيات، انخفض متوسط السماكة من 3.1 متر إلى 1.8 متر، بانخفاض قدره نحو 40 بالمئة في أقل من 30 عاما.
أما مسطح “غرينلاند الجليدي” وهو أكبر كتلة جليدية خارج القطب، مع أكثر من 8 بالمئة من كمية الجليد في العالم، فقد خفت سماكتها بأكثر من متر سنويا في المتوسط منذ العام 1993، على طول أجزاء من أطرافها الجنوبية والشرقية.